مايو 2018.. سبعينية النكبة وحروب ترامب

مدونات - القدس
يتوقع أن يتم نقل السفارة الأميركية إلى القدس منتصف الشهر الجاري (ناشطون)

أمين محمد حبلا

جاء شهر مايو/أيار 2018 لا كما يأتي تشرين، إذ العالم في هذا الشهر ليس على موعد مع الهوى ولا للربيع، خصوصا في المنطقة العربية، حيث جاء والعالم يحبس أنفاسه لمعرفة ما سينجلي عنه غبار قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتوقعة والتي توصف بالحاسمة.
 

ستشمل قرارات ترامب المنتظرة قضايا وملفات ذات أثر عميق على الأمن والاستقرار في مختلف أرجاء العالم، وينتظر أن تتطاير شظاياها وتمتد تداعياتها إلى بلدان وقارات عدة.

ومنذ مقدم ترامب قبل أزيد من عام، تعيش سفينة العالم حالة من الاضطراب بفعل قرارات كثيرة اتخذها الرجل وأثارت ضجيجا وتباينا واسعا بشأنها داخل وخارج الولايات المتحدة، كما هزت تصريحاته المثيرة والخارجة في أحيان كثيرة عن السياقات الدبلوماسية والأعراف السارية قواعد التعامل الدبلوماسي بين القادة والدول.

ومن أهم وربما أخطر القرارات المنتظرة على جدول أعمال رئيس كبرى دول العالم ما يلي:

نقل السفارة الأميركية إلى القدس
أكد مسؤولون أميركيون مؤخرا عزم الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس يوم 14 مايو/أيار الجاري، ويحمل اختيار هذا التاريخ دلالة رمزية لأنه يتزامن مع ذكرى تأسيس إسرائيل، وقد أوضح أحد المسؤولين الأميركيين أن السفارة ستنقل إلى مبنى خاص بالأنشطة القنصلية في حي أرنونا بالشطر الغربي من القدس المحتلة إلى حين تجهيز مبناها الجديد.

وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت في بيان "نحن في غاية السرور لقيامنا بهذا التقدم التاريخي، وننتظر بفارغ الصبر الافتتاح في مايو/أيار" الجاري.

كما سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإشادة بالقرار الأميركي، ووصفه بأنه "يوم عظيم لشعب إسرائيل"، وقال إنه "سيحوّل الذكرى السبعين لاستقلال إسرائيل إلى احتفال وطني أكبر"، موجها الشكر إلى ترامب ومثنيا على "قيادته" و"صداقته".

وكان ترامب اتخذ قرارا يوم 6 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي يعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، وقرر نقل السفارة من تل أبيب إليها.

الانسحاب من الاتفاق النووي
وقبل يومين من التنفيذ المتوقع لقرار نقل السفارة إلى القدس، سيكون على الرئيس ترامب أن يتخذ قرارا لا يقل إثارة وربما تكون له هو الآخر تداعيات ذات أثر بالغ على السلم والاستقرار في المنطقة، ويتعلق الأمر بقراره المنتظر بشأن الاتفاق النووي مع إيران.

ويدرس ترامب ما إذا كان سيتخلى عن مهلة منحها للحلفاء الأوروبيين غايتها 12 مايو/أيار الحالي لإصلاح الاتفاق النووي الإيراني الذي يراه معيبا بشدة، إذ سيقرر في هذا التاريخ بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة بين إيران والدول الكبرى الست (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا)، غير أنه من المرجح أن يقرر سحب بلاده من الاتفاق تمهيدا لإعادة فرض عقوبات على طهران على خلفية برنامجها النووي.

لقاء الزعيم الكوري
كما يترقب العالم في هذا الشهر أيضا انعقاد قمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون قبل نهاية مايو/أيار الجاري.

وقال ترامب في تصريحات سابقة إن محادثاته المزمعة مع كوريا الشمالية قد تنتهي بالفشل أو تؤدي إلى "أعظم اتفاق للعالم"، مما يزيل التوتر بشأن برنامج بيونغ يانغ النووي. وأضاف "أعتقد أنهم يريدون صنع السلام. أظن أن الوقت حان"، مشيدا بضبط النفس الذي تحلت به بيونغ يانغ عقب الإعلان عن اجتماع محتمل بينه وبين زعيمها كيم جونغ أون.

وبين هذا وذاك، يتوقع أيضا أن تحدث مزيد من التطورات على جبهة التحقيقات الداخلية التي تخنق ترامب وتقترب من رقبته والتي يقودها المحقق الفدرالي مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.

حروب وسلام
شهر حروب أم سلام إذن؟ الراجح أن ما بعد مايو/أيار 2018 لن يكون كما قبله، فبينما يسعى ترامب لتخفيف التوتر على جبهة كوريا الشمالية يبدو أنه يستعد لإشعال حرائق في منطقة لم تنطفئ حرائقها منذ غزت بلاده العراق قبل قرابة نحو 15 عاما.

لا أحد يعرف على وجه اليقين ما الذي يجعل ترامب يختار هذا الشهر لأهم قراراته "الكبيرة"، ولماذا قرر أن يلقي بها دفعة واحدة في هذا الشهر الذي أصبح مزدحما بالأجندة الكبيرة؟

فبالإضافة إلى الأجندة السابقة، كان يفترض أيضا أن يتم عقد قمة خليجية أميركية لتسوية الأزمة الخليجية التي اندلعت أواخر مايو/أيار 2017، بعد زيارة قام بها الرئيس ترامب في الشهر ذاته إلى السعودية، حضر خلالها قمة أميركية إسلامية بالرياض.

واستهل ترامب بزيارته تلك إلى الرياض (مايو/أيار 2017) أول جولة خارجية له اختتمها بالفاتيكان مرورا بإسرائيل، وقبل يوم واحد من مايو/أيار الجاري اختتم وزير خارجيته الجديد أول جولة خارجية له استهلها من السعودية أيضا واختتمها بالأردن مرورا بإسرائيل، واسطة العقد في جولات القادة الأميركيين.

وفي الشهر الماضي أيضا أقال ترامب المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، الذي تحوّل لاحقا إلى شبح يقض مضاجع ترامب، خصوصا بعد أن نشر مذكراته التي نالت بشكل بالغ من الرئيس ترامب، ووصفه فيها بأنه "رجل كذاب بالفطرة وأناني وغير أخلاقي".

سبعينية النكبة
منتصف شهر مايو/أيار الجاري أيضا تكتمل سبعون سنة على نكبة فلسطين، سبعينية الألم هذه تضيف ترنيمة جديدة إلى مواويل الشتات الفلسطيني، إذ تأتي في ظلال "صفقة القرن" الساعية إلى إنهاء أمل المشردين الفلسطينيين في العودة إلى أوطانهم.

كما تحمل على عاتقها إنهاء علاقة فلسطين بالقدس، وعلى الضفاف الأخرى تحمل أنظمة عربية متعددة مع ترامب وزر الصفقة المذكورة، وتتحمل هي لوحدها التكاليف المالية لأكثر صفقات القرن إضاعة للحق والمال العربيين.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية