قتل أقباط بنفس الطريق والطريقة.. هل يزعزع تحالفهم مع النظام؟

قس يواسي قريبات أحد ضحايا الهجوم
قس يواسي قريبات أحد ضحايا الهجوم (رويترز)

عبد الكريم سليم-القاهرة

تظاهر مئات الأقباط أمام مطرانية مغاغة بمحافظة المنيا جنوب مصر، وأمام المستشفى الذي يعالج به مصابو حادث دير الأنبا صمويل، بحسب إفادات لناشطين وشهود عيان.

واتجه عشرات من الأقباط لخط السكك الحديد مهددين بوقف حركة القطارات، في احتجاج نادر على ما أسموه "التراخي الأمني في تأمين الأقباط وأديرتهم".

ولقى نحو 15 قبطياً مصرعهم رمياً بالرصاص مساء الجمعة في طريق عودتهم في ثلاث حافلات من زيارة دير الأنبا صموئيل المعترف.

وفي مايو/أيار من العام 2017 سقط عشرات الأقباط بين قتيل ومصاب، بنفس الطريق والطريقة.

وشهدت البلاد عدداً من عمليات العنف والتفجيرات في الكنائس التي راح ضحيتها عشرات الأقباط منذ الانقلاب العسكري، وأعلن بيان منسوب لتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الحادث الأخير.

غضب متصاعد
ورأى مراقبون في احتجاجات الأقباط دلالة على انفجار الغضب المكتوم الذي يغذيه كل حادث يقع بحقهم، ويلقي بظلال من الشك على جدية دعاوى النظام لحمايتهم، مما يمكن أن يفجر التحالف القائم بين النظام والكنيسة.

وتبرز الكنيسة المصرية كأكبر حليف داخلي للنظام الذي نشأ بانقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 متحالفاً مع عدد من القوى السياسية والدينية، وتحرص الكنيسة على حشد أتباعها في زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية.

وقال شهود إن "شعب الكنيسة" بالمنيا أبدى امتعاضاً أثناء كلمة الأسقف العام الأنبا مكاريوس التي نقل فيها تعازي السيسي لهم، كما تعالت أصوات الرفض حينما ذكر أسماء المعزين من القيادات السياسية والأمنية، في سلوك نادراً ما يقع داخل الكنيسة مطالبين بإقالة القيادات الأمنية والتنفيذية بالمحافظة.

وذهب نشطاء أقباط معارضون إلى أن التوجهات السياسية للكنيسة "سبب رئيسي في العنف الموجه للمسيحيين".

بدوره نعى السيسي ضحايا الهجوم، في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر، مضيفاً "عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة".

‪تشييع جنازة بعض ضحايا الهجوم‬ تشييع جنازة بعض ضحايا الهجوم (رويترز)
‪تشييع جنازة بعض ضحايا الهجوم‬ تشييع جنازة بعض ضحايا الهجوم (رويترز)

تفريغ المرارة
وأبدى أقباط شعوراً بالمرارة من تجاهل وسائل الإعلام للحادث، بينما قامت بتغطيته الفضائيات العربية والأجنبية.

ويقلل المفكر القبطي أكرم بقطر من قيمة هذه الاحتجاجات، وعدّها تفريغاً لمخزون الغضب، ثم يعود شعب الكنيسة تحت قيادتها لتوجهه كيفما تشاء، وهي بذلك تلعب دورها المرسوم لها في التحكم بالأقباط مقابل سلطة جزئية على بسطاء الأقباط ومعظمهم تابع بلا حول ولا قوة.

ولفت بقطر -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن التحالف بين النظام وقيادات الكنيسة قائم على مصالح متبادلة منذ ما قبل ثورة يناير وصولاً للانقلاب، وتوثق بعده. وتعتمد الكنيسة في كثير من سلطتها على فكرة التخويف من فزاعة الإسلام عموماً وما يسمى الإسلام السياسي خصوصاً.

ووقعت هبّات معدودة للأقباط ضد الانتهاكات بحقهم، وتصاعد هتاف شبابهم ضد الشرطة أمام الكنيسة البطرسية منذ عامين، وقاموا بطرد الإعلاميين "المنافقين".

ويستدل بقطر بهذه الواقعة ليؤكد توقعه بعودتهم كالعادة لحضن الكنيسة عقب هدوء عاصفة الاحتجاجات الأخيرة.

ورأى الباحث بشؤون الحركات الجهادية أحمد فريد مولانا أن تنظيم الدولة اعتمد -بعد تفكك معظم مجموعاته السابقة خارج سيناء– على إستراتيجية تركز على صنع توتر طائفي يؤثر على تماسك المجتمع، ويمهد إن اتسعت وتيرته لدخول البلاد بصراع طائفي ينهك النظام الحاكم، ويخلق فجوة يمكن للتنظيم أن يتمدد من خلالها.

ونفذ التنظيم ضمن هذه الإستراتيجية خمس عمليات سابقة ضد كنائس وأديرة، ولكن وتيرة هذه العمليات رغم قوتها "لا تكفي لتفكيك تحالف النظام والكنيسة" بحسب مولانا، لأن هذا التحالف "يكفل مصالح الكنيسة" فضلا عن أن النظام يعمل بضراوة على تفكيك التنظيم. وتدرك القيادات الكنسية "خطورة دخولها بشكل مباشر مثل هذا الصراع".

ويتوقع مولانا -بحديثه للجزيرة نت- أن تؤدي تلك الحوادث فقط إلى تقوية موقف الرافضين لتجاوز الكنيسة لدورها وانخراطها في الحياة السياسية بشكل فج، مما جلب للأقباط خصومات كانوا في غنى عنها.

المصدر : الجزيرة