السعودية بين "فستق" ترمب و"رز" السيسي

U.S. President Donald Trump holds a chart of military hardware sales as he welcomes Saudi Arabia's Crown Prince Mohammed bin Salman in the Oval Office at the White House in Washington, U.S., March 20, 2018. REUTERS/Jonathan Ernst
الأمير محمد بن سلمان قابل وصف ترمب لصفقات الأسلحة بلامبالاة (رويترز-أرشيف)
محمد النجار-الجزيرة نت

تثير مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسعودية بأن تدفع تكاليف بقاء قوات بلاده في سوريا بعد قرار سحبها؛ أسئلة عن نظرة أهم حليف دولي لها، حيث سبق له أن وصف بعض صفقاتها بأنها مجرد "فستق" مقارنة بحجم ثروتها، وقبله كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصف أموالها بأنها مثل "الرز".

وقال ترمب أمس الثلاثاء إنه يريد سحب قوات بلاده من سوريا، وقال إن السعودية مهتمة جدا ببقاء قوات بلاده هناك، وتابع "قد قلت لهم: إذا كنتم تريدون أن نبقى فربما يتعين عليكم أن تدفعوا".

 

وكان ترمب حدد قبل أيام المبلغ المطلوب من السعودية لبقاء قوات بلاده في سوريا بأربعة مليارات دولار، وبعد هذا التحديد تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة صحفية عن الحاجة لبقاء القوات الأميركية في سوريا لمواجهة "النفوذ الإيراني".

 
وصيغة "عليكم أن تدفعوا" ليست جديدة في لغة سيد البيت الأبيض تجاه السعودية، وسبق له أن استخدمها في حديثه عنها، لدرجة أن محللين كثرا اعتبروا أن ترمب لا زال يتعامل مع المملكة كملياردير يطبق خبراته التجارية معها، التي أورد بعضها في كتابه "فن الصفقة"، أكثر من حديثه عنها باعتبارها الحليف العربي الأبرز لواشنطن في المنطقة.
 

ثروة السعودية
وخلال استقباله ولي العهد السعودي في البيت الأبيض نهاية الشهر الماضي، طالب ترمب الأمير محمد بن سلمان بشكل واضح بأن تعطي المملكة بلاده "بعضا من ثروتها".

 
وقال "السعودية دولة ثرية جدا، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضا من هذه الثروة كما نأمل، في شكل وظائف، وفي شكل شراء معدات عسكرية".
 

وبشكل لم يسبق لترمب استخدامه مع أي مسؤول قابله في البيت الأبيض، عرض ترمب لوحات تحتوي على صور وأرقام تمثل قيمة صفقات السعودية مع بلاده، التي بلغت خلال رحلته الأولى للرياض العام الماضي نحو خمسمئة مليار دولار.

 
وعن إحدى الصفقات التي بلغت قيمتها 525 مليار دولار أميركي، قال ترمب "هي مجرد حبات فول سوداني بالنسبة لكم"؛ الأمر الذي رد عليه ابن سلمان بالضحك.
 

في مقال له اليوم الأربعاء في صحيفة الغد الأردنية، وصف وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر مشهد استقبال الأمير محمد بن سلمان، وما رافقه من عرض لافتات كبيرة تظهر حجم العقود الموقعة مع السعودية؛ بالطريقة "الاستعراضية والفجة" التي "لا تسر أي عربي".

700 مليار دولار
وخلال الزيارة نفسها، كشف عن توقيع السعودية والولايات المتحدة اتفاقات تبلغ قيمتها نحو مئتي مليار دولار، ليصل مجموع ما حصله ترمب من حليفته العربية الأهم نحو سبعمئة مليار دولار خلال أقل من عام من وصول محمد بن سلمان لمنصب الرجل الثاني في السعودية، وقبل جلوسه على عرش المملكة خلفا لوالده الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز.

 

وبعد عودته من الرياض في مايو/أيار العام الماضي، صرح ترمب -تعليقا على الصفقات التي حصلها من السعوديين- قائلا "وظائف.. وظائف.. وظائف". في حين كتبت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز عن أن الولايات المتحدة وقعت مع السعودية أعظم صفقة تسليح في تاريخها، بلغ مقدارها أكثر من 109 مليارات دولار.

 
وسبق لترمب أن أعلن رغبة بلاده في أن تطرح السعودية أسهم شركة أرامكو بقيمة قد تصل لمئة مليار دولار في بورصة نيويورك، على الرغم من تحذيرات مستشارين للسعودية عن مخاطر هذا الطرح من الحجز على هذه الأسهم من قبل ضحايا أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 استنادا إلى قانون جاستا.
 
ومنطق "الصفقات" الذي يتحدث به ترمب لم يبدأ مع وصوله للبيت الأبيض، حيث تحدث عن السعودية بالمنطق ذاته خلال حملته الانتخابية عندما وصفها "بالبقرة الحلوب".

وأدت سلسلة الأوصاف هذه من ترمب عن السعودية لتداول نشطاء غربيين وعرب مقطعا مركبا من عدد كبير من خطاباته يتحدث فيه عن المليارات، كلغة وحيدة يفهمها الملياردير الذي بات سيدا للبيت الأبيض.

 

رز السيسي
ولا ينفرد ترمب بالنظر للسعودية باعتبارها "البقرة الحلوب"، حيث سبقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصف أموال السعودية بأنها مثل "الرز".

 
وقال السيسي في تسريب صوتي له مع مدير المخابرات الحالي ومدير مكتبه عباس كامل أنه لا يفضل أن يحصل من السعودية على ما وصفها "بالفكة". في إشارته إلى مبالغ تتراوح بين "ثلاثين وأربعين" مليون جنيه مصري، وأنه يريد منهم دعما أكبر، على الرغم من أن بلاده حصلت على مليارات الدولارات من السعودية ودول الخليج منذ وصوله للحكم عبر انقلاب عسكري عام 2013.
 

وبين مشهدي "الفستق" و"الرز" اللذين يرى ترمب والسيسي السعودية بهما، تبرز تقارير اقتصادية عديدة تتحدث عن حجم البطالة المتفشي في السعودية اليوم، وكيف بات أكثر من نصف السعوديين بحاجة للمساعدات التي باتت حكومتهم تشغلهم بالحصول عليها، بالرغم من حجم الأموال التي ظهرت في صفقات الأمير محمد بن سلمان مع ترمب.

 
لدرجة أن بعض المحللين باتوا يشككون في قدرة الرياض على توفير التمويل اللازم لرؤية 2030 التي يعتبرها الأمير السعودي الشاب برنامجه الذي يقدمه كحاكم قادم للمملكة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الأردنية