ضربات الثلاثي لسوريا.. أجندات مختلفة

A fighter jet prepares to land at RAF Akrotiri, a military base Britain maintains on Cyprus, April 14, 2018. REUTERS/Yiannis Kourtoglou
الثلاثي الأميركي والفرنسي والبريطاني وجّه أكثر من مئة صاروخ لأهداف تابعة للنظام السوري فجر السبت (رويترز)

محمد عيادي-الجزيرة نت

لم تكن الضربة العسكرية الأميركية البريطانية الفرنسية لأهداف تابعة النظام السوري فجر اليوم السبت ضمن أجندة تسعى لحل الأزمة السورية، وإنما عملية خاطفة "تؤدب" نظام بشار الأسد بعد استعماله السلاح الكيميائي ضد المدنيين في دوما بالغوطةالشرقية الأسبوع الماضي.

وبدا واضحا من خلال تصريحات مسؤولي التحالف الثلاثي أنهم لا يتفقون على رؤية لحل الأزمة السورية وإنقاذ السوريين من براثن الحرب، وأن هدفا واحدا فقط هو ما جمعهم في الضربة المذكورة، وهو إضعاف النظام السوري دون إسقاطه.

فبينما تؤكد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على هدف منع النظام السوري من استعمال السلاح الكيميائي ضد المدنيين، تقول فرنسا إن الضربة العسكرية مقدمة لفتح بوابه للحل السياسي، في حين يقول مسؤول أميركي -لم يكشف عن اسمه- لرويترز إن الضربة استهدفت زعزعة الوضع في المنطقة.

تيريزا مقيدة
وتشدد تيريزا ماي على أنها سمحت للقوات المسلحة البريطانية بالمشاركة في الضربة العسكرية ضد النظام السوري، بعد إحباط جهود حكومتها الدبلوماسية وتأكدها من تورطه في الهجوم الكيميائي على دوما. وتوضح ماي أن هدف المشاركة هو إضعاف قدرات النظام السوري من الأسلحة الكيميائية وردعه عن استخدامها.

ويأتي توضيح ماي في ظل مواجهتها معارضة تتهمها بأنها اتخذت القرار بتوجيه الضربة انسياقا وراء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ودون الحصول على موافقة البرلمان.

وقد أكد زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين أن "القنابل لن تنقذ الأرواح أو تجلب السلام، هذا العمل المشكوك فيه قانونيا يخاطر بمزيد من التصعيد".

وطالب كوربين بأن "تلعب بريطانيا دورا قياديا تجاه وقف إطلاق النار في الصراع، وألا تتلقى تعليمات من واشنطن وتعرض حياة أفراد في الجيش البريطاني للخطر".

ضربة ضمن أجندة
وعلى خلاف بريطانيا، انخرطت فرنسا في الضربة العسكرية ضمن أجندة متكاملة أوضحها وزير الخارجية جان إيف لودريان، بتأكيده من قصر الإليزيه أن استهداف مواقع للنظام السوري بضربة عسكرية لا يهدف لتغيير المعادلة على الأرض، وإنما يندرج ضمن خطوات تصل إلى الحل السياسي للأزمة السورية.

مركز البحوث العلمية في منطقة مساكن برزة بدمشق بعد الضربة العسكرية(مواقع التواصل)
مركز البحوث العلمية في منطقة مساكن برزة بدمشق بعد الضربة العسكرية(مواقع التواصل)

وأوضح لودريان أن أولويات المرحلة بالنسبة لفرنسا في سوريا هي: إنهاء الترسانة الكيميائية للنظام السوري، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإطلاق مسلسل سياسي لحل الأزمة.

وأكد الوزير الفرنسي أن العدو الأول لبلاده هو تنظيم الدولة الإسلامية، وأن إضعاف النظام السوري في هذه المرحلة قد يقوي التنظيم الذكور، مشيرا إلى أن باريس ستقوم باستئناف المبادرات السياسية لتفكيك البرنامج الكيميائي السوري بطريقة يمكن التحقق منها ولا رجعة فيها، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية إلى السكان.

زعزعة المنطقة
الإدارة الأميركية من جهتها لم تفصح كعادتها عن خطتها في سوريا، باستثناء ردع النظام السوري عن استعمال السلاح الكيميائي ضد المدنيين ومحاربة تنظيم الدولة.

لكن تصريح مسؤول أميركي اليوم -لم يكشف عن اسمه- لرويترز أن الضربة العسكرية استهدفت زعزعة الوضع في المنطقة، يطرح أسئلة كبيرة عن نوايا واشنطن: هل تسعى فقط لإيصال رسالة لنظام بشار الأسد لم يتلقها بالطريقة المطلوبة في ضربة نيسان/أبريل 2017 على قاعدة الشعيرات العسكرية؟ أم أنها تسعى لإرباك "التحالف" الروسي الإيراني التركي ومسلسل أستانا؟ أم هي مجرد مقدمة لتشكيل تحالف أكبر ضد إيران وروسيا على الأرض السورية؟

ويظهر أن "التحالف" الروسي الإيراني التركي تلقى ضربة أولية بترحيب أنقرة بالضربات الجوية للنظام السوري، وقولها "نرحب بهذه العملية التي تعبر عن ضمير البشرية جمعاء في مواجهة هجوم دوما الذي تجمع المؤشرات على تحميل النظام السوري مسؤوليته".

‪صور نشرتها وزارة الدفاع البريطانية للطائرات التي شاركت في ضرب مواقع النظام السوري‬ (مواقع التواصل)
‪صور نشرتها وزارة الدفاع البريطانية للطائرات التي شاركت في ضرب مواقع النظام السوري‬ (مواقع التواصل)

وفي المقابل، ندد مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي بالضربات، ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي بـ"المجرمين"، مؤكدا أنهم "لن يحصلوا على شيء ولن يحققوا أي منفعة".

مهزلة
وبعيدا عن خلافات القوى الكبرى، لم تجد المعارضة السورية في ضرب مواقع للنظام السوري -يقال إنه أخذ علما بها من الروس وأفرغها من محتوياتها- ما يغري بالترحيب بها ولا اعتبارها تحولا في التعامل الغربي مع نظام الأسد والتفاتا لمعاناة الشعب السوري.

وفي هذا السياق، كتب عضو الوفد السوري المفاوض هادي البحرة في حسابه على تويتر "نوعية ضربات اليوم أرسلت رسالة واحدة للأسد.. لا يمكنك الاستمرار في قتل الأطفال السوريين بالأسلحة الكيميائية، استخدم فقط الأسلحة التقليدية".

كما كتب القيادي البارز في جيش الإسلام محمد علوش في تغريدة على حسابه بتويتر إن "معاقبة أداة الجريمة وبقاء المجرم مهزلة".

وقد شاركت تعليقات وتحليلات غربية المعارضة السورية موقفها، بتأكيد تلك التعليقات أن الضربات العسكرية المشار إليها لا تعدو أن تكون مسألة استعراضية، لن يكون لها أي تأثير على نظام بشار الأسد، خاصة أنه ماض بدعم من الروس والإيرانيين في استعادة السيطرة على البلاد وإبادة المعارضة.

المصدر : الجزيرة + وكالات