مسيرات العودة فاجأت إسرائيل والفصائل

A demonstrator holds Palestinian holds during clashes with Israeli troops, during a tent city protest along the Israel border with Gaza, demanding the right to return to their homeland, east of Gaza City March 30, 2018. REUTERS/Mohammed Salem
المسيرات فاقت توقعات الفصائل كما فاجأت إسرائيل (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت

لا يخفي سياسيون ومحللون أن "مسيرات العودة الكبرى" التي انطلقت من قطاع غزة الجمعة الماضية قد فاجأت إسرائيل، لكن اللافت أنها فاجأت أيضا حسابات الفصائل الفلسطينية التي شاركت في حشد الجماهير التي قدمت 17 شهيدا ونحو 1500 جريح في يومها الأول.
 
وبدا أن تاريخا جديدا ليوم الأرض كتب في 30/3/2018، بعد أن وصل عدد شهداء هذا اليوم لثلاثة أضعاف العدد الذي ارتقى في أول تأريخ لهذا اليوم عام 1976 والذي بلغ ستة شهداء، وهو ما جعله يوما فارقا خاصة وأنه يشكل بداية حراك سيستمر على مدى 45 يوما.
 
وتعج الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية بالتحليلات التي تحاول فهم ما جرى يوم الجمعة على الحدود مع القطاع المحاصر، وقراءة ما يجب على إسرائيل فعله وصولا لذروة المسيرات في الذكرى السبعين للنكبة في 15/5/2018.
 
بالمقابل، فإن مصادر فلسطينية تؤكد أن الحشود التي توجهت للحدود في ثلاثة محاور تماس مع جيش الاحتلال فاجأت الفصائل الفلسطينية التي قادت الفعل الجماهيري من حيث اتساعها وحجم الاستجابة الشعبية لدعوات المشاركة فيها، حيث وصل عشرات الآلاف من الفلسطينيين لنقاط التماس، ليشكلوا أعدادا ربما فاقت ما حشدته الفصائل عبر الحافلات ولجانها المنتشرة في القطاع.
 

مسيرات شعبية
وبحسب هذه المصادر فإن قيادات المسيرة الكبرى -والتي تشارك بها مختلف الفصائل- أكدت في اجتماعاتها منذ يوم الجمعة الماضي ضرورة الاستعداد لحشود جماهيرية أكبر في الأيام المقبلة، وخاصة أيام الجمعة.

 
والتأكيد الآخر هو أن تبقى هذه المسيرات سلمية، وعدم الانجرار للمحاولات الإسرائيلية لعسكرة المواجهة على الحدود مع غزة، على وقع الدعوات في إسرائيل لتوجيه ضربات لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبقية الفصائل.
 
إضافة للفصائل، فإن السلطة الفلسطينية بدت متفاجئة كذلك، فالضفة الغربية عاشت مسيرات اعتيادية لإحياء يوم الأرض، حيث ظهر الرئيس محمود عباس في خطاب بعد ساعات من المسيرات، بينما شهدت الضفة ردود فعل تلت المواجهات الدامية في غزة.
 
أما في إسرائيل، فإن المفاجأة التي عاشتها قوات الاحتلال تمثلت في أنها وفي ذروة استعداداتها لمواجهة عسكرية في غزة، وجدت نفسها أمام عشرات الآلاف من الفلسطينيين يلقون الحجارة ويحرقون الإطارات ولا يخشون الاقتراب من الجنود الذين قمعوا المسيرات السلمية بالرصاص.
 

رسائل حماس
وأثار محللون إسرائيليون أسئلة عن الرسائل التي أرادت حركة حماس التي تسيطر على القطاع إيصالها لأكثر من طرف عبر المسيرات، والانتقال لمربع المواجهة الشعبية بعد جولات من المواجهة العسكرية مع الاحتلال.

 
بالمقابل، فإن محللين فلسطينيين يرون أن ما جرى لا يعتبر فعلا انفردت به حماس أو حتى بقية الفصائل، بل كان فعلا شعبيا تجاوز الأطر السياسية على اختلاف عناوينها.
 
في هذا الإطار، يرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية د. عدنان أبو عامر أن مسيرات العودة رد فعل شعبي جماهيري تشترك فيه كل الفصائل.
 
وقال للجزيرة نت "إسرائيل تريد وضع حماس كعنوان وحيد لهذه المسيرات خدمة لأهدافها، فهي تسعى لأن تأخذ المواجهة في القطاع طابعا عسكريا ميدانيا حتى تتمكن من الرد عليها وتتخلص من الفعل الشعبي".
 

فاجأ الفصائل
أبو عامر أكد أن المسيرات وحجم المشاركة الشعبية "ربما فاجأ الفصائل تماما كما فاجأ إسرائيل" وتابع "المسيرات أعادت القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث ليس الفلسطينية والعربية بل والدولية أيضا".

 
وبرأي المحلل السياسي، فإن هذه المسيرات "وجهت صفعة لتقارب أنظمة عربية مع إسرائيل، ومحاولات الإدارة الأميركية تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى بصفقة القرن بالتواطؤ مع أنظمة عربية ظنت أن بإمكانها وضع نهاية للصراع مع إسرائيل وتضييع الحقوق الفلسطينية".
 
وتابع "الرسالة الكبرى من المسيرات أنها قالت بوضوح أن الشعب الفلسطيني قادر على قلب الطاولة على كل الأطراف، وأنه إذا كان حق العودة متعذرا واقعيا فإنه يستطيع أن يؤكد على تمسكه به ويمنع أي محاولات للتنازل عنه".
 
وقال أيضا "المسيرات أربكت الحسابات الإسرائيلية التي كانت تستعد لحرب جديدة في غزة، كما أحرجت السلطة الفلسطينية التي كانت تستعد لفرض موجة جديدة وقاسية من العقوبات على القطاع".
 
وأضاف "رئيس السلطة الفلسطينية وجه خطابا ضعيفا لا يرقى لحجم التحرك الشعبي والدماء التي سالت في القطاع، بل إنه لم يذكر غزة بالاسم طوال خطابه".
 

في المرمى الإسرائيلي
إسرائيليا، رأى محللون أن مسيرات العودة مثلت نجاحا واضحا للفلسطينيين الذين سجلوا هدفا في المرمى الإسرائيلي.

 
حيث اعتبر الخبير العسكري يوحاي عوفر أن أعداد المشاركين في مسيرات العودة مثلت نجاحا للفلسطينيين، وقال إن منظمي المسيرات نجحوا جزئيا في فعالياتهم هذه، مما يعني أننا أمام شهر ونصف شهر من توتر قد يبلغ ذروته في الأسابيع القادمة.
 
كما اعتبر المحلل السياسي في صحيفة معاريف يوسي مليمان أن الفلسطينيين حصلوا على صورة انتصار كبيرة في مسيرات يوم الجمعة.
 
وتابع "طالما أن اللعبة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تعتبر صفرية، فإن أي نجاح لفريق يعني خسارة للفريق الآخر" وبرأيه فإن الجيش (الإسرائيلي) لم ينجح حتى اليوم بتحقيق الردع الذي يسعى إليه.
 
ووسط التحليلات التي تجتاح وسائل الإعلام، يرى مراقبون أن مشهد الحشود على حدود غزة مع إسرائيل يختصر حقيقة يؤكد فيها الفلسطينيون أنهم قادرون على إعادة الزخم لقضيتهم كلما دخلت في دهاليز الصفقات التي تسعى لتصفيتها.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الإسرائيلية