السلطة توقف رواتب موظفي نادي الأسير وضغوط لتغيير مهامه

دعم نادي الأسير إضرابا واسعا بقيادة مروان البرغوثي العام الماضي وتعرض لضغوطات بعده
نادي الأسير دعم إضرابا واسعا بقيادة مروان البرغوثي وتعرض لضغوط بعده (الجزيرة نت)

ميرفت صادق–رام الله

يتعرض نادي الأسير الفلسطيني لضغوط من جهات في السلطة الفلسطينية لإعادة هيكلته وتغيير مهامه، وتجلت في الشهور الأخيرة في وقف صرف رواتب العشرات من محاميه وموظفيه في فروعه الممتدة بالضفة الغربية.

وعلمت الجزيرة نت أن 27 محاميا يترافعون عن الأسرى في المحاكم الإسرائيلية وينفذون زيارات دورية لهم في السجون، لم يتقاضوا رواتبهم منذ ستة شهور، بعد توقف صرفها من وزارة المالية الفلسطينية.

وحسب مصادر مطّلعة، لم يتلق أكثر من عشرين موظفا يعملون على بند العقود في عشرة فروع لنادي الأسير بالضفة الغربية رواتبهم في الشهور الثلاثة الأخيرة، بعد أن أوقفت السلطة صرف ميزانية النادي منذ يوليو/تموز الماضي.

ويحصل نادي الأسير على تمويل قيمته 75 ألف شيكل (نحو عشرين ألف دولار) شهريا من الحكومة الفلسطينية، بالإضافة إلى مصادر دعم ذاتية نجح النادي في تجنيدها خلال سنوات عمله.

وقال المحامي محمود الحلبي إن وزارة المالية أوقفت منذ مطلع يوليو/تموز الماضي رواتب محامي نادي الأسير، في حين صرفت بصورة اعتيادية رواتب المحامين التابعين لهيئة شؤون الأسرى.

والمحامي الحلبي مسؤول في نادي الأسير عن ملف الأسرى الخاضعين للاعتقال الإداري، ويقدم خدمات قانونية لـ170 أسيرا على الأقل من خلال متابعة محاكماتهم.

وقال للجزيرة نت إن المحامين "مستمرون في عملهم رغم وقف رواتبهم لالتزامهم الوطني والأخلاقي أمام الأسرى وعائلاتهم، ولالتزامهم بتمثيل الأسرى أمام المحاكم الإسرائيلية". وأضاف أن وقف رواتب المحامين "قرار جائر ولا أخلاقي، خاصة أنها مقرّة ضمن ميزانية هيئة شؤون الأسرى منذ بداية العام".

‪قدورة فارس: هناك محاولات لتقويض منظومة عمل بناها النادي‬ (الجزيرة نت)
‪قدورة فارس: هناك محاولات لتقويض منظومة عمل بناها النادي‬ (الجزيرة نت)

تحويل مهمات
ومنذ شهور تدور مفاوضات بين ممثلي نادي الأسير وجهات في السلطة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لإعادة هيكلة صلاحياته، ويشرف على هذه المفاوضات أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب.

وحسب مصادر مطلعة، يدور النقاش حول إلحاق نادي الأسير بهيئة شؤون الأسرى، وتحويل مهامه من متابعة شؤونهم داخل السجون إلى الاعتناء بظروفهم بعد تحررهم وإعادة دمجهم في الحياة العامة، في حين توكل مهمة متابعة قضاياهم أثناء الاعتقال لهيئة شؤون الأسرى فقط.

لكن رئيس نادي الأسير والقائمين عليه رفضوا التعقيب على مجريات المفاوضات ونتائجها، وقال رئيس النادي "نخوض حوارا بنّاءً منذ نحو عام ونصف العام، ونسعى للوصول إلى صيغة تحافظ على ما أنجز للأسرى وتدعم منظومة عمل النادي"، وعبر عن أمله في نجاح الحوار.

وإلى جانب نشاطه في مناصرة الأسرى شعبيا وإعلاميا، يقدم نادي الأسير الدعم القانوني لهم من خلال 27 محاميا تتوزع مهامهم بين الترافع في المحاكم الإسرائيلية أو القيام بزيارات دورية للأسرى، ونقل تقارير عن أوضاعهم في المعتقلات والانتهاكات الواقعة عليهم.

وكان لنادي الأسير مقر في مدينة القدس، إلا أن سلطات الاحتلال أغلقته ضمن حملتها على المؤسسات الفلسطينية في المدينة خلال انتفاضة الأقصى، مما حدا بالمؤسسة لافتتاح مكتب لخدمة الأسرى وعائلاتهم في ضاحية الرام شمال القدس، غير أن الاحتلال أغلقه أيضا عام 2011.

وبدأت الضغوط على نادي الأسير بعد نشاطه اللافت في دعم إضراب الأسرى الذي استمر أكثر من أربعين يوما في أبريل/نيسان ومايو/أيار من العام الماضي، وكان بزعامة القيادي في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي.

وكانت فدوى البرغوثي عضو المجلس الثوري لحركة فتح وزوجة مروان اتهمت أطرافاً داخل حركة فتح والسلطة بمحاولة إفشال الإضراب، الذي شارك فيه مئات الأسرى، وتحدثت في حينه عن "تحركات سياسية لإجهاضه".

‪نادي الأسير الفلسطيني أسس من أعضاء في حركة فتح لكنه قدم خدمات لأسرى من كل الفصائل‬ (الجزيرة نت)
‪نادي الأسير الفلسطيني أسس من أعضاء في حركة فتح لكنه قدم خدمات لأسرى من كل الفصائل‬ (الجزيرة نت)

تقويض منظومة
وأُنشئت جمعية نادي الأسير قبل قيام السلطة، بجهود نخبة من قيادات الأسرى في سجن جنيد الإسرائيلي عام 1992، في محاولة لإيجاد جسم يرعى الأسرى وعائلاتهم خارج السجون.

وكما قال رئيسه قدورة فارس، فقد كان النادي مكونا أساسيا في وضع ملف الأسرى إلى رأس سلم الاهتمام الشعبي والرسمي. ويرجع الفضل لنادي الأسير في إعداد قانون الأسرى والمحررين في المجلس التشريعي الأول والدفع بقضية الأسرى كملف أساسي في المفاوضات مع الاحتلال.

وقال فارس للجزيرة نت إن نادي الأسير سُجل كأول جمعية أهلية بعد قيام السلطة، بجهود مجموعة من أبناء حركة فتح، إلا أنه قدم خدماته لكل الأسرى من جميع الفصائل.

وأكد رئيس النادي أن "هناك عملا لإعادة تصميم نادي الأسير، "وأقرّ" بمحاولة تقويض منظومةٍ عملَ النادي على بنائها لخدمة الأسرى لسنوات طويلة". وأضاف "لدينا قلق من المساس بهذه المنظومة التي بنيناها مع مؤسسات وطنية أخرى".

وأشار فارس إلى أن تغطية الخدمات التي يقدمها النادي للأسرى ماليا بدأت منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي اعتمد نادي الأسير كعنوان لإيصال المساعدات للأسرى، قبل أن يعمل النادي نفسه على تقديم مشروع في المجلس التشريعي الأول لإقامة وزارة مختصة بالأسرى والمحررين.

وحوّلت السلطة وزارة شؤون الأسرى التي شكّلت عام 1998 كجزء من الحكومة الفلسطينية، إلى هيئة للأسرى تحت إطار منظمة التحرير عام 2014، في ظل تحريض إسرائيلي وأميركي على السلطة واتهامها بصرف مخصصات "تدعم الإرهاب" من أموال المساعدات الدولية.

ومطلع أغسطس/آب الماضي، أقال الرئيس الفلسطيني رئيس هيئة الأسرى عيسى قراقع بعد أن دافع الأخير عن حقوق أسرى من قطاع غزة أوقفت السلطة رواتبهم ضمن إجراءاتها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة. وكان لقراقع دور مهم أيضا في دعم إضراب القيادي مروان البرغوثي العام الماضي.

المصدر : الجزيرة