"أنصار دولة الخلافة" في إندونيسيا: نحن هنا

Members of the Indonesian Special Forces Police counter-terrorism squad walk by burned motorcycles following a blast at the Pentecost Church Central Surabaya (GPPS), in Surabaya, Indonesia May 13, 2018. REUTERS/Beawiharta
تفجيرات بثلاث كنائس في مدينة سورابايا أحدثت صدمة في الشارع الإندونيسي (رويترز)

علي صبري-الجزيرة نت

التفجيرات الثلاثة بمدينة سورابايا -في جاوا الشرقية- التي استفاقت عليها إندونيسيا اليوم بكثير من الغضب والقلق، تعيد إلى الأذهان سلسلة من الهجمات الانتحارية خلال العقد الماضي، وتبعث رسالة قوية إلى السلطات الإندونيسية بأن الجماعات المسلحة "الجهادية" لا تزال قوية وقادرة على الضرب بعد سنوات طويلة من إقرار قانون مكافحة الإرهاب، وتسخير إمكانيات ضخمة قانونية وعسكرية وأمنية لهذا الغرض.

التفجيرات المتتالية زمنيا استهدفت ثلاث كنائس في مدينة سورابايا، ثاني أكبر المدن الإندونيسية بعد العاصمة جاكرتا، ويسكن المدينة ثلاثة ملايين نسمة، نحو 20% منهم مسيحيون، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها المدينة هجمات تستهدف الكنائس، وإن كانت تفجيرات استهدفت كنائس في جاوا الشرقية عام 2000، وهجمات محدودة وصغيرة ضد كنائس في 2016.

الهجوم الأكبر استهدف كنيسة "سانتا ماريا"، وهي أسست عام 1958، ووقع التفجير فيها الساعة 7:10 صباحا بالتوقيت المحلي، في توقيت دقيق؛ حيث يجتمع الفوج الذي أنهى الصلاة المبكرة والفوج الذي يبدأ الصلاة الساعة 7:30، وبذلك يتجمع أكبر عدد من المصلين، بهدف إسقاط أكبر عدد من الضحايا في التفجير، ولذلك سقط ما مجموعه 17 قتيلا و41 جريحا.

وإثر الهجوم الثلاثي أعلن حاكم جاكرتا أنيس باسويدان نشر أكثر من 36 ألف شرطي ورجل أمن في العاصمة لتأمينها، وتوفير الشعور بالأمن للسكان. وقال في حديثه للإعلام "إن الإرهاب عمل جبان وهو غير مقبول من قبل أن دين، وليس لمنفذي هذه الهجمات أي أجر أو حظ بالجنة".

 

توقيعات تضامن ومواساة على ملصق لضباط الشرطة الذين قتلوا في أحداث شغب في سجن شديد الحراسة في جاوا الغربية (رويترز)
توقيعات تضامن ومواساة على ملصق لضباط الشرطة الذين قتلوا في أحداث شغب في سجن شديد الحراسة في جاوا الغربية (رويترز)

أصابع الاتهام
تشير تقديرات خبراء الإرهاب في إندونيسيا إلى ارتباط هجمات سورابايا بأحداث شغب وقعت في سجن للشرطة المقاتلة في مدينة ديبوك في جاوا الغربية، حيث تمرد عناصر من جماعة "أنصار دولة الخلافة" في السجن احتجاجا على خدمات السجن وسوء المعاملة، ووقعت اشتباكات بين الشرطة والسجناء، وقام السجناء بإعدام خمسة من ضباط الشرطة بعد أن احتجزوهم وجردوهم من أسلحتهم. ويعتقد بأن هذه المجموعة من المعتقلين ينتمون لتنظيم الدولة لأن وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم بثت خبر أحداث السجن فور وقوعها، ولاحقا أعلن التنظيم تبني أحداث السجن.

ويشير مراسل الجزيرة في إندونيسيا صهيب جاسم إلى أن أنصار الدولة هم توليفة من 21 خلية تحمل "الفكر الجهادي" وزعيمها يدعى أمان عبد الرحمن، وهو الآن في قبضة الشرطة، ويحاكم على خلفية تفجيرات تامرين في قلب الحي التجاري وسط جاكرتا. وكان الهجوم أودى بحياة أربعة من المارة، وقتل أربعة من منفذي الهجوم، وتجري محاكمة عبد الرحمن بتهمة تسخير آخرين للقيام بأعمال عنف تخضع لقانون مكافحة الإرهاب، وقد يواجه حكم الإعدام في حال إدانته.

وحسب قناة "نيوز آسيا"، فإن عبد الرحمن يقود جماعة "أنصار الدولة" التي تعتبر واجهة لنشاط تنظيم الدولة في إندونيسيا، وحكم عليه عام 2005 بالسجن سبع سنوات في قضية حيازة مواد متفجرة، وقبلها بعام اعتقل بعد انفجار عبوة ناسفة في منزله في منطقة ديبوك في جاوا الغربية. وفي عام 2009 حكم عليه بالسجن تسع سنوات بعد إدانته بتمويل وتدريب مجموعات "إرهابية" في إقليم آتشية.

تفجيرات سورابايا تعيد للأذهان سلسلة من التفجيرات القوية التي نفذتها الجماعة الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة (رويترز)
تفجيرات سورابايا تعيد للأذهان سلسلة من التفجيرات القوية التي نفذتها الجماعة الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة (رويترز)

الجماعة والأنصار
نقلت صحيفة "جاكرتا بوست" عن سيدني جونز الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية والخبيرة في الشؤون الإندونيسية، أن المهاجمين ربما كانوا متأثرين بفكر تنظيم الدولة، لكنهم غير مرتبطين عضويا بالتنظيم، ولم يتلقوا أمرا مباشرا منه لتنفيذ الهجوم.

وتعتقد جونز بأن تفجيرات سورابايا لا ترتبط بالجماعة الإسلامية، وهي شبكة تمثل فرع تنظيم القاعدة في جنوب شرق آسيا. وعرفت الجماعة بقدرتها على تصنيع قنابل متطورة وقوية الانفجار، كالتفجيرات التي نفذتها خلال العقد الماضي، مثل تفجير احتفالات رأس السنة عام 2000 في جاكرتا، وتفجير النادي الليلي في بالي عام 2002، وتفجير فندق ماريوت في جاكرتا عام 2003، وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا عام 2004، وكلها كانت تفجيرات قوية وأوقعت عددا كبيرا من القتلى.

ويعتقد رضوان حبيب، الأكاديمي في جامعة إندونيسيا والخبير في شؤون الإرهاب، بأن عناصر أنصار الدولة قادرين على تصنيع المتفجرات بشكل جيد، لأن قائد الجماعة السابق "بحر النعيم" كان خبيرا في تصنيع العبوات الناسفة، وكان يقوم بتدريب أتباعه على تصنيع المتفجرات.

ويعتقد خبراء أمنيون إندونيسيون بأن بحر النعيم انتقل إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة، وذكرت تقارير غير مؤكدة أنه قتل هناك.

وحول الفرق بين الجماعة الإسلامية وأنصار الدولة يعتقد حبيب بأن الجماعتين تجمعهما الكثير من الأفكار والقناعات، لكنهما يختلفان حول طبيعة الأهداف التي يجب أن يهاجموها؛ ففي حين ترى الجماعة الإسلامية أنها يجب أن تحصر هجماتها ضد غير المسلمين والمسؤولين الأجانب، لأن الاعتداء على المسلمين لا يجوز شرعا، يرى أنصار الدولة أن المسؤولين الحكوميين أهداف مشروعة، خاصة رجال الشرطة.

المصدر : الجزيرة