لغز الأموال الليبية المنهوبة وتورط الإمارات
ليلى لعلالي
مثلما بقيت طريقة وفاة العقيد الليبي معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011 بمثابة اللغز المحير، تبقى الثروة والأموال الهائلة التي كانت بحوزته وبحوزة أقربائه المقدرة بمئات المليارات من الدولارات من الأسرار الكبرى التي لا يعرف مكانها سوى من كانوا في دائرة نظامه.
تورط الإمارات
وقد أثار التصريح الخاص الذي أدلى به محمد امعزب النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا للجزيرة بشأن التصرف الإماراتي في أموال ليبيا المجمدة، المزيد من نقاط الاستفهام حول مصير ثروة ليبيا التي تركها القذافي بعد اغتياله، والجهات التي تستغل هذه الثروة.
المسؤول الليبي قال للجزيرة في وقت سابق إن لديه معلومات شبه مؤكدة تتحدث عن تصرف أبوظبي في الأموال الليبية المجمدة في بنوك الإمارات للإنفاق على العمليات العسكرية لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق ليبيا، الذي تدعمه أبوظبي.
ورغم أن هذا التصريح لم يفاجئ المراقبين بالنظر إلى التورط الإماراتي المعروف في الشأن الليبي من خلال الدعم الذي تقدمه لحفتر، سلط المسؤول الليبي الضوء على قضية خطيرة تتعلق بالعبث الحاصل في ليبيا، وكيف أن الأموال والثروة التي هي من حق الشعب الليبي وحده تستغلها جهات خارجية من أجل تدمير بلاده وحرمانها من الأمن والاستقرار.
وكان الكثير من الجدل قد أثير بشأن حجم الثروة والأموال التي تركها القذافي، وأوردت مختلف وسائل الإعلام العالمية بعض الأرقام، وقالت إنها تتراوح بين 100 و400 و500 مليار دولار أميركي، لكن الرقم الحقيقي والمعلومات المتعلقة بهذا الملف تبقى من الأسرار التي لا يملكها إلا بعض الأفراد القلائل من رجال القذافي، مثل موسى كوسا وبشير صالح، مدير مكتبه السابق المقيم في جنوب أفريقيا منذ عام 2012، ويوصف هذا الأخير بالصندوق الأسود للأموال الليبية المهربة.
هل استرجعت؟
الأموال المنهوبة والمهربة والمجمدة في بنوك دول خارجية أثارت حفيظة الليبيين، باعتبار أنهم باتوا أحوج إليها لتحسين وضعهم الاقتصادي الصعب عقب الثورة، وحاولت السلطات الليبية استردادها، وشكلت لهذا الغرض العديد من اللجان، وكلفت محامين وخبراء للقيام بالمهمة، واتصلت بدول مثل جنوب أفريقيا، لكنها اصطدمت بعراقيل عدة، أولها حالة الانقسام السياسي الحاصل في البلاد.
كما أن افتقاد القضاء الليبي للآليات القانونية المطلوبة في مثل هذه الحالات جعل الموضوع أكثر تعقيدا، زيادة على عوامل أخرى مثل الفساد الذي ينهش هذه الدولة الوليدة.
ويرى مراقبون أنه في ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا، وفي ظل التدخلات الخارجية في شؤونها بدعم طرف على طرف بالمال والسلاح، بالإضافة إلى غياب التعاون الدولي، فلن يكون بإمكان هذه الدولة أن تعرف الاستقرار، ناهيك عن ملاحقة من نهبوا ثرواتها وأموالها سواء الدول أو الأفراد.