إسقاط "الدبابة الطائرة".. هل غيّر معادلة المواجهة بسوريا؟

محمد النجار-الجزيرة نت

بصاروخ محمول على الكتف، تمكن مقاتلون من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) من إسقاط "الدبابة الطائرة"، وهو الوصف الذي يطلق على طائرة سوخوي 25 الروسية.
ولا يرى محللون جديدا في خبر إسقاط طائرة روسية في سوريا، لكن الخبراء العسكريين يرون أن ما يستدعي التوقف هو الإسقاط بصاروخ أرض-جو.
أسئلة عدة أثارها محللون ومراقبون عن الحادث، وإذا كان مجرد حادث عرضي، أو أنه يعطي دلالات على احتمال تغير معادلات المواجهة في سوريا، والطريقة التي حصلت بها المعارضة على هذا النوع من السلاح.
 
وكانت وزارة الدفاع الروسية أقرت أمس السبت بسقوط الطائرة الحربية بصاروخ مضاد للطائرات يحمل على الكتف في محافظة إدلب.
 

صاروخ النصرة

وأعلنت هيئة تحرير الشام مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، وقال محمود التركماني القائد في كتيبة الدفاع الجوي التابعة للهيئة إن أحد مقاتليها أسقط الطائرة مباشرة بصاروخ مضاد للطائرات يحمل على الكتف.
وهذه الطائرة الثانية من طراز سوخوي 25 التي تعلن موسكو سقوطها في سوريا، وأقرت وزارة الدفاع الروسية سابقا بسقوط طائرتي سوخوي 24، وطائرة سوخوي 33، وطائرة ميغ 29، إضافة إلى ست مروحيات من مختلف الأنواع.
 

ونقلت وكالات أنباء روسية عن مسؤولين ومحللين اتهامهم بشكل غير مباشر للولايات المتحدة بأنها زودت المقاتلين السوريين بهذا النوع من السلاح.

أليكسي تشيبا نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي اعتبر في تصريح لوكالة إنترفاكس الروسية إسقاط الطائرة أنه تنفيذ لمفهوم "الفوضى الخلاقة" الأميركي، وهو ما كرره خبراء عسكريون روس أشاروا جميعا إلى الولايات المتحدة.

لكن المتحدث باسم البنتاغون إريك بيهون نفى في تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية أن تكون الولايات المتحدة زودت حلفاءها في سوريا بأسلحة أرض-جو.
 

الخبرة متوفرة
المحلل العسكري والإستراتيجي مأمون أبو نوار اعتبر إسقاط طائرة السوخوي بصاروخ محمول على الكتف يدل على أن لدى المعارضة مخزونا من صواريخ "إيجلا" أو "إستريلا"، وهي صواريخ ضد الطائرات محمولة على الكتف.

وقال أبو نوار للجزيرة نت "من ناحية فنية يبدو أن الخبرة متوفرة عند مقاتلي المعارضة، من خلال خبرات ضباط الدفاع الجوي القدماء، لأن إطلاقه دقيق وسريع جدا، والتحكم به يجب أن يكون عالي المستوى".
 

ولفت إلى أن الطائرة التي أسقطت تسمى "الطائرة الدبابة"، لأنها مختصة في عمليات القصف الأرضي، مرجحا أن الطيار كان يحلّق على مدى هذه الصواريخ، وهو أقل من عشرة آلاف قدم.

 
أبو نوار قال أيضا إن هذه الطائرة مزودة ببالونات حرارية لتضليل هذه الصواريخ، ولديها أجهزة تحذير وإنذار لتفاديها، ولكن يبدو أن الوقت كان متأخرا لفاعلية هذه المنظومة في الطائرة لتفادي الصاروخ الذي أسقطها.
 

مصدر الصواريخ

وعن كيفية حصول مقاتلي المعارضة السورية على هذا النوع من الصواريخ، رجح المحلل العسكري أن يكون ذلك من مستودعات النظام السوري التي سيطر عليها معارضون في فترات سابقة.
 
ويتفق الخبير في الشأن السوري في قناة الجزيرة تيسير علوني مع ما ذهب إليه أبو نوار بشأن كيفية حصول المعارضة السورية على هذا النوع من الصواريخ.
 
وقال للجزيرة نت إن جبهة تحرير الشام استولت على كتيبة الدفاع الجوي في حلب، كما استولى جيش الإسلام على كتيبة مماثلة في الغوطة الشرقية، وأشار إلى أن جبهة تحرير الشام تمكنت أيضا من الحصول على أسلحة متطورة بعد هزيمة حركة "حزم" التي كانت تدعمها الولايات المتحدة.
 
ويستبعد علوني أن يغير هذا الحادث معادلة المواجهة في سوريا، لافتا إلى أن طريقة المعارضة في رصد الطيران لا تزال تعتمد على المراصد قرب المطارات العسكرية، التي كانت معتمدة في الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى أن هذا النوع من الصواريخ ليس فعالا مع الطائرات التي تحلق فوق عشرة آلاف قدم.

لا تغير في المعادلة

وبالرغم من تأكيده أن هناك رغبة أميركية، وحتى غربية، في ألا تحقق روسيا انتصارا في سوريا، فإنه استبعد بشدة أن تغير هذه الصواريخ، ومن قبلها الطائرات المسيرة التي هاجمت قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين في سوريا نهاية العام الماضي، معادلة المواجهة.
وخلص للقول إن "فلاديمير بوتين يريد إنهاء الحرب بأسرع وقت، لأنه يتجه لانتخابات رئاسية، إضافة إلى استنزاف الحرب في سوريا اقتصاد بلاده المنهك، كما أنه حقق هدف بلاده الإستراتيجي المتمثل في الوصول للمياه الدافئة".
 
ويتفق أبو نوار مع علوني في استبعاد تغير معادلة المواجهة في سوريا، وقال "حادث إسقاط السوخوي لن يغير الكثير على الأرض، لأن كل الطائرات مزودة بمنظومات لتفادي هذه الصواريخ، ولن تغير قواعد اللعبة في مجرى ما يحدث".
 

وتابع "هذه العملية هي جزء من الحرب، ولن تؤثر سياسيا في مجرى الأحداث، ولن تعطي الثوار النفوذ على الطاولة، لكنها مهمة بالنسبة للثوار لأنها تعطيهم دافعا نحو استمرارية مقاومتهم".

 
الأمر ذاته ذهب إليه البرلماني الروسي أليكسي تشيبا، الذي اعتبر الحادث "حالة فردية" لا تستدعي زيادة الوجود العسكري الروسي في سوريا، بل يستدعي تعزيز العمل الاستخباري على الأرض لمنع تكرار مثل هذا الحادث مجددا.
 
وبينما رفع ناشطون سوريون سقف توقعاتهم إلى حد اعتبار الحادث بداية لسيناريو سقوط الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان، يستبعد محللون أن يغير حادث إسقاط الطائرة الروسية المعادلة على الأرض، بل إن بعضهم يذهب إلى اعتبار أن الروس ليسوا في ورطة بسوريا، لكنهم الأميركيون هم من يعانون، حيث يتقاتل حلفاؤهم في الشمال.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الروسية