ما دلالات إسقاط لافتات السيسي؟
عبد الله حامد-القاهرة
شهد قلب القاهرة في الآونة الأخيرة ظاهرة قلب وإسقاط لافتات الدعاية الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي الساعي لفترة رئاسية جديدة، مما يعلقه أنصاره بكثافة في الشوارع والميادين.
ولا تخفى دلالات هذا الفعل اللافت على متابعين يرون أن وراء "قلب السيسي" معارضون للانقلاب العسكري الذي نفّذه قبل أربعة أعوام على الرئيس المنتخب محمد مرسي، أو معارضون لاستمراره في الحكم دعستهم سياساته الاقتصادية العنيفة، أو ممن يرفضون تفريطه في الأراضي المصرية.
ومن وسط القاهرة مرورا بأحيائها وانتهاء بأطراف المدن الجديدة، يمكن بسهولة ملاحظة اللافتات المعلقة ممزقة أو مقلوبة. ففي مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة، أُنزلت لافتة ضخمة تؤيد السيسي ووضعت إلى جوار صناديق كتب عليها "حافظوا على نظافة مدينتكم". وتبدو للفعل هنا أكثر من دلالة، فقلب لافتات قائد الانقلاب المدعوم إماراتيا، تم في مدينة يدعمها صندوق أبو ظبي للتنمية.
أما في قلب القاهرة، فجرى قلب لافتات السيسي في مناطق حيوية وذات دلالة أيضا، من ميدان التحرير الذي كان قلب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، إلى منطقة الإسعاف التي يقع فيها أكثر من مكان حيوي، منها دار القضاء العالي ومكتب النائب العام.
وعلى كورنيش النيل أمام وزارة الخارجية، قُلبت لافتات السيسي فبدا كأنه سيسقط في النيل وليس خارجا منه، فضلا عن رمزية أن صاحب صورة قد وقّع على اتفاقيات مع إثيوبيا اعتبرها مراقبون مهدرة لحقوق مصر المائية. وفي منطقة باب الشعرية الشعبية، خرق مجهولون لافتة لدعم السيسي سرعان ما رمّمها واضعوها مرة أخرى.
وتستدعي هذه الظاهرة ما جرى قبيل ثورة يناير، من تمزيق لافتات صور الرئيس المخلوع حسني مبارك في أكثر من منطقة، بحسب شريف دياب من شباب ثورة يناير.
وقال دياب الذي شارك بعد الانقلاب في تأسيس حركة "بداية" إن تمزيق لافتات الحكام غير المرغوب بهم وإسقاطها "رسالة احتجاج صامتة من المصريين طالما مارسوها بدهاء".
ويذكر دياب أن الأمر استمر حتى بعد نجاح الثورة، بتمزيق وحرق صور مبارك في الميادين، ومعها صور رموز نظامه "الذين حاولوا التسلل إلى مؤسسات الدولة مجددا بعد الثورة".
تجاوب واسع
وحظيت تحركات القوى الشبابية بتجاوب واسع من مختلف فئات الشعب وقتها، لكن "اختلاف الظرف السياسي الآن يعد عاملا مهما في تجحيم مثل هذه الظاهرة" برأي دياب، فالقمع البالغ للحركة الثورية جعل وجودها في الشارع خافتا بشكل لافت، ولم تعد هناك معارضة بالمعنى الحقيقي.
ويعتقد دياب أن إسقاط لافتات السيسي وتمزيقها يتم بشكل فردي، ضمن "نضال المصريين للاحتجاج بأقصى ما يملكون من قدرة على التعبير عن رفض السيسي".
وينفي عبد الرحمن عز -وهو من شباب ثورة يناير أيضا- تشبيه ما يجري الآن من "احتجاج قليل الحيلة" بزخم حركي كان يتم في عهد الرئيس المخلوع مبارك.
وبلغ عنف النظام الحالي ضد مناوئيه مرحلة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، فبات "قتل المصريين في الشوارع علنا أمرا معتادا" على حد وصفه.
ولا تعد ظاهرة إسقاط لافتات السيسي وتمزيقها احتجاجا صامتا فقط، برأي عبد الرحمن عز، بل هي كشف عن "غضب شعبي مكتوم، يحاول التعبير عن نفسه بأمان وبسرعة قبل أن تطاله رصاصات النظام الوحشي".
وقال إن المصريين أمسوا يدركون تماما أن أي محاولة للتعبير عن الرأي لن تقل تكلفتها عن التعذيب في السجون أو الإخفاء القسري.
وألمح عبد الرحمن عز إلى أن الفئات المهمشة غير المسيسة أمست هي الأخرى تعاني الإحباط بعدما أخلف النظام وعوده الوردية معها، وهاهم يلمسون اليوم "من كان يعدهم بالحنان، لا يرفق حتى بأقرب أنصاره لمجرد إظهار اعتراضات على سياساته ببيع الأرض والغاز والمياه وسحق الفقراء".