حاصل على الدكتوراه وبطل رياضي.. مهدي منتظر جديد بإيران

صورة من الفيديو الذي ظهر فيه الشاب سايان وادعي فيه أنه المهدي المنتظر
الفيديو الذي ظهر فيه سايان وادعي أنه المهدي المنتظر (مواقع)

الجزيرة نت-طهران

في الـ 19 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر محمد حسين بور المعروف بالدكتور سايان مقطعا مصورا بإيقاع موسيقي مؤثر، قدّم نفسه على أنه "الإمام المهدي المنتظر".

الشاب حاصل على الدكتوراه وجوائز رياضية عديدة في الفنون القتالية المختلطة (MMA) وقيل إن له مؤلفات مثل موسوعة الفن في المجتمع والإعلام العالمي، وهو مؤسس لفنون قتالية حملتها مسميات إيرانية قديمة.

ويعد الموعود أو المنجي ركنا أساسيا لمعتقدات الشيعة الـ 12، عليه ينتظر أبناء المذهب ظهور إمامهم الذي يؤمنون أنه قد غاب عن الأنظار عام 260 هجرية في غيبة صغرى، قبل أن تبدأ غيبته الكبرى عام 329 هجرية، بعد وفاة نائبه الرابع حسب اعتقادهم. منذ ذلك التاريخ إلى اليوم ادعى كثيرون في مناطق وجود الشيعة أنهم ذاك المهدي المنتظر الغائب أو على تواصل معه.

يقول سايان إنه عمل لسنوات بصعوبة كبيرة تحت اسم مزيف، والأمن الإيراني بعد أن اكتشف تشابها كاملا بين اسمه الحقيقي ونسبه وما ورد في الكتب التاريخية عن المهدي المنتظر، أصبح يلاحقه لاعتقاله، حسب زعمه.

زعم "المهدي الإيراني" الهارب إلى خارج إيران أن السماء ستشهد على حقيقته من الأول إلى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني بمعجزات سيراها العالم كله وإن لم تتحقق نبوءته هذه سيكون كاذبا. مرّ هذا التاريخ وثبت كذبه.

وسبق أن استضافه التلفزيون الرسمي في برنامج "حالا خورشيد" الشهير الذي تبثه القناة الثالثة، مما أثار جدلا وتساؤلا كبيرين بعدما ادعى أنه المهدي المنتظر، مما أدى إلى اعتذار القناة على الاستضافة.

وجوه بارزة
سبق سايان كثيرون زعموا أنهم المهدي المنتظر في إيران، ولا سيما بعد مجيء الدولة الصفوية، أشهرهم محمد علي شيرازي الملقب بالباب مؤسس الفرقة البابية عام 1887 ميلادي.

أعدم الباب رميا بالرصاص ويوجد قبره في حيفا. ادعى بادئ الأمر أنه نائب المنتظر، وفي آخر حياته زعم أنه المهدي المنتظر نفسه.

من أبرز أتباعه حسينعلي نوري مؤسس البهائية التي ينتشر أتباعها بمئات الآلاف في دول عدة بما فيها إسرائيل. وهي ديانة تحظرها طهران، وتتعامل بغلظة مع من يدين بها، حيث يتعرض للسجن وعقوبات أخرى.

‪شيرازي مؤسس البابية الذي يعتبر أشهر دعاة المهدية المعاصرين بإيران‬ شيرازي مؤسس البابية الذي يعتبر أشهر دعاة المهدية المعاصرين بإيران (مواقع تواصل)
‪شيرازي مؤسس البابية الذي يعتبر أشهر دعاة المهدية المعاصرين بإيران‬ شيرازي مؤسس البابية الذي يعتبر أشهر دعاة المهدية المعاصرين بإيران (مواقع تواصل)

ومن دعاة المهدية أيضا كان علي رضا بيغان الذي نشر أفكاره عبر موقع إلكتروني وكتاب باسم "القائم" في 673 صفحة. يقول في كتابه إن الإمام الـ 12 للشيعة توفي بداية الغيبة الكبرى -حسب المعتقدات- مخلفا إمامين يحملان اسم علي، وهو آخرهم.

عام 2008، عندما أعلن المدعي العام لمدينة قم الدينية بإيران عن إعدام "بيغان" كشف في نفس الوقت عن اعتقال خمسة آخرين ادعوا أنهم الإمام الـ 12 والـ 13 والـ 14 مستغلين معتقدات الناس للحصول على عوائد مالية حسب قوله.

فضلا عن ذلك، يزعم آخرون في مناطق عديدة بإيران أنهم على تواصل مباشر مع الإمام الـ 12 الغائب ويتلقون منه تعليمات يومية، والبعض ذهب أبعد من ذلك، إذ ادعت سيدة تدعى "فريدة غ" أنها تزوجت من المهدي المنتظر الذي اعتقلته السلطات الإيرانية عام 2005.

بعد تزايد هذه الحالات خلال السنوات الماضية، اتخذ المرشد الإيراني موقفا في مناسبات عدة بقوله إن الزعم بالعلاقة مع "الإمام الغائب" غالبا ما تكون كذبا ونتيجة تخيلات ذهنية.

‪حسين بور المعروف بالدكتور سايان‬ حسين بور المعروف بالدكتور سايان (مواقع تواصل)
‪حسين بور المعروف بالدكتور سايان‬ حسين بور المعروف بالدكتور سايان (مواقع تواصل)

شهد عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد -الذي كان يفتتح خطاباته الداخلية والدولية بالتحية على الإمام الـ 12 لدى الشيعة- انتشارا واسعا لهذه الظاهرة، وكان يُتهم ومقربون منه بأن لهم دورا كبيرا في ذلك. في تلك الظروف، صرّح علي لاريجاني بأن من يزعم أنه على علاقة بالمهدي المنتظر فهو يكذب وفتح دكانا سياسيا.

أسباب الظاهرة
يعزو المتخصصون والأطباء النفسيون أسباب تفشي هذه الظاهرة في إيران إلى عوامل دينية واجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية.

يقول مؤلف كتاب "الدكاكين الورقية" الإيراني علي هوشيار إن العامل الأول هو وجود أرضيات ثقافية في المجتمع تساعد في نشر هذه المزاعم، مضيفا أنه طالما تُطرح على منابر دينية الأحلام وقضايا لا أساس لها، تنتهي إلى ظهور دعاة المهدوية بهذا الشكل في المجتمع.

وتجمع الدراسات الإيرانية المعنية على أن انتشار الخرافات والبدع والانحرافات الفكرية والمشاكل الاجتماعية والأزمات الاقتصادية تشكل أرضية خصبة لظهور هذه الحالات.

ويضيف هوشيار أن العامل الثاني هو الأزمات الاجتماعية، حيث في حالات "الحرب والجفاف والمجاعات والمظالم والفساد في الحكومات، وانخفاض مؤشر الأمل بالحياة يبحث الناس عن منقذ ينجيهم، ففي هذه الظروف يجد دعاة المهدية إقبالا وقبولا لدى الناس.

‪ضريح الباب في حيفا يقول أتباعه إنه تم نقل الجثمان لهذا المكان بعد رميه بالرصاص بإيران‬ ضريح الباب في حيفا يقول أتباعه إنه تم نقل الجثمان لهذا المكان بعد رميه بالرصاص بإيران (مواقع تواصل)
‪ضريح الباب في حيفا يقول أتباعه إنه تم نقل الجثمان لهذا المكان بعد رميه بالرصاص بإيران‬ ضريح الباب في حيفا يقول أتباعه إنه تم نقل الجثمان لهذا المكان بعد رميه بالرصاص بإيران (مواقع تواصل)

من جهته يعزو المؤرخ الإيراني رسول جعفريان تلك الأسباب في كتابه "المهديون المزيفون" إلى أسباب أربعة: الأجواء الاجتماعية والزمان والاقتصاد والسلطة السياسية.

مزاعم خاصة
بدوره يرى الطبيب النفسي د. جعفر بوالهري أن بين مرضاه كل شهر يوجد شخص إلى ثلاثة لديهم مزاعم خاصة بالإمامة والمهدوية، قائلا إن البعض يعانون من اضطرابات نفسية ويشعرون أن لديهم رسالة خاصة عليهم أن يؤدوها، ويربطونها بالمنجي في آخر الزمان، هؤلاء يبحثون عن العلو ومواقع رفيعة في المجتمع بعد أن كان لديهم شعور باحتقار الذات.

وتصنف مجلة المعارف الدينية أهداف دعاة المهدية إلى صنفين: شخصية وفئوية ومنظمة، مضيفة أن الوثائق والتجارب الموجودة تؤكد أن هذه "المجموعات المنحرفة" لديها صلات سياسية مباشرة أو غير مباشرة وكانت موجهة من قبل الأجانب.

وتضيف المجلة أن من الدوافع الشخصية لهؤلاء حب الشهرة وكسب المال، والاستغلال الجنسي والتعويض عن حالات الفشل بالحياة.

المصدر : الجزيرة