"وافدو" السعودية ضيوف "ضرورة" في تركيا

دائرة الهجرة وشؤون الأجانب التركية في اسطنبول
دائرة الهجرة وشؤون الأجانب التركية في إسطنبول (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

أعادت الرسوم الضريبية التي فرضتها السعودية على العمالة الوافدة إليها المهندس اليمني أحمد بدر إلى مسكن "العزوبية" بعدما اضطر لنقل عائلته المكونة من ستة أفراد للإقامة في تركيا.

ويعد أحمد أحد الوافدين الذين ضاقوا ذرعا بالرسوم الضريبية الجديدة في المملكة ولم يعد بإمكانهم تحمل تلك الرسوم ومعها تكاليف الحياة، فاضطروا إلى ترحيل عائلاتهم إلى بلدانهم، لكنه -وكغيره من الذين ترزح أوطانهم تحت وطأة الحروب- اختار تركيا مكانا تقيم فيه العائلة بشكل مؤقت في حين يواصل هو العمل في السعودية.

يصف أحمد خطوته بــ"الاضطرارية" نظرا لصعوبة الاستمرار في إعالة أسرته الكبيرة في السعودية، ولاستحالة إعادتها لليمن الذي يشهد حربا طاحنة.

ويقول إن كثيرا من مواطنيه وزملائه السوريين والليبيين وآخرين من العراق ومصر اضطروا للقيام بخطوات مماثلة نظرا لحالة عدم الاستقرار في أوطانهم.

ويتكبد هؤلاء في خطوتهم تكاليف جديدة تتوزع على تسجيل أبنائهم في المدارس التركية وتحصيل الإقامات لأفراد العائلة واستئجار منزل للسكن فضلا عن تكاليف السفر والتنقل المتكرر للمعيل بين السعودية وتركيا. لكنها تبقى مع ذلك -بحسب أحمد- أقل بكثير مما سيدفعه الوافد بالسعودية من نفقات إذا بقيت عائلته برفقته في السعودية.

عملية حسابية
فخطوة نقل العائلة من السعودية إلى تركيا توفر على أحمد بدر نحو 15 ألف دولار في السنة الأولى هي فروق أجرة البيت والتعليم وبالتأكيد رسوم الإقامة.

وبحساب بسيط، يدفع أحمد في إسطنبول الآن 7500 دولار سنويا تتوزع على 6000 دولار لأجرة البيت، و800 أخرى رسوما للإقامة السياحية لأطفاله الخمسة وزوجته لعام واحد قابل للتجديد، و700 دولار لتسجيل ثلاثة من أطفاله في المرحلة الدراسية الابتدائية في المدارس الحكومية.

في المقابل، كان يتعين عليه أن يدفع 23 ألف دولار سنويا رفقة عائلته بـالرياض بينها 14800 دولار أجرة سنوية لشقة العائلة و2400 دولار للمدارس 5800 دولار رسوم عمالة أجنبية عن زوجته وأطفاله وفقا للرسوم الجديدة التي تبلغ قيمتها 80 دولار عن كل واحد تقريبا.

وكانت وزارة العمل السعودية قد فرضت على العمالة الوافدة دفع مبلغ يتراوح بين 80 و106 دولارات شهريا عن كل فرد من أفراد عائلته في العام 2018 ترتفع على مراحل لتصل إلى ما بين 187 و213 دولارا عن كل مرافق عام 2020.

خدمات إرشادية تقدمها الحكومة التركية باللغة العربية للمتقدمين للحصول على الإقامة (الجزيرة)
خدمات إرشادية تقدمها الحكومة التركية باللغة العربية للمتقدمين للحصول على الإقامة (الجزيرة)

معطيات الواقع
وتؤكد شركات العقار العاملة في تركيا تدفق أعداد كبيرة من عائلات المقيمين في السعودية للإقامة في تركيا، وهم الذين يمكن التعرف إليهم بسهولة كبيرة في طوابير دائرة الهجرة وشؤون الأجانب في مدينة إسطنبول على وجه التحديد.

ويقول صاحب إحدى شركات تأجير المنازل للجزيرة نت أن أغلب عائلات المقيمين في السعودية تتجه عند وصولها إلى إسطنبول للإقامة في مناطق باشاك شهير وكايا شهير وبيليك دوزو لكونها تجمع بين المستوى المعيشي الراقي والأسعار المعقولة معا ولأنها تضم أعدادا كبيرة من الجاليات العربية.

وتمثل سهولة الحصول على الإقامة السياحية في تركيا -بحسب المتحدث نفسه- إحدى عوامل الجذب لهذه الشريحة، إذ يتطلب الحصول على إقامة سارية المفعول لعامين توفر جواز السفر وعقد الإيجار وتأمين صحي خاص بالأجانب، وكلها متطلبات متاحة تجعل الحصول على الإقامة أمرا في متناول يد الجميع.

ويؤكد أن الإقامة السياحية التي تقننها الحكومة التركية تمثل الخيار الحصري للمهاجرين من الخليج، إذ يصعب حصولهم على إقامات العمل التي تتطلب شراكات محلية وتأمينات باهظة، كما أن إقامات الطالب تمنح لطلبة الجامعات ولا تقدم لطلبة المدارس المسجلين عادة في خانات المرافقين بجوازات سفر آبائهم.

تتحدث وسائل الإعلام التركية عن استضافة البلاد لنحو أربعة ملايين عربي منهم نحو 2.7 مليون من سوريا، و300 ألف من العراق، فضلا عن جاليات مصرية ويمنية وليبية وأخرى من الخليج العربي

الوجود العربي
وتتحدث وسائل الإعلام التركية عن استضافة البلاد لنحو أربعة ملايين عربي منهم نحو 2.7 مليون من سوريا، و300 ألف من العراق فضلا عن جاليات مصرية ويمنية وليبية وأخرى من الخليج العربي.

كما تتحدث التقارير عن استقبال تركيا حوالي عشرة ملايين زائر عربي سنويا في مجالات السياحة والعلاج والاستثمار والتعليم وغيرها من الأنشطة.

أما معطيات التعداد السكاني الرسمي التركي فتقول إن عدد السكان الأجانب في تركيا استنادا لمسح مناطق السكن بلغ في الأول من يناير/كانون الثاني العام الماضي 816 ألفا و410 من الأجانب بزيادة مقدارها 166 ألفا و102، أي بأكثر من 25% عما كان عليه في العام 2016 الذي كان عدد الأجانب فيه 650 ألفا 308 نسمة.

وتوضح الإحصاءات أن من بين الأجانب 149 ألفا و718 عراقيا يمثلون الجنسية العربية الأولى من المقيمين العرب في تركيا يليهم 75 ألفا و181 سوري، وهؤلاء بالطبع بخلاف ثلاثة ملايين سوري آخر سجلوا كلاجئين إضافة إلى نحو ثلاثة آلاف من اليمنيين ومثلهم من الفلسطينيين والليبيين.

المصدر : الجزيرة