محللون: عملية خان يونس تصعيد محدود قبيل التهدئة

محللون: عملية خان يونس تصعيد محدود تسبق التهدئة
صحف إسرائيلية غطت العملية الخاصة التي قامت بها قوات الاحتلال في خان يونس (الجزيرة)

محمد محسن وتدالقدس المحتلة

في الوقت الذي توعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من باريس حركة حماس بضربة موجعة واستبعد الحل السياسي مع قطاع غزة طالما بقيت حماس في الحكم، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية خاصة شملت توغلا لعدة كيلومترات شرق خان يونس.

وأتت هذه العملية الخاصة للاحتلال وسط انتقادات للمستوى السياسي بإسرائيل "للتهدئة المتدرجة" مع غزة، والتي أطلقت مرحلتها الأولى بالسماح للمنحة القطرية لدفع رواتب الموظفين بالدخول إلى القطاع، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وأكد محللون عسكريون أن العمليات الخاصة للجيش تتواصل على مدار السنة، لكنهم رجحوا أن توقيتها في هذه المرحلة أتى بعد الانتقادات التي وجهت للمستوى السياسي الذي بحث من خلال العملية عن صورة "انتصار" بالمضي نحو "التهدئة" المؤقتة.

تعتيم وتقييم
وفي الوقت التي فُرضت فيه الرقابة العسكرية على العملية الخاصة التي تم إحباطها من قبل فصائل المقاومة والكشف عنها بسبب خطأ تقني، بحسب المراسلة العسكرية للإذاعة الإسرائيلية الرسمية كرميله منشه، فقد أكد الجيش مقتل أحد الضباط وإصابة جندي بجروح في الاشتباك المسلح الذي أسفر عن مقتل سبعة من فصائل المقاومة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال رونين منلس في بيان لوسائل الإعلام "لقد خاضت القوة الخاصة عملية في عمق القطاع ولم يكن هدفها الاختطاف أو الاغتيال، وقام المقاتلون بمعركة شرسة تمكنوا فيها من القضاء على التهديد ونجحوا في العودة إلى إسرائيل في عملية معقدة، نحن نستعد لسلسلة من السيناريوهات".

‪كتائب القسام تصدت لتوغل قوة إسرائيلية جنوبي غزة‬ (رويترز)
‪كتائب القسام تصدت لتوغل قوة إسرائيلية جنوبي غزة‬ (رويترز)

وقبيل وصول نتنياهو إلى البلاد بعد أن قطع زيارته لفرنسا، أجرى رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغامان، جلسة لتقييم الوضع بمشاركة كبار قادة الجيش والاستخبارات، حيث استعرضا جاهزية الجيش وقوات الأمن في مواجهة أي تطورات مستقبلية، فيما قام الجيش بتعزيز قواته في القيادة الجنوبية العسكرية، وأعلن عن جهوزيته لتفعيل قوة كبيرة في حال طلب منه ذلك.

وقال أيزنكوت في تصريح صحفي وصل الجزيرة نت نسخة منه، إن "قوة خاصة للجيش نفذت عملية ذات أهمية كبيرة لأمن إسرائيل. لقد أدارت القوة وقوات سلاح الجو معركة شجاعة بشكل بطولي"، على حد تعبيره.

إحباط وإخفاق
من جانبه، استعرض المراسل العسكري لموقع "ويلا" أمير بوخبوط العملية الخاصة شرق خان يونس، قائلا "لقد توغلت قوة خاصة من الجيش الإسرائيلي في عمق قطاع غزة كجزء من عملية جمع معلومات استخباراتية، لكن عناصر حماس اكتشفوا العملية، وفي تبادل لإطلاق النار قتل ضابط برتبة ملازم، وأصيب ضابط آخر بجروح متوسطة".

ويرى المحلل العسكري أن العملية التي تم الكشف عنها أمس كان من المفترض أن تكون سرية، أي أن تبدأ بهدوء وتنتهي بهدوء كذلك دون أن يعلم الجانب الفلسطيني بها. يمكن الافتراض أن مثل هذه العمليات المعقدة تحدث أكثر من مرة في السنة لجلب أكثر المعلومات حساسية عن العدو والاستعداد للسيناريوهات المتطرفة في الساحة الفلسطينية، وفقا للنهج "إذا كنت مهتما بالتطلع إلى الأمام، يجب أن تتصرف على أرض العدو لفهم ما يخطط له"، على حد قوله.

‪القائد القسامي الشهيد نور بركة‬ (مواقع التواصل)
‪القائد القسامي الشهيد نور بركة‬ (مواقع التواصل)

ويضيف بوخبوط "يجب على إسرائيل أن تخلق أكبر عدد ممكن من الخيارات للعمل في أراضي العدو قدر الإمكان، من أجل القيادة العليا للمؤسسة الأمنية والمستوى السياسي. لكن إسرائيل لم تنجح في الضغط على حماس لتمهيد الطريق لصفقة محتملة لاستعادة جثث المقاتلين: أورون شاؤول وهدار غولدين، والمدنيين الإسرائيليين اللذين عبرا الحدود إلى الأراضي الفلسطينية واحتجزتهما حماس".

ويمكن التقدير -بحسب المراسل العسكري- أنه بعد العملية تم إجراء مكالمات هاتفية مع المصريين لتهدئة المنطقة ومنع التصعيد. وعند هذه النقطة، بدأت حماس بإطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل، وفي الوقت نفسه، نشر الجيش تفاصيل الحادث بطريقة أثنت على مقاتليه.

تبرير وتحقيق
من جانبه، قال المحلل العسكري لموقع "واينت" رون بن يشاي إن دخول قوة من الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة يعرض حياة المقاتلين للخطر، ويمكن أن يؤدي إلى أسر، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد كبير وبالتالي فإن العملية التي جرت مساء الأحد كانت غير عادية في السنوات الأخيرة.

وأضاف بن يشاي أن العملية "يتم تنفيذها فقط في ظروف خاصة، عندما لا تكون هناك معلومات استخباراتية أو وسائل أو خدعة أو طريقة عمل دون وجود للمقاتلين في ساحة المعركة، الأمر الذي سيحقق النتيجة المرجوة للجيش أو جهاز الأمن العام".

وتابع المحلل العسكري "عادة ما يتطلب هذا الإجراء لهذا النوع من العمليات تحديدا دقيقا ومحددا للهدف، أو إجراء تحقيق شامل عبر اتصال مباشر مع الجهة التي تقوم بجمع المعلومات الاستخبارية.

ويتساءل المحلل العسكري: ما الذي حدث هناك بالضبط؟ وكيف ولماذا تم الكشف عن القوة في العملية السرية والتورط في المعركة؟ وأضاف أن هناك سؤالا آخر هو: كيف وصل قائد كبير من حماس إلى مسرح العملية حتى تم قتله؟ هل رصدت القوة أنشطة حماس -ومنها على سبيل المثال- حفر الأنفاق؟

وعلى الرغم من سقوط ضحايا من الطرفين، وحقيقة أن ما لا يقل عن عشرين قذيفة هاون وصواريخ أطلقت على الأراضي الإسرائيلية في المناطق المجاورة لغزة، يرجح بن يشاي أن أحداث مساء الأحد لن تؤدي بالضرورة إلى تصعيد وعملية عسكرية واسعة النطاق من قبل إسرائيل في قطاع غزة.

المصدر : الجزيرة