العطش.. شبح يهدد نصف ليبيا

A migrant drinks water at the centre of the Anti-Illegal Immigration Authority in Tripoli, Libya September 10, 2017. REUTERS/Hani Amara
شخص يشرب مياه معبأة في طرابلس (رويترز-أرشيف)

آلاء زارع-طرابلس

"تخيل أن تستيقظ في صباح يوم شتوي بارد لتبدأ نهارك وتجهز أطفالك للمدرسة ولا تجد قطرة ماء في الصنبور"، بهذه الكلمات لخصت إسراء الفيتوري قصة قطع المياه المتكرر عن العاصمة طرابلس.

هذا الواقع دفع إسراء مع زوجها خالد إلى تخزين المياه، والتفكير في حفر بئر تقيهم شبح قطع المياه، إضافة إلى شراء خزانات من أجل ادخار ما يرويهم.

وقال خالد للجزيرة نت "لا ماء ولا كهرباء ولا سيولة، لم نضطر لفعل ذلك منذ عشرات السنين، صرنا نعيش في شبه دولة".

ما تقوم به عائلة الفيتوري يسير على نسقه أغلب العائلات في العاصمة، لكن العوائق أمام الحلول الجزئية مستمرة بحسب محمد عبد الله (رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد) ويقول "لدي بئر لكنها تحتاج إلى الكهرباء لعمل المضخة".

ويشكك عبد الله -كغيره من الليبيين- في احتمالات نجاح حكومة الوفاق (المعترف بها دوليا) في إيجاد أي حلول في حال وقعت الكارثة وانقطع الماء نهائيا، معتبرا أن الحكومة واجهت صعوبات في فرض سلطتها منذ وصولها العاصمة في مارس/آذار الماضي.

‪محطات مياه طالتها يد التخريب في ليبيا‬ (الجزيرة)
‪محطات مياه طالتها يد التخريب في ليبيا‬ (الجزيرة)

وحسب تصريحات القائمين على قطاع المياه في ليبيا، فإن استمرارها قد يهدد ثلاثة ملايين ليبي يقطنون في المنطقة الغربية بالعطش.

تفاقم الصراع
آخر تحذير جاء قبل أيام من مستخدمي إدارة المنطقة الجنوبية لمنظومة الحساونة وسهل الجفارة من مشروع النهر الصناعي، عبر بيان أكدوا فيه أن الاعتداءات المتكررة أدت إلى تدمير 77 بئرا.

وتدرجت الاعتداءات على المنظومة منذ العام الماضي، حين هددت مجموعة مسلحة بنسف مولدات الكهرباء وتخريب الآبار إذا لم يجرِ وقف إمدادات المياه عن تلك المدن التي تسيطر عليها حكومة الوفاق.

وأكدت هذه المجموعة أن المياه لن ترجع إلا إذا استجابت السلطات لطلبهم بإطلاق سراح أحد قادتهم أو أفرادهم المعتقلين لديها في طرابلس.

‪بائع مياه متجول في أحد شوارع طرابلس‬ (رويترز)
‪بائع مياه متجول في أحد شوارع طرابلس‬ (رويترز)

وقال مصدر مطلع قريب من تلك المجموعات إنها لا تنتمي لأي جهة، رغم أن بعضها محسوب على بعض القبائل، والهدف مما تقوم به هو الحصول على المال أو ابتزاز السلطات الرسمية لإطلاق سراح أحد معتقليها.

تخريب الآبار
ويقول رئيس لجنة الأزمة ناصر الكريوي "إذا استمر تخريب آبار المياه بالصورة الحالية سيسبب ذلك كارثة إنسانية حقيقية".

وأضاف للجزيرة نت "أنه حتى الآن تمت سرقة وتخريب ما بين 400 و420 بئر مياه تغذي المنطقة الغربية في حال انقطعت المياه فعليا".

وحسب تحذير جهاز مشروع النهر الصناعي، فإن ذلك يعني انقطاع المياه عن كامل المنطقة الغربية، وبالتالي فإن ثلاثة ملايين ليبي مهددون بعدم الحصول على المياه.

وتابع رئيس لجنة الأزمة "إنهم وضعوا خططا منذ 2013؛ منها إنشاء محطة تحلية شرق طرابلس، لكن المشروع لم ينفذ نتيجة نقص التمويل، إضافة إلى الاعتداء على الأرض التي كانت مخصصة للمشروع، ولم يتم إيجاد أرض بديلة، كما أن قرار إنشاء هذه المحطة يحتاج لإرادة سياسية قوية لتنفيذه".

وتحدث الكريوي عن حلول أخرى يسعون إلى العمل عليها، ويبقى أنسبها إنشاء محطة تحلية، أو إنشاء خزانات ضخمة للمياه داخل طرابلس.

وحذر المتحدث باسم منظومة النهر الصناعي توفيق الشويهدي من "ضياع أكثر من ثلاثمئة ألف متر مكعب من المياه بسبب أعمال التخريب"، مضيفا للجزيرة نت أن ذلك يشكل 30% من الاستهلاك اليومي للمنطقة الغربية.

‪محطة مياه دمرتها جماعات مسلحة‬  (الجزيرة)
‪محطة مياه دمرتها جماعات مسلحة‬  (الجزيرة)

وطالب الشويهدي السلطات بوضع حلول لهذه المشكلة، أو رفع يدها عن محطات المياه، وأن تنحصر مهمتها في استخراج المياه فقط، وليست حماية الحقول والمحطات.

الضحية الأكبر
ويرى الصحفي المختص في الشأن الليبي عصام الزبير أن المواطن هو ضحية الأزمة، وليست المشاريع الزراعية، مضيفا للجزيرة نت أن الأزمة حصلت مرتين قبل ذلك وبقيت العاصمة دون مياه، ورغم ذلك لم يتحرك أحد.

وأرجع السبب الحقيقي للأزمة إلى "عدم وجود دولة"، وعدم قيامها بمهامها، سواء تأمين المياه في حالة الانقطاع، أو تأمين المنظومة من الناحية الأمنية.

المصدر : الجزيرة