ماذا يفعل طارق صالح في المخا؟

طارق عفاش خلال استعراض قواته المدرعة التي وصلت ميناء المخاء بمحافظة تعز، الصورة من مواقع التواصل
طارق صالح يستعرض قواته المدرعة التي وصلت المخا مؤخرا (مواقع التواصل الاجتماعي)
يرسم العميد طارق صالح ابن أخي الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح مسارا جديدا فوق خريطة اليمن؛ منطلقا من الجنوب، كقوة مدعومة من الإمارات تثير الشكوك بشأن تحركاتها وأهدافها.
 
فقد وصلت مؤخرا قوات مدرعة من الحرس الجمهوري المنحل، يقودها طارق صالح، إلى مدينة المخا بمحافظة تعز قادمة من عدن (جنوبي اليمن)، بعد تلقيها دعما لوجستيا من التحالف العربي، وتحديدا من أبو ظبي، التي تُتهم بدعم وتسليح مليشيات خارج إطار الشرعية.

وخرجت بمحافظة تعز مظاهرات شعبية رافضة لتولي طارق صالح قيادة لواء مزود بعشرات الدبابات والمدرعات ومنصات الصواريخ والعربات العسكرية، قوامه أكثر من ثلاثة آلاف عسكري بين ضابط ومجند، معظمهم ينتسبون لقوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس الراحل صالح.

وقال الإعلامي عبد القوي العزاني -وهو من أبناء مدينة تعز المحاصرة منذ ثلاث سنوات من قبل مليشيا الحوثي- إن أهالي تعز خرجوا بمظاهرات حاشدة رفضا لما أسموه "تدوير مخلفات نظام صالح وإعادة القتلة للمشهد اليمني".

وأضاف العزاني في حديث للجزيرة نت أن "قوات طارق صالح من الحرس الجمهوري متهمة بارتكاب جرائم القتل والقصف والتدمير واستهداف المدنيين بتعز منذ انطلاق ثورة فبراير/شباط 2011، كما تحاصر المدينة منذ ثلاثة أعوام، وفرق القناصة التي قتلت أبناء المدينة كان يشرف عليها طارق صالح شخصيا".

واعتبر العزاني أن "موقف أبناء تعز الرافض لطارق صالح وقواته المدعومة من أبو ظبي هو موقف متناغم ومساند للشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي عبرت في رسالة رسمية للأمم المتحدة عن رفضها لكل التشكيلات العسكرية والأحزمة الأمنية التي تم تشكيلها خارج مؤسسات الشرعية وسلطة الدولة". 

خارج الشرعية
ولعل التساؤلات الأهم للشارع اليمني هي التي تتعلق بدوافع أبو ظبي في رعاية ودعم طارق صالح، الذي فرّ من صنعاء مهزوما عقب مقتل عمه الرئيس الراحل صالح برصاص الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأكثر ما أثار حفيظة الأوساط السياسية والشعبية هو إنزال قواته بمدينة المخا في محافظة تعز، وتزويده بعشرات المدرعات والدبابات وأحدث الأسلحة، بدلا من فتح جبهة له قرب صنعاء لمواجهة الحوثيين للثأر لمقتل عمه.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية عادل المسني أن ثمة مؤامرة تحاك على تعز أيقونة ثورة 11 فبراير/شباط 2011 التي أسقطت حكم الرئيس السابق صالح، وهو ما يظهر جليا -حسب رأيه- في استدعاء أبو ظبي والتحالف العربي "للقاتل الحقيقي لأبناء تعز ليتوج بطلا عليها، والسيطرة عليها بعد فشل الانقلابيين في إخضاعها خلال ثلاث سنوات بالحرب".

ويضيف المسني في حديث للجزيرة نت أن الأمر ليس غريبا على دولة الإمارات "التي تسعى بشكل ممنهج لتصفية الثورة اليمنية واستنساخ المليشيات كبديل عن السلطة الشرعية وجيشها الوطني".

ويقول الباحث إن "تمادي أبو ظبي في المضي في مشروع تشكيل المليشيات المسلحة بمناطق اليمن المحررة من قبضة مليشيا الحوثيين صار مستفزا لليمنيين كافة، فما ترمي إليه الإمارات خطير، وربما يفجر الوضع في اليمن أكثر مما هو عليه".

حراس الجمهورية
في المقابل، تعلو أصوات الموالين للرئيس الراحل صالح، من كوادر حزب المؤتمر الشعبي، في تأييد دعم أبو ظبي لطارق صالح، وتشكيل لواء مدرع من عناصر الحرس الجمهوري المنحل، والتي ظهرت صور له تحت اسم "حراس الجمهورية".

ويهوّن كثير من مؤيدي طارق صالح من مسألة عدم إعلانه الانضمام تحت لواء الشرعية ممثلة في الرئيس هادي، فضلا عن أن قواته لا تخضع لقيادة الجيش الوطني.

وتقول مصادر مقربة من طارق صالح إن مهمة قواته هي "مواجهة الحوثيين واستعادة الدولة وتحرير صنعاء"، بحسب وصايا الرئيس الراحل، لكن قبل ذلك ستبدأ المهمة باستعادة مدينة وميناء الحديدة الإستراتيجي غربي اليمن.

ويعتقد الباحث علي الذهب، المختص في النزاعات المسلحة، أن "من مهام قوات طارق صالح التوغل في وسط البلاد، داخل أراضي محافظة إب، لكن هذه الخطوة تستدعي تأمين مؤخرة هذه القوات في محافظة تعز التي لا تزال الكثير من مدنها -بما فيها أجزاء من مدينة تعز- في قبضة الحوثيين".

ويرى الذهب أن أمام قوات طارق صالح حلا واحدا، وهو "التنسيق مع القوات الموجودة في مدينة تعز وبعض المديريات المحررة، للانطلاق نحو المناطق الواقعة على حدود محافظة إب".

ويؤكد الذهب في حديث للجزيرة نت أن ثمة عقبات كثيرة يواجهها طارق صالح؛ أبرزها موقف بعض قادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمدينة تعز، الرافضين لأي إعادة تدوير لرجال حقبة صالح ممن تلطخت أيديهم بدماء أبناء تعز واليمن عموما.

ويتوقع الذهب أن تشارك وحدات من قوات طارق صالح في اقتحام مدينة الحديدة، "لكن ذلك لن يتأتى إلا بتحديد الموقف من مدينة تعز وموقف مناطق من إب مجاورة لها وللحديدة، اللتين تمثلان طرقا للالتفاف على قوات طارق وقوات المقاومة والجيش الوطني المتقدمة باتجاه الحديدة".

المصدر : الجزيرة