هؤلاء سحرتهم لغة الضاد

الصورة الجماعية - فعاليات اليوم الثاني من البطولة الدولية للمناظرات المدارس باللغة العربية
جاؤوا من 50 دولة للمشاركة في مناظرات قطر للمدارس (الجزيرة)

سيدي أحمد زروق-الدوحة

اختلفوا في كل شيء، الألوان والألسن والأعراق وتجارب الحياة، لكنهم اتحدوا في عشقهم للغة الضاد وشغفهم بها، غير أنهم اليوم اجتمعوا عربا وعجما يقرعون الحجة بالحجة بلسان عربي مبين ضمن مناظرات لا نظير لها ينظمها مركز مناظرات قطر.

فتراهم في مجموعات صغيرة يتهامسون بينهم، كل حزب بما لديهم فرحون، كل فريق يحضر نفسه للمنازلة بطريقته الخاصة.

ففريق يكتب في أوراقه كلمات وجملا ونصوصا يلفت انتباهك تشكيل كل حروفها فلا مجال للخطأ، وفريق يردد نصوصا تخالها قبل اقترابك منهم ترانيم من كلمات مصفوفة منمقة، ثم تتذكر أنهم تعودوا على تجويد لغة القرآن بغض النظر عن النص أو المضمون، وثالث في عجلة من أمره يبحث في محرك البحث عن ترجمة هذه الكلمة إلى العربية أو نطقها.

وبين هؤلاء وهؤلاء مَن دوّنوا أفكارهم بأحرف أخرى غير العربية، فيعجبك فيهم تجشم عناء نطق بعض الحروف التي لا توجد في لغاتهم الأم.

إنهم ليسوا عربا ويحضّرون أنفسهم للمناظرة المرتقبة، وترى أترابهم من الدول العربية يموجون ويتبخترون بثقة تحوي أحيانا غرورا غير مبرر، وإن كان بعضهم عاكفا كغيره من غير العرب على التمرن والتحضير غير آبه بما يدور حوله من صخب.

في قاعات المناظرات
وفجأة تهدأ تلك القاعة الكبيرة التي كان الجميع منتشرا في أرجائها، فالكل توجه إلى قاعات المناظرة حيث تنتظرهم لجان التحكيم لعرض ما لديهم، بعد أن حُدِّد لهم سلفا موضوع المناظرة.

ولا تخطئ العين سعادة روحية تغشى الوجوه، وفرحة غامرة تكسب الألسنة طلاقة، والجمل رشاقة، فالشوق والمحبة يعوِّضان من أزرى به البعد عن منابع اللغة ومرابع قيس وتميم.

فهذا فريق الموالاة -وهو من النيباليين- في قضية حلقة اليوم "سيضع هذا المجلس سقفا لرواتب اللاعبين العالميين" يورد أدلته المؤيدة لهذا الطرح، فلماذا تصرف هذه المبالغ الهائلة على لاعبين عالميين بدلا من إنفاقها عل تطوير لاعبين محليين؟ ألا ينبغي أن يكون اللعب رغبة وشوقا وليس لدواع مادية؟

ولا يتأخر رد فريق المعارضة المكون من فتيات تايلنديات يشارك بلدهن للمرة الأولى، حيث تحدد المتحدثة باسم الفريق محورين -أحدهما اقتصادي والآخر اجتماعي- لدحض حجة الخصم، فعلى من يريد الفوز أن يكون مستعدا للدفع مقابل ذلك، وعلى من يودون الاستمتاع أن يتقبلوه.

الكل يريد دوره في الأستوديو التفاعلي (الجزيرة)
الكل يريد دوره في الأستوديو التفاعلي (الجزيرة)

ولا تكاد المناظرة تنتهي حتى ترى المشاركين يتوافدون على المعرض المصاحب لهذه التظاهرة، يتفرجون على جناح التراث القطري ليتوجهوا بعد ذلك إلى جناح قناة الجزيرة، الراعي الإعلامي لهذه التظاهرة، حيث يتابعون عرضا عن موقع الجزيرة لتعليم اللغة العربية.

لكن ما يشد الكثير منهم هو الأستوديو التفاعلي الذي نصبته الجزيرة في وسط القاعة الكبيرة، فكل يريد أن يعيش تجربة التقديم التلفزيوني أو المشاركة في برنامج تلفزيوني، وهكذا يجد بعضهم ضالته هنا، ليأخذ بفرح قرْصًا سجلت عليه مداخلته، وليبدأ الجميع بعد ذلك التحضير للجولة التالية من المنافسة، يحدوهم الأمل أن يكونوا أصحاب الحظ السعيد.

المصدر : الجزيرة