لماذا تحوّل التضامن مع طارق رمضان لسجال مغربي؟

ملصق دعائي: المتضامنون مع رمضان اعتبروا القضية ملفقة وانتقدوا الحملة الشعواء ضده.
صورة ملصق دعائي لتظاهرة تضامنية مع طارق رمضان المعتقل في فرنسا (الجزيرة)

سناء القويطي-الرباط

 

انتقل السجال بشأن اعتقال المفكر الإسلامي طارق رمضان في فرنسا إلى المغرب بعدما أعلنت سبع جمعيات مغربية تنتمي معظمها للتيار الإسلامي تنظيم تظاهرة تضامنية مع رمضان غدا السبت بالدار البيضاء، مما أثار حفيظة معارضي هذا التيار هناك.

وتروم التظاهرة حسب المنظمين "الدعم المعنوي للمفكر طارق رمضان والتعريف بقضيته وبفكره، ومساندته في المحنة التي يواجهها على أثر تلفيق تهمة الاغتصاب إليه في فرنسا منذ شهرين".

وأطلقت هذه المبادرة جمعيات المسار وأنوار وفضاء الأطر والحضن والرعاية، إلى جانب الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، وجمعية طلبة المعهد الوطني للزراعة والبيطرة.

وانقسم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بين مساند للمبادرة التضامنية على اعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وبين من استغرب هذا التضامن مع متهم بالاغتصاب مقارنا هذه القضية باتهام فتاة فرنسية للمغني المغربي سعد المجرد.

وهاجم بعض النشطاء وإحدى الصحف القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين بعد إشارة الملصق الدعائي للتظاهرة إلى مشاركته فيها، مما دفع هذا الأخير إلى إعلان الاعتذار عن المشاركة في تدوينة على صفحته في فيسبوك.

تضامن وهجوم
ويقول منظمو التظاهرة التضامنية مع رمضان إن الأخير "يتعرض منذ أسابيع إلى حملة شعواء في أوساط بعض فعاليات المجتمع الفرنسي المدني تقصد النيل من سمعته، وخدش مكانته من خلال القذف والاتهام بالاغتصاب".

وأضاف المنظمون "أمام هذه القضية الملفقة، في محيط أظهر فيه الجهاز القضائي عجزه عن تحري الإنصاف والحياد والبراءة المبدئية، خاصة في القضايا المتعلقة بدعاوي الاغتصاب والتحرش، حريُّ بالمتتبعين للنشاط الفكري للأستاذ طارق رمضان، ومرتادي محاضراته التي يلقيها بانتظام في مختلف المحافل الجمعوية (نسبة للجمعيات) والجامعية في كل المدن المغربية، أن يعبروا عن تضامنهم مع المفكر العالمي المرموق".

‪بوشوى: مبادرة التضامن مع طارق رمضان تشوّه صورة المغرب‬ (الجزيرة)
‪بوشوى: مبادرة التضامن مع طارق رمضان تشوّه صورة المغرب‬ (الجزيرة)

ويتضمن برنامج التظاهرة قراءة في فكر طارق رمضان، وقراءة حقوقية في نازلته القضائية، ثم مداخلات تضامنية مع المفكر في محنته لعدد من المثقفين والفاعلين في الجمعيات، ثم إطلاق رسالة مفتوحة لمن يهمه الأمر.

ثقافة الاغتصاب
وأثارت هذه المبادرة غضب فدرالية رابطة حقوق المرأة، وهي جمعية نسائية يسارية، التي أصدرت بيانا اعتبرت فيه هذا التضامن "محاولة لشرعنة ثقافة الاغتصاب وللتأثير على العدالة".

وقالت رئيسة الفدرالية لطيفة بوشوى في حديث للجزيرة نت إن خلفية الداعين للمبادرة أيديولوجية محضة وتنمّ عن شرعنة لثقافة العنف والتمييز ضد النساء.

ووصفت بوشوى هذه التظاهرة بأنها "تشوّه صورة المغرب"، لأن الأمر بحسبها يتعلق بمحاولة التأثير على مجرى القضاء، ولكون هذه المبادرة منفردة ولم تتحرك في هذا الاتجاه أي جهة من أي بلد آخر احتراما للسير العادي للعدالة.

ونقل موقع كشك التابع لحزب الأصالة والمعاصرة، المعارض التقليدي لحزب العدالة والتنمية، الجدل الدائر في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال إن مثقفين بينهم قيادي بحزب العدالة والتنمية "أعلنوا تضامنهم مع طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، رغم أن النظام الفرنسي يعدّ من الأنظمة المعروفة باستقلالية السلطة القضائية".

مناكفة أيديولوجية
ويقول المحامي ورئيس الجمعية المغربية لاستقلال القضاء عبد اللطيف الحاتمي، الذي سيقدم قراءة حقوقية لقضية رمضان، إن معارضي التظاهرة التضامنية "غير ملمين بتفاصيل القضية، ونظرتهم قصيرة"، مستغربا مهاجمتهم للتظاهرة عوض الانضمام للمبادرة والدفاع عن تطبيق القانون.

‪بودن: السجال بشأن التضامن مع طارق رمضان مجرد مناكفة أيديولوجية‬ (الجزيرة)
‪بودن: السجال بشأن التضامن مع طارق رمضان مجرد مناكفة أيديولوجية‬ (الجزيرة)

وأوضح الحاتمي أن النقاش في هذه القضية سيكون قانونيا وليس سياسيا، وأضاف "نحن نتضامن مع طارق رمضان لأن القانون لم يطبق تطبيقا سليما في حقه"، مشيرا إلى أن عددا من المعطيات تثبت أن الملف ليس عاديا، بل هو سياسي بالدرجة الأولى، وأن من وراءه أشخاص يريدون رأس طارق رمضان.

بالمقابل، قلل رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية محمد بودن من شأن هذا الجدل، موضحا أن هذه القضية لا تعدو أن تكون مناكفة فكرية أيديولوجية، وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الأفكار الرئيسية لهذه القضية تتمحور من جهة حول رؤية الطرفين لقضية العدالة، ومن جهة أخرى تتأثر بشخص له طرح فكري معين.

وقال بودن إن الجدل بشأن التضامن مع طارق رمضان أبعد من أن يؤثر في المجتمع المغربي لأن القضية مرتبطة بجهاز القضاء في دولة أخرى، علاوة على أن المجتمع المغربي منشغل بقضاياه الداخلية.

المصدر : الجزيرة