معركة "عرفات" الانتخابية.. هل تعيد خلط الأوراق في موريتانيا؟

مقر بلدية عرفات في نواكشوط
مقر بلدية عرفات في نواكشوط (الجزيرة)

السالك زيد-نواكشوط

وضعت الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية في موريتانيا أوزارها قبل أسبوع، بمعركة دارت رحاها في بلدية "عرفات" -الأكبر في العاصمة نواكشوط– بين حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم وحزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (تواصل) ذي التوجه الإسلامي المعتدل.

واتهم حزب "تواصل" السلطات بإطلاق حملة إعلامية شرسة ضده واتهامه بدعم الإرهاب ونشر الفكر الإسلامي المتطرف، في محاولة لانتزاع بلدية عرفات التي يسيطر عليها منذ العام 2006.

ورغم هذا الهجوم على الحزب، وإغلاق معهد تكوين العلماء الذي يرأسه الشيخ محمد الحسن ولد الددو، تمكن من الفوز ببلدية عرفات في الجولتين الأولى والثانية بفارق معتبر من الأصوات.

غير أن الحزب الحاكم طعن قضائيا في نتائج الجولة الثانية وحكم القضاء بإعادتها، فيما بات يعرف في موريتانيا بالشوط الثالث الذي اعتبرته المعارضة محاولة من النظام لانتزاع "عرفات" بالقوة لا بصناديق الاقتراع.

وعبر رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال عن استيائه من قرار القضاء القاضي بإعادة الجولة الثانية، وقال في صفحته على فيسبوك أن هناك محاولات لجر العملية الانتخابية إلى الوراء، بعد ما مرت بسلام وسلاسة، ودون شوائب تذكر.

فضيحة سياسية
ويرى حزب "تواصل" ومن معه من الأحزاب المعارضة في لائحته، أن إعادة الجولة الثانية في بلدية عرفات تعتبر فضيحة سياسية للسلطات، حسب المتحدث باسم الحزب في الانتخابات الماضية صبحي ودادي.

ويضيف للجزيرة نت أن "إعادة الجولة الثانية في عرفات أكدت حجم التدخل في القضاء من طرف السلطة التنفيذية، ويبدو أن النظام ظن بأنه سيحسم النتيجة في الإعادة بمحاولات شراء الذمم وتوظيف كل أطره المالية والسياسية".

من جهة أخرى يقدم أنصار النظام وجهات نظر مختلفة، وتبريرات لهزيمة حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" في عرفات، ويبسط بعضهم من وقعها رغم أن النظام قدم كل ما لديه من أجل الفوز بها.

وفي هذا السياق تعتبر الناشطة في "الاتحاد" فاتو منت لمعيبس أن التنافس في عرفات يعبر عن مدى تطور العملية الانتخابية في موريتانيا.

تحالفات انتخابية
وتتجه الأنظار الآن في موريتانيا إلى الانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2019، ويتداول حديث في أوساط المعارضة عن التفكير في مرشح موحد للرئاسيات، واستمرار التحالفات السياسيات التي حصلت في الانتخابات الأخيرة.

ويعتقد الإعلامي عبيد ولد إميجن أن تجربة الأحزاب المعارضة في الانتخابات الأخيرة كانت مهمة للغاية، خاصة في بعدها التكتيكي.

ويضيف ولد إميجن للجزيرة نت أن هذا التحالف الانتخابي برهن على نجاعة تصوراته السياسية في أفق الاستحقاقات الرئاسية المنتظرة، لكن الأمر الجوهري هو أن هذا النجاح النسبي حفز زعماء المعارضة على التباحث حول إمكانية تقديم مرشح موحد.

وفي هذا السياق، يقترب رأي القيادي في "تواصل" صبحي ودادي من رأي ولد إميجن، ويؤكد أن هذه التحالفات إذا تواصلت وحافظت على المسار التنسيقي التوحيدي، وتمكنت من امتلاك المبادرة وتوحيد صفوفها لاختيار مرشح توافقي أو خطة سياسية انتخابية، فإن ذلك قد يكون بداية لتقديم مرشح موحد ومن ثم الفوز في الانتخابات.

وستكون الانتخابات الرئاسية القادمة حاسمة لقادة المعارضة ممن يطمحون إلى انتزاع السلطة من مرشح النظام المرتقب، الذي سيكون –حسب مراقبين- مدعوما من الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز الذي أكد أنه لن يبتعد عن الساحة السياسية بعد انقضاء عهدته الأخيرة التي شارفت على الانتهاء.

وترى المعارضة أن استمرار السلطة الحالية في الحكم ونجاح مرشح مقرب منها هو استمرار لحكم العسكر، مما يرجح دخول المعارضة في تحالفات للمراهنة على نجاح مرشح منها في الوصول إلى القصر الرمادي، وهو ما يشي بتنافس حامي الوطيس وانتخابات رئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات.

المصدر : الجزيرة