توقف الخدمات.. غزة على حافة الانهيار

قطاع غزة ينتج يومياً ألفي طن من النفايات الصلبة.
قطاع غزة ينتج يوميا ألفي طن من النفايات الصلبة (الجزيرة نت)

أحمد عبد العال-غزة

تهدد أزمة الكهرباء المتفاقمة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ سنوات بتوقف خدمات أساسية تقدمها بلديات القطاع، مما ينذر بوقوع "كارثة بيئية وصحية" قد تقود غزة لحافة الانهيار.

رئيس اتحاد بلديات قطاع غزة نزار حجازي سبق أن حذر في مؤتمر صحفي عقده في 11 أبريل/نيسان الجاري من أن انهيار الحالة الاقتصادية، واستمرار أزمات تقليص الرواتب وانقطاع التيار الكهربائي، وتوقف المنح والمساعدات الخارجية وتمويل المشاريع سيؤثر سلبا على الخدمات الأساسية.

وأوضح حجازي أن بلديات غزة تقترب من حافة الانهيار، ولن تكون قادرة على تقديم خدمات جمع النفايات والصيانة ومعالجة مياه الصرف الصحي.

وقبل نحو شهرين أعلن اتحاد البلديات عن حالة الطوارئ التي شملت تقليص الخدمات المقدمة بنسبة 50%.

ولم تستجب أي من الجهات الحكومية أو الدولية لتحذيرات البلديات في القطاع، مما قد يدفعها لزيادة نسبة تقليص خدماتها إلى أكثر من النصف، وفق حجازي.

‪حظر السباحة في بحر قطاع غزة بسبب تلوثه بمياه الصرف الصحي غير المعالجة‬ (الجزيرة نت)
‪حظر السباحة في بحر قطاع غزة بسبب تلوثه بمياه الصرف الصحي غير المعالجة‬ (الجزيرة نت)

أزمة حقيقية
ويؤكد رئيس لجنة الطوارئ في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز أنه بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في القطاع واستمرار أزمة استقطاع السلطة الفلسطينية من رواتب موظفيها بغزة التي تضطر المواطنين لعدم دفع مستحقات البلديات ووقف الدول المانحة مشاريعها الداعمة للبلديات منذ منتصف 2017 تأثرت خدمات البلديات بشكل كبير جدا. 

وفي حديث أبو القمبز للجزيرة نت حذر من أنه في حال توقف عمل البلديات فإن غزة ستدخل في أزمة مياه، خاصة في فصل الصيف، إضافة لتوقف خدمة جمع وترحيل النفايات الصلبة من داخل الأحياء إلى المكبات، وانهيار منظومة الصرف الصحي، واستمرار اغلاق شاطئ البحر أمام المصطافين بسبب تلوثه بالمياه العادمة.

ولا تتوفر لدى البلديات موازنات كافية لتسديد مرتبات موظفيها ولم تعد قادرة على شراء الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لفترات تزيد على 16 ساعة في اليوم، وفق أبو القمبز.

وعزا المسؤول البلدي الاستمرار في تخفيض الخدمات إلى محاولة البلديات إطالة فترة عملها بالحد الأدنى، داعيا الدول المانحة والحكومة الفلسطينية إلى تقديم مساعداتها العاجلة للبلديات لتتمكن من تقديم خدماتها بشكل أفضل.

وسيؤدي توقف خدمات البلديات في قطاع غزة إلى كارثة بيئية حقيقية إذا لم يتم دعمها لتتمكن من القيام بمهامها، حسب المختص البيئي أحمد حلس.

كميات كبيرة من الصرف الصحي يتم ضخها في البحر يوميا بدون معالجة (الجزيرة نت)
كميات كبيرة من الصرف الصحي يتم ضخها في البحر يوميا بدون معالجة (الجزيرة نت)

أزمة النفايات
ويقول حلس إنه يناط بالبلديات إزالة النفايات الصلبة من الأحياء وترحيلها للمكبات وتصريف الصرف الصحي قبل معالجتها، لكن كل ذلك سيتوقف مع استمرار الأزمة.

وحذر حلس في حديثه للجزيرة نت من أن بقاء ألفي طن (ينتجها القطاع) من النفايات الصلبة يوميا في الشوارع والأحياء وحاويات النفايات يعني انتشار القوارض والحشرات، مما سيتسبب بانتشار أمراض خطيرة، كما سيؤدي تكدس النفايات الصلبة لخروج عصارة شديدة السمية تؤذي التربة بشكل كبير.

وإضافة إلى النفايات الصلبة التي تخرج من المنازل والمصانع فإن هناك نفايات صلبة طبية تحمل أمراضا وأوبئة خطيرة يجب التعامل معها بشكل حكيم ومفصول عن باقي النفايات، لما لتراكمها من خطر شديد على البيئة والإنسان، يضيف حلس.

ويؤدي تدفق 160 ألف متر مكعب يوميا من الصرف الصحي غير المعالجة إلى بحر قطاع غزة لتلوث كامل لشاطئ البحر المتنفس الوحيد لمليوني إنسان يعيشون في القطاع.

واضطرت البلديات العام الماضي إلى إغلاق الشاطئ أمام المصطافين، وبشأن ذلك يقول حلس إن "الكثير من الميكروبات والبكتيريا وجدت في مياه شاطئ البحر ورماله بعد فحصه مخبريا بسبب مياه الصرف الصحي".

ويحتاج تجميع ورفع ونقل مياه الصرف الصحي من الأحياء السكنية إلى كهرباء، لكن أزمات البلدية وعدم توفر ميزانيات قد يؤديان لعدم تمكن البلديات من تصريفها إلى البحر، مما قد يبقيها في الأحياء السكنية، الأمر الذي سيجعل من هذه الأحياء بيئة خصبة للأوبئة والأمراض.

وذكر حلس أن استمرار هذه الأزمات سيجعل المشاكل الصحية والبيئية تتدفق على سكان القطاع، مشيرا إلى أن الكثير من الأمراض -خاصة السرطان- منتشرة في القطاع، ويعود جزء منها لأسباب تتعلق بالبيئة، حيث يوجد في القطاع 17 ألف حالة سرطان، وكل شهر يتم اكتشاف مئة حالة جديدة.

وعزا حلس كل ذلك إلى الحصار الذي يتعرض له القطاع، والحروب الشرسة التي دمرت البنية التحتية، والنمو السكاني الطبيعي، إضافة إلى عدم وجود مناخ سياسي جيد لتطوير الأداء البيئي والصحي والمائي.

المصدر : الجزيرة