الإمارات والسعودية في قلب فضيحة نفوذ غير شرعي بواشنطن

أفادت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن رجل الأعمال الأميركي جورج نادر -وهو مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد– عمل على مدى سنة كاملة على تحويل إليوت برويدي -أحد أكبر المتبرعين لصالح حملة الرئيس دونالد ترمب الانتخابية- ليصبح أداة نفوذ للسعودية والإمارات.

واستندت الصحيفة إلى وثائق مسربة -تتضمن رسائل بريد إلكتروني وعروضا وعقودا تجارية- كشفت للمرة الأولى عن تقديم جورج نادر نفسه للبيت الأبيض وسيطا أيضا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وكشفت الوثائق أيضا أن نادر عرض عقودا بأكثر من مليار دولار على إليوت برويدي نائب رئيس اللجنة المالية للحزب الجمهوري، وأعانه على إنجاز صفقات مع الإمارات بأكثر من مئتي مليون دولار، وذلك لشركته التي تعمل في مجال توفير الأمن الخاص واسمها سيرسيناس.

وأضافت الصحيفة أن أهم أهدافهم كانت الإطاحة بريكس تيلرسون من وزارة الخارجية والدفع باتجاه مواجهة مع قطر وإيران.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على تحقيقات المحقق الخاص بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية روبرت مولر أن لجنة التحقيق استدعت نادر من الخارج خلال هذا الأسبوع للإدلاء بشهادة إضافية، مشيرة إلى أن شخصين مقربين من برويدي أوضحا أن الأخير لم يتلق اتصالا من لجنة مولر.

وفي وقت سابق، قال برويدي إن جهوده "تهدف إلى تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة، وذلك بتنسيق تام مع الحكومة الأميركية". وأضاف "طالما ترسخ لدي الاعتقاد بضرورة التصدي لإيران والتطرف الإسلامي، وبضرورة التعاون الوثيق مع أصدقائنا في العالم العربي لإنجاز ذلك".

وقال المتحدث باسم برويدي إنه يعتقد أن الوثائق التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز سرقها قراصنة يعملون لصالح قطر وذلك انتقاما منه بسبب أعماله المنتقدة لهذا البلد.

صورة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز للقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع جورج نادر
صورة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز للقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع جورج نادر

علاقة مميزة
وذكرت نيويورك تايمز أن العلاقة بين جورج نادر وإليوت برويدي تشكلت خلال حفلات استقبال ومناسبات أخرى ذات علاقة بتنصيب ترمب. وتبادلا منذ فبراير/شباط 2017 رسائل بريد إلكتروني حول إمكانية الحصول على عقود لشركة سيرسيناس في الإمارات والسعودية، وكذلك حول أهداف البلدين في واشنطن مثل إقناع الإدارة الأميركية باتخاذ إجراء ضد جماعة الإخوان المسلمين أو ممارسة ضغوط على قطر.

وفي وقت مبكر من عهد إدارة ترمب (مارس/آذار 2017) أشار الرجلان إلى الجهود التي أفلحت في قطع الطريق على شغل السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة آنا باترسون منصبا رفيعا في وزارة الدفاع (البنتاغون)، التي طالما انتقدها الإماراتيون والسعوديون لما اعتبرته الدولتان تعاطفها مع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي خلال العام الذي قضاه في منصبه قبل أن يطاح به.

وتلفت الصحيفة إلى رسالة من برويدي إلى نادر في 25 مارس/آذار 2017 تتضمن بيانات مجدولة بشأن تنظيم حملة في واشنطن ضد قطر والإخوان المسلمين، وأخبره في الرسالة أن الحملة ستكلف نحو 12.7 مليون دولار، إلا أن الشخصين المقربين من برويدي قالا إن الخطة كانت من إعداد طرف ثالث وزعها على عدد من المتبرعين الأميركيين، وأكدا أنه تم تنفيذ بعض البنود فقط من هذه الخطة.

وذكرت الصحيفة أن نادر قدّم لبرويدي دفعة قدرها 2.7 مليون دولار مقابل "استشارات وتسويق"، والتي اعتبرت فيما يبدو مساهمة في دفع تكاليف تنظيم مؤتمرات عقدت في معهد هدسون ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهما اللذان طغت على نشاطاتهما انتقادات لاذعة لكل من قطر وجماعة الإخوان المسلمين.

‪جورج نادر‬ (الأول يسار) (في الصورة)
‪جورج نادر‬ (الأول يسار) (في الصورة)

روابط قوية
وتلفت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن نادر ألحّ على برويدي في رسالة في أكتوبر/تشرين الأول أن يحاول ترتيب لقاء خارج البيت الأبيض بين ترمب وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي وصفه بـ"الصديق"، قائلا "مرة أخرى، وأخرى، وأخرى، أرجوك، حاول أثناء وجودك هناك أن تكون إذا أمكن الشخص الذي يرتب الموعد للصديق".

وتضيف الصحيفة أنه بعد أيام، قام برويدي بما طُلب منه تماما، حيث ألح على ترمب أن يلتقي بولي العهد الإماراتي في مكان هادئ خارج البيت الأبيض، لكن برويدي قال إن مستشار ترمب للأمن القومي هربرت ماكماستر اعترض على الطلب، بحسب ما ورد في تقرير مفصل حول الاجتماع أرسله برويدي إلى نادر بعد اللقاء بوقت قصير.

وتشير التسريبات التي حصلت عليها نيويورك تايمز إلى أن نادر طلب من برويدي في يناير/كانون الثاني 2018 دفع ترمب للاتصال هاتفيا بولي عهد السعودية ومحاولة تهدئة خاطره بسبب ما قد يكون أساءه مما ورد في كتاب "النار والغضب" لمؤلفه مايكل وولف، الذي أورد صورة للرئيس بدت من خلالها رؤيته لولي العهد السعودي سلبية.

يُذكر أن موقع "ميدل إيست آي" البريطاني ذكر قبل أيام أن نادر نسّق لقاء سريا بين عدد من القادة العرب على متن يخت في البحر الأحمر، نهاية عام 2015، بهدف تشكيل ائتلاف عربي لمواجهة ما سُمي النفوذ التركي الإيراني في الشرق الأوسط وخدمة مصالح واشنطن وتل أبيب.

وذكرت صحيفة "ديلي ميل البريطانية" أن نادر -الذي يجري التحقيق معه بـ الولايات المتحدة– فر إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي. وأكدت الصحيفة أنها نقلت أنباء فرار نادر من الأراضي الأميركية عن مصادر مقربة من محمد بن زايد.

المصدر : الجزيرة + نيويورك تايمز