سعف النخيل.. زينة لمنازل الأغنياء والفقراء بمصر

epa04165603 Egyptian vendors sell palm as eastern Christians celebrate the Palm Sunday, at Heliopolis district, Cairo, Egypt, 13 April 2014. Palm Sunday for Roman Catholic devotees symbolically marks the biblical account of the entry of Jesus Christ into Jerusalem, signaling the start of the Holy Week before Easter. EPA/KHALED ELFIQI
باعة خوص يعرضون بضاعتهم في القاهرة (الأوروبية)

رغم خشونة ملمسه، تمسك أناملها سعف النخيل بانسيابية شديدة، وكأنها أم تضفّر شعر صغيرتها، لتصنع منه أواني وسلالاً تزين منازل الأغنياء والفقراء في مصر.

وبينما تجلس ليلى محمد سعيد (45 عامًا) أمام منزلها، وبجوارها سعف النخيل وقش الأرز، تقوم بصناعة الأطباق والأواني المختلفة ببراعة، تذكر أنها ورثت المهنة عن أمها وجدتها، كما أنّ والدها وجدها كانا يعملان في نفس المهنة.

مهنة "الخواصة" أو تصنيع الأواني والسلال من سعف النخيل، حوّلت قرية الإعلام بمحافظة الفيوم وسط مصر إلى خلية نحل تعمل ليل نهار لتوفير الكميات المطلوبة.

كما أنها قضت على البطالة بالقرية تماماً، حيث أصبحت مهنة الكبار والصغار الرجال منهم والنساء، الذين يبيعونها للفنادق التي تقدمها هدايا للنزلاء، ولتزيين منازل وحدائق فيلات الأثرياء، ولا يخلو من منتجاتها أي منزل ريفي بسيط.

وصناعة الخوص من أقدم الحرف اليدوية في مصر، حيث استخدمها المصري القديم في صناعة الأواني والأطباق، ثم توارثتها الأجيال حتى يومنا هذا، لكنها لم تعد مشهورة إلا في الفيوم (وسط) وأسوان (جنوب) والعريش (شمال شرق) وسيوة والفرافرة (غرب) ورشيد (شمال).

وقالت ليلى إن صناعة الخوص تقوم على تجميع أوراق سعف النخيل وتضفيرها باليد وربطها بقش الأرز، حتى يتم الانتهاء من إعداد الشكل المطلوب، ثم تترك في الشمس لتجف وتأخذ اللون الأبيض، كما يمكن تلوينها بألوان كثيرة تُكسبها شكلاً جمالياً.

وأشارت إلى أنّ صناعة الخوص في القرية بدأت قبل قرن من الزمان حيث تعلّم أحد أهالي القرية تصنيع السعف من أقاربه في أسوان، وبدأ هو بدوره تعليمها للأهالي حتى انتشرت بينهم واشتهرت القرية بها، وأصبحت تصدر منتجاتها إلى عدة دول منها الإمارات والسعودية وبلجيكا وقبرص.

الخوص أنظف من الأواني البلاستيكية
الخوص أنظف من الأواني البلاستيكية

القضاء على البطالة
ووفقًا للسيدة الأربعينية، فإن الخوص تُصنع منه الأواني والأطباق التي تعد أفضل من الناحية الصحية وأنظف من البلاستيك، لأنه يؤخذ من سعف النخيل والبردي وقش الأرز، ويتم تنظيفه جيدا ولا تدخل في صناعته أي مواد صناعية أو كيميائية.

وأضافت "نحرص دائمًا على ابتكار أشكال جديدة من سعف النخيل، سواء بتغيير شكل تصميمها أو إدخال ألوان فيها، كي تواكب العصر وتجذب المواطنين، حتى أصبحت الفنادق الكبرى تطلب منا عمل حقائب وهدايا لتُقدمها لنزلائها، بالإضافة إلى ديكور المنازل".

وطبقاً لليلى، فإن صناعة سعف النخيل تزدهر مطلع فبراير/شباط وحتى نهاية أبريل/نيسان من كل عام، لأنّه موسم تلقيح النخل حيث يكون السعف غزيراً وليناً وطيِّعاً مما يساعد في تشكيله وتصنيعه.
وعن الأسعار التي تُباع بها منتجات الخوص، تقول ليلى إنها تبدأ من 12 جنيها (أقل من دولار) وحتى ألفي جنيه (115 دولارا) حسب الحجم والمنتج والخامات المستخدمة.

وقد حوّلت هذه المهنة قرية الإعلام إلى خلية نحل تعمل ليل نهار، وأصبحت مصدر الرزق لأكثر من 300 أسرة حتى أنه لم يعد هناك عاطل حيث إنّ الطلاب والطالبات يبدؤون تصنيع الخوص من المرحلة الابتدائية.

ويعتمد الشباب والبنات في القرية على بناء حياتهم من تصنيع منتجات الخوص، حيث يقوم كل منهم بشراء مستلزمات الزواج، أما من يرغب في مواصلة تعليمه فيعمل بدوام جزئي ويدرس بقية اليوم، لكنه لا يتخلى عن الحرفة تماما.

ووفق إحصاء حكومي صدر مطلع أبريل/نيسان الجاري، فإن نسبة البطالة في مصر وصلت 11.8% عام2017.

المصدر : وكالة الأناضول