ترامب يتجنب لقاء محمد بن سلمان ويستميت بالدفاع عنه بالكونغرس

U.S. President Donald Trump meets with Saudi Deputy Crown Prince and Minister of Defense Mohammed bin Salman in the Oval Office of the White House in Washington, U.S., March 14, 2017. REUTERS/Kevin Lamarque
ترامب خلال لقاء مع محمد بن سلمان في وقت سابق بالبيت الأبيض (رويترز)
محمد المنشاوي-واشنطن
 
أثارت تصريحات جون بولتون مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي، التي قال فيها إن الرئيس ترامب لا ينوي لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين المزمعة بالأرجنتين نهاية الشهر الحالي؛ كثيرا من التساؤلات.
 
وأوضح بولتون -في مؤتمر صحفي عقد بالبيت الأبيض- أن ترامب لن يعقد أي محادثات مع محمد بن سلمان على هامش القمة، بسبب ازدحام جدول أعماله.
 
وتتعلق هذه التساؤلات بما سبق أن أعلنه ترامب شخصيا عن إمكانية عقد لقاء مع ولي العهد السعودي في الأرجنتين. وجاءت تصريحات ترامب عقب صدور بيان مكتوب من البيت الأبيض في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لم يحدد موقفا حاسما من مسؤولية محمد بن سلمان عن مقتل خاشقجي.
وذكر بيان ترامب أنه "من الممكن جدا أن ولي العهد كان على علم بهذه الواقعة المأساوية، ربما كان ذلك، وربما لم يكن". وكان ترامب قال في لقاء مع صحفيين مرافقين له في عطلة عيد الشكر إنه يعتزم مقابلة محمد بن سلمان على هامش اجتماعات قمة مجموعة الدول العشرين الكبرى في الأرجنتين إذا شارك في القمة، وذلك قبل أن يقول إنه "من غير الواضح حتى الآن إذا كان محمد بن سلمان سيشارك في القمة".
سارة هاكابي تركت الباب مفتوحا لاحتمال حدوث لقاء عابر بين ترامب ومحمد بن سلمان (رويترز-أرشيف)
سارة هاكابي تركت الباب مفتوحا لاحتمال حدوث لقاء عابر بين ترامب ومحمد بن سلمان (رويترز-أرشيف)

دوافع ترامب
سيلتقي ترامب -كما ذكرت بيانات البيت الأبيض- قادة كوريا واليابان وألمانيا والهند والأرجنتين وتركيا وروسيا والصين. وعلى الرغم مما ذكره بولتون، تركت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز احتمال حدوث لقاء عابر غير مخطط له بين ترامب وولي العهد السعودي، قائلة "أعلم أن جدول الرئيس ترامب مزدحم للغاية، ولا أعتقد أن هناك أي وقت لعقد المزيد من اللقاءات الإضافية. إلا أنه ربما يكون هناك تواصل، لن أستبعد ذلك".

لا يستبعد بعض الخبراء الأميركيين أن يقوم ترامب بمفاجأة كعادته، ويلتقي محمد بن سلمان خارج الجدول المخطط له، خاصة بعدما تركت المتحدثة باسمه الباب مفتوحا أمام مثل هذا السيناريو.

ويرى عدد من الخبراء في واشنطن أن الرئيس ترامب ربما أراد من خلال الإعلان عن عدم لقائه ولي العهد السعودي تخفيف الضغط على وزيرى الخارجية مايك بومبيو، والدفاع جيمس ماتيس. وكان الوزيران قاما بتقديم إفادة سرية أمام مجلس الشيوخ حول الحرب في اليمن ومقتل خاشقجي.

كما يمكن أن يكون الإعلان محاولة لاسترضاء أعضاء مجلس الشيوخ إلى حين الانتهاء من قمة العشرين. ويستغرب الكثيرون تغير موقف ترامب، وإعلان البيت الأبيض عدم لقاء الرئيس وولي العهد السعودي، وتناقض ذلك مع ما قاله الرئيس الأميركي شخصيا، وعزمه على لقاء محمد بن سلمان بالأرجنتين، والذي جاء بعد دقائق من صدور بيانه حول تقرير سي آي أيه، الذي رآه ترامب غير كاف لتحميل ولي العهد السعودي مسؤولية مقتل جمال خاشقجي.

دوافع محمد بن سلمان
يرغب محمد بن سلمان من خلال تمثيل بلاده في قمة الدول العشرين الكبرى في بدء مرحلة ترميم صورته وشرعيته الدولية التي اهتزت بدرجة كبيرة عقب الإعلان عن تفاصيل مقتل جمال خاشقجي.

وكان لخروج تسريبات لتقرير سي آي أي، والذي يشير إلى مسؤولية ولي العهد المباشرة عن عملية القتل؛ أثر كبير في ازدياد الضغوط المطالبة بتحقيقات دولية وشفافة حول الجريمة.

ويهدف محمد بن سلمان من حضور القمة إلى عقد لقاءات ولو عابرة مع زعماء غربيين خاصة الرئيس ترامب. وستعد أي مصافحة بينه وبين أي مسؤول غربي رسالة رمزية مهمة إلى الداخل السعودي، ورسالة قوية للخارج حول استمرار شرعيته ودعم واشنطن له.

إلا أن عودة محمد بن سلمان من الأرجنتين دون لقاءات -ولو عابرة- وأخذ صور مصافحات باليد مع زعماء الغرب وترامب؛ سيعد ذلك إخفاقا كبيرا لمحاولته المتسرعة في ترميم صورته العالمية.

فشل بومبيو وماتيس
يأتي ذلك في وقت صوّت فيه مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 63 صوتا مقابل 37 على المضي قدما في مناقشة مشروع قرار بإنهاء الدعم العسكري الأميركي للتحالف بقيادة السعودية في اليمن. وتسمح نتيجة التصويت بفتح باب المناقشات حوله قبل التصويت النهائي عليه، والذي قد يجري الأسبوع المقبل.

ولم يقنع بومبيو وماتيس الأصوات البارزة المعنية بصياغة السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ، ومنهم بعض الجمهوريين من حزب الرئيس، بمنطق ضرورة استمرار تقديم الدعم للسعودية في حربها على اليمن.

وحاول الوزيران بلا جدوى حث أعضاء مجلس الشيوخ على عدم خفض مستوى الدعم المقدم للسعودية في اليمن وضرورة عدم ربط ذلك بجريمة قتل الصحفي خاشقجي "مخافة الإضرار بالأمن القومي الأميركي وتهديد استقرار الشرق الأوسط". 

وكان من الملفت غياب مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل عن الجلسة، ورأي السيناتور الديمقراطي ديك ديربن أن "أهم ما حدث اليوم في الإفادة الأمنية حول مقتل خاشقجي تمثل في خلو مقعد مديرة سي آي أي جينا هاسبل؛ البيت الأبيض لن يقر بتورط محمد بن سلمان المباشر في هذه الجريمة".

وردا على الانتقادات بغياب هاسبل عن جلسة الكونغرس، قال المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية تيموثي باريت في بيان إن البيت الأبيض لم يمنع مديرة المخابرات من المشاركة بالجلسة أمام مجلس الشيوخ، ودستوريا لا يستطيع الرئيس منع أحدا من وزرائه من المثول أمام لجان الكونغرس، وإن كان يستطيع فقط عرقلة ذلك بصورة مؤقتة.

المصدر : الجزيرة