قتل ثلاثة جنود سعوديين خلال مواجهات بين الحوثيين والجيش السعودي في الحد الجنوبي، ليصل عدد القتلى المعلن خلال اليومين الماضيين إلى ثمانية. كما قتل جندي إماراتي جنوب غرب تعز.
تكريس الانفصال
ويؤكد الدبلوماسي اليمني السابق عباس المساوي أن الإمارات تهدف إلى تقسيم اليمن وتدميره والسيطرة على مقدراته وثرواته، مشيرا في حديث للجزيرة إلى أن التحالف العربي تدخّل تحت شعارات كبيرة جدا ليتحول إلى محتل نازي فاشي يمارس أبشع أنواع الجرائم ضد اليمنيين، على حد قوله.
وفي السياق ذاته يشير مراقبون إلى أن الإمارات لا تضع وحدة اليمن في الحسبان، ولا تعمل للحفاظ على هذه الوحدة (الشمال والجنوب) بغض النظر عن انقسام هذا البلد في الوقت الحالي، بل هي تعمل وفق مصالحها الاقتصادية بالأساس، وهي ترى أن الانفصال ربما أضمن لهذه المصالح.
ومن خلال الدعم القوي الذي تقدمه الإمارات للانفصاليين في الجنوب، واستثمار ملايين الدولارات في البنية التحتية، وتسليح المليشيات الانفصالية، ومؤخرا -في يناير/كانون الثاني المنصرم- السيطرة على عدن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعد أداة أبو ظبي الرئيسية في اليمن، تتهيؤ الإمارات لكسب ثمار عملها و"إقامة الإمارة الثامنة" لها، وفق موقع "ميدل إيست آي".
وتؤكد الوقائع والأحداث أن القوات الإماراتية أضحت صاحبة النفوذ الحقيقي على الأرض، وهي تخالف في الغالب السياسات وتوجهات الحكومة اليمنية، إلى حد مواجهتها عسكريا كما حصل في شهر يناير/كانون الثاني الماضي من اقتتال بين القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني المدعومة والتابعة للقوات الإماراتية في عدن.
وتشير تقارير إلى أن أبو ظبي أقنعت الرياض -المربَكة بخساراتها في اليمن- بخيار الاتجاه إلى تقسيم البلد وفك ارتباط الجنوب عن الشمال، بدعوى استحالة فرض السيطرة على جميع المحاور والجبهات، ومن ثم تقاسم النفوذ، لتتكفل السعودية بالمناطق الشمالية بحكم تأثيرها الحيوي على أمنها، في حين تفرض الإمارات السيطرة على المحافظات الجنوبية.
ويؤكد موقع ميدل إيست آي أن الإماراتيين يعتبرون الجنوب اليمني محافظة تابعة لهم، أو إمارة ثامنة تمكّن الإمارات -بفضل موقع الجنوب الإستراتيجي وغناه بمصادر الطاقة وبنيته التحتية- من الصعود قوة عظمى عالميا في هذا المجال.
ويشير مراقبون إلى أن النفوذ الإماراتي في اليمن قام بالأساس على خلط الأوراق، والعمل على تقويض نفوذ حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتقديم الدعم المادي والعسكري بقوّة لقوات الحزام الأمني وبشكل واضح للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب بانفصال الجنوب ويعمل بشكل واضح عسكريا لإسقاط سلطة الرئيس هادي في المحافظات الجنوبية اليمنية.
تمدد في الفوضى
وانعكس هذا النفوذ الإماراتي جغرافيا على خريطة المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة الرئيس هادي، إذ تخرج كل يوم من سلطة الحكومة اليمنية لتقع تحت سيطرة القوات الموالية والتابعة للقوات الإماراتية، والتي أصبحت صاحبة النفوذ الأكبر حتى في أغلب المناطق الواقعة تحت السيطرة الحكومية.
وتسيطر الإمارات على محافظتي عدن ولحج عبر قوات الحزام الأمني، في حين دخلت محافظتيْ حضرموت وشبوة الساحليتين والغنيتين بالنفط أيضا ضمن مناطق النفوذ الإماراتي عبر ما تعرف بـ"قوات النخبة الحضرمية" و"قوات النخبة الشبوانية".
وقبالة خليج عدن في المحيط الهندي، تسيطر الإمارات بشكل كامل على جزيرة سقطرى -كبرى الجزر اليمنية- وبنت فيها منشآت يعتقد أنها قواعد عسكرية، وتعمل الإمارات على السيطرة الكاملة على الشريط الساحلي لمحافظة تعز، ووصلت إلى ميناء ومدينة المخا باتجاه محافظة الحديدة لاستكمال السيطرة على الشريط الغربي حيث يوجد عدد من الموانئ البحرية المهمة.
ويشير موقع "ميدل إيست آي" إلى أن المصلحة الوحيدة للإمارات العربية المتحدة في اليمن تتمثل في السيطرة على ألفي كيلومتر من الساحل اليمني، وهو الركن الأساسي في إستراتيجية أبو ظبي لتصبح قوة كبرى في قطاع الطاقة وموانئ التصدير.
وقد أقامت الإمارات قاعدة عسكرية جوية في جزيرة ميون التي تقع في قلب باب المندب، وأخرى في منطقة ذوباب، كما سيطرت على ميناء المخا وحوّلته إلى قاعدة عسكرية، وهي -كما يقول مراقبون- جزء من مخطط أكبر، هدفه التحكم في مراكز التجارة ذات الأهمية الإستراتيجية.
ويأتي هذا التمدد الإماراتي رغم ما ينشر عن التجاوزات الإماراتية الكبيرة على الصعيد الإنساني والحقوقي والاغتيالات الممنهجة للمعارضين والمناوئين لها وعمليات التعذيب، إلا أن الواقع اليمني المرير والتمزق الذي تشهده البلاد سياسيا وعسكريا، جعل الأجندة الإماراتية قابلة للتحقق في الوقت الراهن.
وإذا كانت الإمارات نجحت في تحقيق بعض من مآربها في اليمن مستغلة الفوضى المستشرية في البلاد وارتباك حليفها السعودي، فإن هذا النفوذ يبقى مرهونا بأسئلة التقلبات والمتغيرات غير المحسوبة التي يشهدها اليمن والمنطقة والعالم.