ما السر في هجوم ترمب على أمازون؟

ترامب يشن هجوما جديدا على "أمازون" بسبب الضرائب.
أول تغريدة غردها الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الصباح انتقدت عملاق البيع بالتجزئة على الإنترنت شركة "أمازون" التي تكبد -بحسبه- الخزينة الأميركية "مليارات الدولارات" نتيجة "تهربها الضريبي". وبالأمس حضرت الشركة مرة في تغريدة لترمب رأى فيها أن "الحمقى فقط يقولون إن البريد الأميركي يحقق أرباحا" بسبب تعامله مع "أمازون".

قد يبدو للوهلة الأولى أن دافع الرئيس الأميركي موضوعي بحت وهو يشكو "خسائر" البريد من أمازون، وتهرب الأخيرة من الضرائب. لكن قراءة سياسية لتلك التغريدات وربطها بصحيفة واشنطن بوست التي يمتلكها نفس مالك شركة أمازون جيف بيزوس، وموقف الصحيفة من سياسات الرئيس "الفاشلة"، ترفع من احتمالات وجود دوافع أخرى بعيدة عن الموضوعية.

ففي هجومه على شركة أمازون، اختار ترمب أن يعبر عن قلقه من نموها على حساب تجار التجزئة التقليديين والمتاجر الصغيرة التي يجب أن تدفع ضرائب المبيعات المحلية وعلى مستوى الولاية في النطاق القضائي الذي يتواجدون فيه.

ووفقا لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فإن الشركة وإن استفادت من إعفاء من تلك الضرائب على مدار سنوات لأنه لا تتواجد ماديا في بعض تلك النطاقات القضائية، فإنها واجهت مع نمو معاملاتها ضغوطا أكثر لفرض ضرائب مبيعات على عملائها، وبدأت بالفعل تحصيل ضريبة المبيعات على البضائع التي تبيعها مباشرة للمستهلكين في الولايات التي توجد فيها الضرائب.

تغريدات الرئيس الأميركي المهاجمة لعملاق البيع بالتجزئة على الإنترنت اعتبرها مراقبون "قرصة أذن" كلفت العملاق الاقتصادي كثيرا، ففي أغسطس/آب الماضي كتب ترمب على حسابه في تويتر أن أمازون "تلحق ضررا كبيرا بتجار التجزئة دافعي الضرائب"، لتخسر الشركة في فترة وجيزة قرابة 5.7 مليارات دولار من قيمتها السوقية.

وفي أواخر مارس/آذار الماضي، هبطت أسهم أمازون بنحو 5% مبددة نحو 30 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة بعدما ذكر موقع الأخبار "أكسيوس" أن الرئيس "مهووس" بعملاق قطاع التكنولوجيا ويريد كبح نفوذه لأنه لا يدفع ضرائب كافية.

ترمب انتقد مرارا صحيفة 
ترمب انتقد مرارا صحيفة "واشنطن بوست" ووصفها بالكاذبة(الجزيرة)

رئيس مهووس
وعاد ترمب مع بداية الشهر الجاري إلى "هوسه" من جديد وبشكل أكثر قوة، واختار هذه المرة زاوية أخرى لهجومه على أمازون، إنها بحسبه شركة "تحتال" على الخدمة البريدية وتستفيد من "خدمة تفضيلية".

ومن الأرقام التي قدمها ترمب في تغريدته أن "خدمة البريد تخسر ما قيمته 1.5 دولار عن كل طرد تسلمه أمازون، أي ما مجموعه مليارات الدولارات".

وحتى يكون هجومه أشد إيلاما ولربما وسيلة ضغط على بيزوس مؤسس ومدير أمازون والرجل الأغنى في العالم، طرح ترمب -بنبرة أقرب إلى التهديد- فكرة رفع تسعرة نقل طرود أمازون، وقال "إذا رفع البريد تعرفة أسعاره للطرود فإن تكاليف الشحن بالنسبة لأمازون سترتفع 2.6 مليار دولار.. هذا الاحتيال عبر مكتب البريد يجب أن يتوقف.. يجب أن تسدد أمازون التكاليف الحقيقية (والضرائب) الآن!".

وقبل أن يجف حبر التغريدة الأخيرة، خسر عملاق التجارة الإلكترونية 3.9% من قيمة أسهمه لتنضاف إلى الخسائر السابقة التي سببها الرئيس الأميركي.

‪الأمازون تكبد خسائر فادحة نتيجة تغريدات ترمب (رويترز)‬ الأمازون تكبد خسائر فادحة نتيجة تغريدات ترمب (رويترز)
‪الأمازون تكبد خسائر فادحة نتيجة تغريدات ترمب (رويترز)‬ الأمازون تكبد خسائر فادحة نتيجة تغريدات ترمب (رويترز)

الصحيفة "الكاذبة"
منذ أيام حملته الانتخابية ثم بعد توليه الرئاسة، لم يعجب الخط التحريري لصحيفة "واشنطن بوست" ترمب الذي ظل يصب عليها جام غضبه، وظل هو مادة مفضلة ودسمة في تقاريرها.

الصحيفة التي ساهمت في تشكيل الرأي العام الأميركي لعقود طويلة واشتهرت بإثارة قضايا سياسية أشهرها فضيحة "ووترغيت"، كان الرئيس الأميركي فأل خير عليها حيث فازت العام الماضي بجائزة بوليتزر -أرفع جوائز الممنوحة للصحفيين في الولايات المتحدة– على تحقيق أنجزته انتقد تبرعات ترمب للجمعيات الخيرية.

كما نشرت الصحيفة تقريرا بداية العام قالت فيه إن ترمب يقود أميركا إلى الانهيار، أتبعته بتحليل آخر رأى أن أميركا أصبحت معزولة وتراجع دورها في العالم بعد عام على تولي "المستبد" الرئاسة فيها، قبل أن تقيمّ تغريداته بأنها كثيرا ما تكون "سخيفة ومهينة"، وأنه يستخدم تويتر لزرع بذور الارتباك والغضب.

لم يقف ترمب موقف المتفرج إزاء ما يراه سياسة تحريرية معادية من الصحيفة والقائمين عليها، فكان أن تكرر حضور "واشنطن بوست" في تغريداته، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعملاق البيع بالتجزئة على الإنترنت، فالصحيفة يمتلكها جيف بيزوس، وهو أيضا مؤسس أمازون ومديرها التنفيذي.

وضمن تصفية حساباته السياسية وبشكل "اقتصادي"، دعا ترمب إلى تسجيل الصحيفة على أنها "جهة ضغط رسمية" ضمن اللوبي الذي يدافع عن شركات بيزوس ومصالحه وفي مقدمتها أمازون، وقال إن الفرقة المكلفة حاليا بحشد التأييد لأمازون "لا تتضمن واشنطن بوست الكاذبة".

واشنطن بوست:
أمازون لا تمتلك واشنطن بوست، ومع ذلك يحاول الرئيس إقناع الجمهور بالعكس لدرجة وصفه الشركة أكثر من مرة بأنها أمازون واشنطن بوست

إجراءات عقابية
وقال ترمب -وهو يلمز بالصحيفة الأميركية- "أمازون واشنطن بوست -التي يشار إليها أحيانا بأنها راعية أمازون- لا تدفع ضرائب الإنترنت".

ردت "واشنطن بوست" -التي يملكها بيزوس من خلال شركة قابضة لا ترتبط بشركة أمازون- على تغريدات الرئيس الأخيرة المهاجمة لها ولأمازون سريعا، وقالت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني إن "أمازون لا تمتلك واشنطن بوست، ومع ذلك يحاول الرئيس إقناع الجمهور بالعكس لدرجة وصفه الشركة أكثر من مرة بأنها "أمازون واشنطن بوست".

تغريدات ترمب حضرت في تقرير لشبكة سي.أن.أن الأميركية التي علقت على الموضوع بالقول إن الرئيس يستغل خصومته السياسية مع صحيفة "واشنطن بوست" المملوكة لبيزوس في اتخاذ إجراءات عقابية تؤثر على مصالح الأخير في سوق الأسهم الأميركية.

وذكرت الشبكة أن "بصمات" الرئيس ترمب كانت وراء عمليات البيع في سوق الأسهم خلال الساعات الماضية بسبب هجومه الصاخب على شركة "أمازون".

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + وكالات