هل يعود السيسي بالإسلاميين لما قبل ثورة يناير؟

تعرض المنتمون للأحزاب ذات المرجعيات الاسلامية لمذابح رغم الفوز بالأغلبية في استحقاقات انتخابية أعقبت الثورة. (تصوير خاص لتظاهرة لأحزاب ذات مرجعية اٍسلامية أعقبت الانقلاب العسكري ـ
مظاهرة لأحزاب ذات مرجعية اٍسلامية عقب الانقلاب العسكري بمصر (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

يرى سياسيون ومراقبون أن سياسات الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي تسعى لإرجاع عقارب الساعة إلى ما قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حيث لم يكن يُسمح للإسلاميين بإنشاء أحزاب أو ممارسة العمل السياسي بغطاء شرعي.

ولاحقت السلطات قيادات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، في استجابة سريعة لبلاغات قدمها محامون مقربون من النظام، تطعن في شرعية تأسيس هذه الأحزاب، وتطالب بحلها "لمخالفتها الدستور الذي ينص على عدم جواز تأسيس الأحزاب على أسس دينية".

آخر المستهدفين بالحل كان "حزب مصر القوية"، الذي سُجن رئيسه عبد المنعم أبو الفتوح قبل أيام، ووُضع على قوائم الإرهاب، تماماً كما جرى لقيادات إخوانية من قبل، طالما عبر أبو الفتوح عن الاختلاف معهم سياسياً.

وأصدرت نيابة أمن الدولة العليا الأسبوع الماضي قرارا بالتحفظ على مقر الحزب، وأملاك رئيسه ونائبه.

وأوصت هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا بإصدار حكم نهائي بحل حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، ثاني أكبر الجماعات الإسلامية بمصر)، وتأجل نظر الدعوى لأبريل/نيسان المقبل.

ودعا البرلماني عماد جاد إلى اتباع النهج نفسه الذي تم مع حزب البناء والتنمية، مع كل الأحزاب التي "أنشئت على أساس ديني"، وفي مقدمتها حزب النور.

وتوالت دعوات برلمانيين مقربين من النظام بحظر الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وطالب البرلماني محمد أبو حامد بسرعة حل تلك الأحزاب، في حين اعتبره مراقبون تمهيداً لمناقشة تشريع يسهّل للمحاكم حظرها.

وكان البرلماني عبد الرحيم علي تقدم قبل شهرين بمشروع لتعديل قانون الأحزاب لحظر إنشاء أى أحزاب قائمة على أساس ديني، وإلغاء القائمة منها.

ولم يدرج المشروع بعد على جدول مناقشات البرلمان لازدحام جدول أعماله.

إحدى فاعليات حزب الاستقلال ذي المرجعية الإسلامية بمقره (الجزيرة-أرشيف)
إحدى فاعليات حزب الاستقلال ذي المرجعية الإسلامية بمقره (الجزيرة-أرشيف)

في مواجهة الحل
وحققت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية نجاحات كبيرة في جميع الاستحقاقات الانتخابية بعد الثورة، حتى وصل رئيس حزب الحرية العدالة محمد مرسي لرئاسة البلاد قبل أن يعزله الجيش في انقلاب عام 2013.

ومنذ الانقلاب العسكري بات كثير من أعضاء هذه الأحزاب بين سجين وطريد.

كما جرى حظر حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان المسلمون) واعتقال معظم كوادره.

أما حزبا الاستقلال والوسط فكثير من قياداتهما وراء القضبان، وهما إلى جانب حزبي الراية والأصالة مهددون بالحل بدعاوى قضائية، بسبب مرجعياتهم الإسلامية.

وجرى رفض الدعوى القضائية المطالبة بحظر حزب النور (الذراع السياسية للدعوة السلفية)، الذي سارع بإعلان دعم السيسي لفترة رئاسية جديدة.

‪خالد الشريف: لا نجاح للديمقراطية دون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية‬  (الجزيرة)
‪خالد الشريف: لا نجاح للديمقراطية دون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية‬ (الجزيرة)
انتقام من الثورة
وتتبدى في لهجة عدد ممن قيادات الأحزاب -الذين رفضوا الحديث للجزيرة- مخاوف من أن تتسبب تصريحاتهم في حل الحزب واعتقال المنتمين له، كما حدث مع مصر القوية، الذي سجن رئيسه بعد حوار مع الجزيرة.

ويؤكد المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية خالد الشريف سعي السلطة الحالية للانتقام من ثورة يناير ممثلة في أحزاب إسلامية "منحتها الثورة شرعية الوجود".

ويرى الشريف أنه "لا نجاح للديمقراطية دون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية".

ويحذر الشريف من أن هذا "السلوك العدواني" ضد الأحزاب الاسلامية "سيؤدي إلى انسداد الأفق السياسي وإغلاق المجال العام".

واعتبر المتحدث ذلك "خطراً يفتح أبواب الشر وينشر الإحباط بين الشباب".

ويري مستشار البناء والتنمية أنه لا بد من "مصالحة وطنية شاملة" تنظر إلى المستقبل ولا تلتفت إلى الماضي وتقوم على التسامح والعفو من أجل مصر.

وقالت عضو المكتب السياسي لحزب الوسط جيهان رجب إن إقدام الدولة على حل الأحزاب الإسلامية لن يفيدها في شيء، فالمعارضة لا تعمل ضد الدولة بل "تعمل لخدمة المجتمع وفق القوانين المنظمة".

وأكدت القيادية بالوسط أن قيادة الحزب هي من تحدد وحدها ما الذي سيتم اتخاذه من إجراءات، سواء بالتجميد أو الاستمرار "لو ظهرت بوادر لحل الوسط خلال الأيام القادمة".

وقال رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار عادل فرغلي إنه لا يحق للحكومة حل أي حزب سياسي، إلا بقرار من المحكمة الإدارية العليا.

ورأى أنه يمكن للأحزاب تحصين نفسها من الحل؛ عبر التقدم بطلب للمحكمة بإثبات أنها تمارس نشاطها وفقا للقواعد التي تأسست عليها ولم تخالف مبادئ إنشائها.

المصدر : الجزيرة