ما دلالات ورسائل زيارة وزير خارجية قطر لبغداد؟

A handout photo made available by Iraqi Prime Minister office shows Iraqi Prime Minister Adil Abdul-Mahdi (C-R) meeting with Qatari Deputy Prime Minister and Minister of Foreign Affairs Sheikh Mohamed bin Abdulrahman Al Thani (C-L)
زيارة وزير خارجية قطر لبغداد تمهد لصفحة جديدة للتعاون والانفتاح (الأوروبية)
مروان الجبوري-بغداد

في زيارة هي الأولى لمسؤول خليجي رفيع المستوى إلى العراق بعد تولي عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء، استقبلت بغداد الأربعاء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والوفد المرافق له.

وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب إن الضيف القطري أجرى مباحثات مع الرئاسات الثلاث بشأن تعزيز التعاون بين البلدين، وتأكيد دعم الدوحة للحكومة العراقية الجديدة.

كما أكد أن الزيارة حملت رسالة دعم لاستقرار العراق بعد تحقيق النصر على "الإرهاب" وجرى خلالها الحديث عن تعاون في مجال الموانئ وتفعيل الربط البحري وفتح الخطوط الملاحية بين البلدين.

ووفقا لمحجوب فقد تبادل المجتمعون وجهات النظر بشأن المتغيرات الإقليمية بالمنطقة وأمن الخليج، وتطورات الأزمة السورية والحرب في اليمن والعقوبات الأميركية على إيران.

وأضاف للجزيرة نت أن الطرفين أجريا مباحثات رسمية تم فيها الاتفاق على عقد اللجنة الوزارية المشتركة، وأن تكون قطر شريكا مهما في إعادة إعمار العراق والتعاون بمجال النفط والغاز، خاصة أن والوفد ضم عددا من الشخصيات الاقتصادية التي التقت بنظيراتها العراقية، على أمل توسيع مجالات التعاون في المستقبل القريب.

الكربولي رأى أن الزيارة مؤشر إيجابي على عودة العراق للحضن العربي
الكربولي رأى أن الزيارة مؤشر إيجابي على عودة العراق للحضن العربي

خبرات ومشاريع
ويرى كثيرون أن هذه الزيارة ربما تكون فاتحة لحضور أكبر لدولة قطر بالعراق، عبر تعاون أوسع بين البلدين ومشاريع مشتركة، كما أنها ستفتح آفاقا سياسية واقتصادية مهمة للبلدين، وهي مؤشر إيجابي على عودة العراق للحضن العربي ولعب دور مهم بالمنطقة، بحسب عضو مجلس النواب العراقي محمد الكربولي.

ووصف الكربولي العلاقات بيت البلدين خلال السنوات الماضية بحالة من "التوتر وعدم الاستقرار" لكن الحال تغير اليوم، وخاصة بعد هذه الزيارة التي يمكن أن تعضد دور الحكومة الجديدة ودعم قطاع الاستثمار والاستفادة من الخبرات الموجودة في البلدين.

بالإضافة إلى أن هناك اتفاقيات كانت معطلة بين البلدين بحكم التوتر السابق في العلاقة، إلا أن الوزير الزائر أجرى لقاءات مع وزيري الصناعة والتجارة، وأعلن عن تفعيل دور صندوق الاستثمار القطري في الساحة العراقية خلال الفترة القادمة، وهو أمر يبشر بخير يعود على الطرفين، بحسب تعبيره.

ويرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية واثق الهاشمي أن الزيارة لم تكن مفاجئة، وجرى الترتيب لها خلال فترة ولاية رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وهي تؤشر على وجود توجه قطري للتعاون والانفتاح على العراق من بوابة الاقتصاد والاستثمار، بالإضافة لمواقف سياسية مشتركة تجمع الطرفين.

ويضيف الهاشمي للجزيرة نت أن هناك ارتياحا في الشارع العراقي لهذه الزيارة، من خلال وجود قناعة لدى قطاعات واسعة من العراقيين بضرورة تجسير العلاقات مع المحيط العربي والإقليمي، بعيدا عن الاستقطاب وسياسة المحاور، وفق تعبيره.

ويعتقد المحلل السياسي أن الزيارة تحمل دلالات على تطور سريع في العلاقات بين بغداد والدوحة، خاصة وأنها الزيارة القطرية الأولى بهذا المستوى التي يستقبلها رئيس الحكومة الجديد.

وتأتي هذه الزيارة في ظل انحسار وتراجع الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ودول أخرى على قطر، وهو ما يدفع الهاشمي للاعتقاد بأن العراق يمكن أن يلعب في المستقبل القريب دورا في "التخفيف من حدة الأزمة الخليجية".
 

انفتاح اقتصادي
ويتوقع محللون سياسيون أن يستقطب العراق مشاريع صناعية قطرية، ويستفيد من الخبرات الإدارية والرياضية القطرية التي تستعد لتنظيم بطولة كأس العالم عام 2022 في الدوحة.

وبعد سنوات من القطيعة مع المحيط العربي عاشها العراق في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بدأت الحكومة السابقة بالانفتاح بشكل واسع على الجوار العربي والاقليمي، وتسعى الحكومة الحالية -حسب برنامجها المعلن- إلى استكمال ما تم من تخفيف للتوتر وتطبيع العلاقات مع العواصم العربية مرة أخرى.

ولعل الاقتصاد أبرز عناوين هذه الزيارة -كما يرى الخبير الاقتصادي علاء الفهد- حيث إن عودة العلاقات مع الدوحة ستنعكس بشكل إيجابي على الاستثمارات وخاصة في مجال استخراج الغاز الطبيعي.


ويشير الفهد إلى أن العراق يسعى للاستفادة من خبرات الشركات القطرية في مجال تطوير حقول الغاز في عدة مناطق بالبلاد، وخاصة حقل عكاز في الأنبار.


وقد كان لقطر دور بارز في مؤتمر المانحين الذي عقد في الكويت مطلع العام الحالي، ويمكن تطوير ذلك باستقطاب رؤوس أموال قطرية للاستثمار بالساحة العراقية، وإقامة مشاريع إنسانية وبيئية، وشطب الديون وتقديم منح مالية إلى العراق لمساعدته على الخروج من أزمته الحالية، بحسب ما يرى.

وقد بدأت العلاقات بين البلدين تستعيد عافيتها في عهد العبادي، وشهدت بغداد والدوحة زيارات متبادلة، ودعما قدمته قطر للرياضة العراقية، ومساهمات في التخفيف من أزمة النزوح التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة.

ووفقا للخبير الاقتصادي همام الشماع فإنه لم يعلن شيء رسمي عن التفاهمات التجارية أو توقيع اتفاقيات استثمارية بين البلدين، لكن هذه اللقاءات يمكن أن تكون ممهدة لذلك.

بالإضافة إلى ذلك، فإن البلاد بحاجة إلى إعادة بناء للمناطق التي دمرتها الحرب، ويمكن أن يكون للشركات القطرية دور بارز في ذلك، في ظل عجز الميزانية والديون التي ترهق كاهل العراق.

المصدر : الجزيرة