هل يمكن لروسيا والأسد طمس أدلة الهجوم الكيميائي؟

محمد النجار

مع الإعلان اليوم الأربعاء عن تأجيل جديد لدخول فرق التفتيش التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يكون الهجوم الذي شنه النظام السوري على مدينة دوما قد مرّ عليه 12 يوما، وسط تأكيد خبراء أن بإمكان روسيا ونظام بشار الأسد طمس أدلة تثبت استخدام السلاح الكيميائي والعبث بها.

فقد نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن مفتشي الأسلحة الكيميائية أجّلوا زيارتهم لموقع الهجوم في دوما في الغوطة الشرقية والتي كانت مقررة اليوم الأربعاء، وذلك بعد أن أبلغ فريق أمني تابع للأمم المتحدة عن إطلاق نار في الموقع، وفق ما ذكر رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
 
ويضاف هذا التأجيل لسلسلة من العراقيل التي تتهم الدول الغربية روسيا ونظام الأسد بوضعها لمنع أي تحقيق دولي يثبت استخدام السلاح الكيميائي في دوما بهجوم وقع في السادس من الشهر الجاري وقتل فيه أكثر من 40 سوريا معظمهم من النساء والأطفال.
 
وتتهم موسكو ودمشق كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بالاستناد إلى معلومات تصفها بـ"المفبركة" لتبرير هجمات بالصواريخ شنتها على مواقع عسكرية سورية فجر يوم السبت الماضي بعد أن اتهمت النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية مجددا في سوريا.
 

تقييم أمني
وكان المندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري قد أكد في جلسة عقدها مجلس الأمن أمس الثلاثاء أن فريقا أمنيا من الأمم المتحدة دخل يوم أمس لدوما لتقييم الوضع الأمني، معتبرا أن قرار دخول الفريق لا يخضع للحكومة السورية وإنما للأمم المتحدة وتقييمها.

 
وخلال الجلسة، أفشلت روسيا مجددا مشروع قرار فرنسيا دعا لإجراء تحقيق مستقل جديد لتحديد المسؤول عن الهجمات بغاز سام في سوريا، وهي المرة 13 التي تستخدم فيها روسيا حق النقض (فيتو) ضد قرارات تتعلق بسوريا، منها سبعة قرارات تتعلق باستخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية.
 
وقال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن "فكرة إنشاء آلية لتحديد المسؤولية عن استخدام أسلحة كيميائية لم تعد ذات جدوى في وقت قررت فيه واشنطن وحلفاؤها بالفعل من هو الجاني ويتصرفون فعليا كجلادين عينوا أنفسهم بأنفسهم".
 
ويوم الاثنين الماضي، عبّر مبعوث الولايات المتحدة لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير كينيث وارد عن مخاوفه من أن تكون "روسيا قد أفسدت موقع الهجوم المزعوم بأسلحة كيميائية في مدينة دوما السورية"، متهما النظام السوري باستخدام "الإرهاب الكيميائي".
 
واتهمت ممثلة روسيا لدى المنظمة واشنطن بـ"عرقلة عمل خبراء المنظمة قبل وصولهم إلى دوما"، وتعهدت بعدم التدخل في عمل البعثة التي أوفدتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا.
 

طمس الأدلة
ولا يستبعد الخبير العسكري والإستراتيجي والقائد السابق لسلاح الهندسة الملكي بالأردن –والذي يضم مجموعات الحرب الكيميائية- الدكتور فايز الدويري أن تكون روسيا والنظام السوري قد عبثا بالفعل في مكان الهجوم بالأسلحة الكيميائية في دوما قبل وصول المفتشين الدوليين.

 
وقال الدويري للجزيرة نت عبر الهاتف من عمان إن لدى روسيا والنظام السوري "القدرة على العبث في موقع الهجوم بالأسلحة الكيميائية الذي مضى عليها نحو أسبوعين".
 
وأضاف الخبير العسكري -الذي خضع خلال خدمته العسكرية لدورات الحرب الكيميائية في الأردن والولايات المتحدة- أن آثار الأسلحة الكيميائية عادة هي نوعان "آثار باقية وأخرى زائلة".
 

السارين وليس الكلور
وتابع "أنا أجزم مما وصلني من أدلة وصور من نشطاء على الأرض بعد الهجوم بأن الغاز المستخدم في الهجوم على دوما هو غاز السارين وليس الكلور كما يتداول في الأخبار، وتصنف آثاره باعتبارها غير باقية، أي أنها تبقى لأيام ثم تختفي".

 

الدويري:
روسيا لديها مصلحة كبرى في منع أي إثبات لاستخدام السلام الكيميائي في سوريا "لأن ذلك يؤكد أن موسكو التي كانت الضامن لتخلص النظام السوري من مخزونه من السلاح الكيميائي متورطة في استمرار احتفاظه بهذا السلاح واستخدامه ضد المدنيين".

وفصل الدويري أكثر قائلا "هذا السلاح يكون معبأ على شكل غاز، تتركز آثاره المباشرة في نقطة التفجير عندما تصطدم القذيفة بالأرض".

 
وزاد "قسم من هذا الغاز يعلق بالتربة وما لا يعلق يتطاير، كما أن العالق بالتربة يتبخر مع الوقت والذي يزيد أو ينقص تبعا للعوامل الجوية، إضافة للعبث البشري".
 
أين تبقى الآثار؟
وعن الأماكن التي تبقى فيها هذه الآثار ومدتها، قال الدويري الآثار تجدها في:
– نقطة التفجير، وخاصة في التربة التي سقطت فيها القذيفة.
– أجساد الضحايا والمصابين.
– في أجساد الطيور والحيوانات النافقة.
– في الأثاث والأبنية وبقايا البناء.
 

كيف يتم العبث بالأدلة؟
لكن الدويري اعتبر أن روسيا والنظام السوري لديهما القدرة على العبث بكل هذه الأدلة، وقال إن العبث يتم وفق التالي:

– غسل نقطة التفجير بعوامل كيميائية معينة يمكنها محو آثار الغازات العالقة في التربة والموقع.
– غسل الجدران بالعوامل الكيميائية ذاتها.
– تغيير الأثاث.
– تغيير جثث الضحايا.
– إيجاد شهود وأطباء وحتى مصابين يقدمون روايات تضلل فرق التفتيش.
 
وذهب الدويري حد الإشارة إلى أن هناك قدرة لدى النظام وروسيا "لتغيير موقع الهجوم وادعاء موقع آخر".
 
وأضاف "عندي قناعة مطلقة بأن هناك عبثا جرى ولا يزال يجري، وأن التأخير مقصود لاستكمال إخفاء الأدلة".
 
وأشار إلى أن النظام وروسيا بدآ بصناعة دليل آخر يشير إلى أن ما جرى كان اختناقا بالحريق تأثر به القاطنون في الأقبية.
 
وختم الدويري بأن روسيا لديها مصلحة كبرى في منع أي إثبات لاستخدام السلام الكيميائي في سوريا "لأن ذلك يؤكد أن موسكو التي كانت الضامن لتخلص النظام السوري من مخزونه من السلاح الكيميائي متورطة في استمرار احتفاظه بهذا السلاح واستخدامه ضد المدنيين".
المصدر : الجزيرة + وكالات