لهذه الأسباب تريد إسرائيل قتل أونروا

UNRWA Commissioner-General Pierre Krahenbuhl speaks during a news conference at a UN-run school in Gaza City January 22, 2018. REUTERS/Suhaib Salem
تدير أونروا سبعمئة مدرسة بمناطق عملياتها الخمس ويدرس فيها 525 ألف طالب (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت

رغم أن المطالبة الإسرائيلية بإغلاق منظمة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعود لسنوات ماضية، فإنها حازت على زخم كبير الشهرين الأخيرين بعد أن قلصت الولايات المتحدة مساعداتها للوكالة مباشرة بعد قرار الرئيس دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
 
ولدى إسرائيل تاريخ طويل من الدعاية المعادية لأونروا، ورغم أنها تحاول تقديم مبررات تلبسها رداء سياسيا وإنسانيا فإن كافة المراقبين والمحللين وحتى القائمين على المنظمة الدولية يرون أن هذه الدعاية تهدف لتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين ولدت أونروا من رحم مأساتهم بعد نكبة عام 1948.
 
وأونروا بالنسبة لأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني بمثابة المخيم الكبير الذي يجمعهم، ولدى دخول المرء لأي مخيم للاجئين من تلك المنتشرة في مناطق عمليات المنظمة الخمس (غزة، الضفة الغربية، الأردن، لبنان، سوريا)، يقابله علم الأمم المتحدة الذي يرتفع في مداخلها وعلى مباني المدارس فيها.
 
ويشكل العلم الأممي الأزرق للاجئين الفلسطينيين رمزا لاستمرار قضيتهم المتمثلة بالمطالبة بحق العودة، وتحاول إسرائيل في دعايتها تأكيد أنها لا تريد إسقاط هذا العلم وإنما تغيير اللافتات التي تنتشر تحته.
 

من أونروا للمفوضية
فإسرائيل تريد أن ينتقل اللاجئون الفلسطينيون من عهدة أونروا إلى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، دون المرور طويلا على الإسقاطات بالغة الخطورة التي تحول مشاكل هؤلاء من قضية سياسية إلى قضية إنسانية شأنهم في ذلك شأن عشرات الملايين من اللاجئين من ضحايا الحروب حول العالم.

 
وتعتبر أونروا مسؤولة عن 6.1 ملايين لاجئ فلسطيني، بعد أن كان هذا العدد سبعمئة ألف عام 1948، وكانوا يشكلون وقتها ثلثي عدد الفلسطينيين الذين هجروا من أراضي فلسطين عام 1948.
 
وتدير الوكالة نحو سبعمئة مدرسة، يدرس فيها 525 ألف طالب يتلقون التعليم الأساسي، ويعتبر قطاع غزة منطقة العمليات الأكبر لأونروا حيث بات يعتمد نحو 80% من سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني فلسطيني على مساعداتها بفعل الحروب والحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ عام 2007.
في السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل من دعواتها لإغلاق أونروا، لكنها ومنذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض عملت على الاستفادة من سياساته التي توجها بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ثم رفضه تمويل الوكالة بعد أن قال إن بلاده لا تحظى بأدنى تقدير من الفلسطينيين رغم مئات الملايين التي تدفعها بلاده لهم.
 

تقليص المساعدات
وقلصت واشنطن -التي تتصدر قائمة الدول الممولة للوكالة الدولية- مساعداتها السنوية هذا العام لأونروا، حيث حولت في يناير/كانون الثاني الماضي ستين مليون دولار من أصل 125 مليونا تمثل مساهمتها السنوية في موازنة أونروا الأساسية.

 
وتقدم الولايات المتحدة أكثر من ضعف هذا الرقم مساعدات للبرامج والموازنات الطارئة لأونروا سنويا، وهو ما جعلها تتنبأ بأزمة جديدة تضاف لأزماتها التي تعاني منها أصلا وآخرها عجز بموازنة عام 2017 بلغ 49 مليون دولار.
 
وفي مرات عدة، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتفكيك أونروا ونقل صلاحياتها للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وفي رحلته الأخيرة للهند، أبدى نتنياهو سعادته إزاء الخطوة الأميركية بتقليص المساعدات لأونروا، ونقل التمويل الموجه لها للمفوضية التي قال إنها نجحت بشكل لافت في إدارة ملفات اللاجئين حول العالم.
ودائما ما يصف نتنياهو الوكالة بأنها "المشكلة في قضية اللاجئين الفلسطينيين وليس الحل" وسبق أن دعا المندوبة الأميركية بالأمم المتحدة نكي هيلي خلال زيارتها لإسرائيل العام الماضي للعمل على تفكيك أونروا، متهما إياها بأنها تساهم في نشر الكراهية ضد إسرائيل ومنع التوصل لاتفاق سلام.

المبررات الإسرائيلية
ويقدم السفير الإسرائيلي السابق بالأمم المتحدة رون فراوشر أبرز ما تضمنه الدعاية الإسرائيلية المطالبة بقتل أونروا، أوجزها بمقال نشره الشهر الماضي بصحيفة "إسرائيل اليوم" ويتلخص بما يلي:

– أونروا تمثل العقبة الرئيسية في عدم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأنها تعمل على تأبيده بربط وجودها بتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
– أنشأت الوكالة قبل 71 عاما لرعاية شؤون سبعمئة ألف لاجئ فلسطيني، لكنها اليوم باتت مكلفة بإدارة حياة 5.3 ملايين فلسطيني تعتبرهم لاجئين.
– تعمل وكالة الغوث على تضخيم أعداد اللاجئين الفلسطينيين لأنها تستفيد من ذلك ماليا، فموازنتها تمنح اللاجئ الفلسطيني أربعة أضعاف اللاجئ الآخر من مختلف دول العالم، حيث يصل نصيب الفلسطيني من أونروا إلى 246 دولارا مقابل 58 للاجئين الآخرين.
ووسط هذه المبررات الإسرائيلية وخطوات الفعل الأميركية، يبدو الدور العربي الذي يعتبر الأضعف في تمويل الوكالة غائبا عن إيجاد إستراتيجية تبقي على أونروا باعتبارها رمزا لقضية اللاجئين الفلسطينيين حتى تحقيق عودتهم لوطنهم. 
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية