عادل عبد المهدي يواجه دولة عميقة وفسادا واقتصادا هشا

Iraq's parliament elects Barham Salih as president- - BAGHDAD, IRAQ - OCTOBER 2: Independent Shia candidate Adil Abdul-Mahdi (C) is seen after newly elected president Barham Salih (not seen) has given the task to form the government to Adil Abdul-Mahdi at the the Iraqi Parliament building in Baghdad, Iraq on October 2, 2018. Barham Salih, received 219 votes from 272 parliament members winning a clear majority.
مهمة عبد المهدي لا تبدو سهلة في ظل انقسام سياسي واضح تعيشه الساحة العراقية (الأناضول)

مروان الجبوري-بغداد

بعد لحظات على إعلان برهم صالح رئيسا لجمهورية العراق أعلن عن تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الوزارة الجديدة، في تطور سريع بعد فترة ركود دامت نحو خمسة أشهر منذ إجراء الانتخابات البرلمانية.

وفي ظل انقسام سياسي واضح تعيشه الساحة العراقية لا تبدو مهمة عبد المهدي يسيرة ولا طريقه ممهدا، خاصة مع التوتر الذي تعيشه المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران، مما يجعل سياسة إمساك العصا من النصف عسيرة كما يعتقد كثيرون.

ويرى حبيب الطرفي عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة المقرب من عبد المهدي أن أبرز العقبات التي ستواجه الحكومة الجديدة هي الوضع الاقتصادي الهش والفساد المستشري في دوائر الدولة حتى أصبح مؤسسة خطيرة وعقبة كؤودا أمام أي محاولة للإصلاح.

ولا يعتقد الطرفي أن الوضع الإقليمي والخلافات بين واشنطن وطهران ستشكل أولوية لدى عبد المهدي، لأنها أزمة "معقدة وحلولها غير آنية أو جاهزة وبحاجة لوضع دولي جديد".

ويضيف للجزيرة نت أن التشكيلة المنسجمة للرئاسات الثلاث يمكن أن تكون ممرا لاتفاقيات تخدم العراق والمنطقة، لأن عبد المهدي رشح كشخص مستقل، ولديه خبرة طويلة في السياسة والاقتصاد، وهو "مهني وقادر على أن يتعامل مع أحلك الظروف".

لذا فقد جاء ترشيحه جاء كممثل عن كل العراقيين، ولاقى قبولا لدى السنة والشيعة والأكراد، وهو انسجام كان مفقودا سابقا في العملية السياسية، وتحول جديد ومهم، على حد قوله.

الصدر أعلن عن عدم مشاركة كتلته في المناصب الوزارية (الجزيرة)
الصدر أعلن عن عدم مشاركة كتلته في المناصب الوزارية (الجزيرة)

هيمنة الأحزاب
وقد بدأ عبد المهدي مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة في مدة أقصاها شهر واحد حسب التوقيتات الدستورية، ورافق ذلك إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عدم ترشيح أي وزير من كتلته "سائرون".

ورغم أن وصول عبد المهدي إلى سدة الرئاسة كان خطوة توافقية بين معسكري واشنطن وطهران كما يقول البعض فإنه لا تزال أمامه الكثير من الملفات التي يمكن أن تشكل له عقبات في الشارع.

ويرى النائب عن كتلة الوطنية سابقا كامل الغريري أن عبد المهدي سيواجه مشاكل حقيقية إذا لم يحدث توافق أو تعاون بين البرلمان والحكومة.

ويطالبه بعدم الاستجابة لتوجهات لكتل السياسية المتنفذة ومتطلباتها، وأن "يتخلص من سيطرة الأحزاب"، وأن يقدم سياسة مهنية غير طائفية وتتعامل مع جميع العراقيين على أساس المواطنة.

كما أن تحديات أخرى ستواجهه، في مقدمتها حركة الاحتجاج في البصرة ومدن أخرى، فضلا عن المناطق المنكوبة والمدمرة بفعل الحرب، والتي تنتظر حملات إعادة البناء والإعمار وعودة من تبقى من نازحيها.

ويتوقع النائب أن تعمل جهات عدة على إفشال الحكومة الجديدة وعرقلة مسيرتها، لذا فإن على عبد المهدي أن يضع برنامجا لبناء دولة حقيقية وتوفير الخدمات للمواطنين ورفع مستواهم المعيشي.

ولأن البلاد تمر بأزمات خانقة يعتقد الغريري أن من الخطأ أن يكون العراق طرفا في الأزمة الأميركية الإيرانية، أو أن يسمح باستخدام أراضيه لضرب إيران، "بل ينبغي الابتعاد عن هذه المشاكل والنأي عنها قدر المستطاع".

هيمنة الأحزاب واللوبيات من أبرز المعضلات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد (الأناضول)
هيمنة الأحزاب واللوبيات من أبرز المعضلات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد (الأناضول)

الدولة العميقة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مجاهد الطائي أن عبد المهدي سيواجه عقبات عدة، في مقدمتها عقبة الفساد و"اللوبيات" التي تسيطر على مفاصل الدولة العراقية، والمرتبطة بأحزاب ومليشيات متنفذة، بالإضافة إلى عقبة "الدولة العميقة" المتمثلة بحزب الدعوة والمتحالفين معه الذين قد يعمل بعضهم على إفشاله وعدم التجاوب معه.

كما أن تركة الحكومات السابقة من ملفات إعادة الإعمار وحقوق الإنسان والنازحين والمعتقلين وغياب الخدمات تشكل كلها تحديات حقيقية "لا بد من التعاطي معها بإيجابية وسرعة".

ويعتقد الكاتب أن رئيس الوزراء الجديد سيستطيع تقليل نسب البطالة وتحسين الخدمات، لكنه لن يستطيع محاربة الفساد لأنه سيصطدم بأحزاب وشخصيات كبيرة فاسدة، خاصة أنه ضعيف وبلا "ظهر قوي" يسنده وقت الأزمات.

وفي حال محاولته فتح جميع هذه الملفات دفعة واحدة فإنه يمكن أن يسقط قبل إتمام عامه الأول، على حد قوله.

أما فيما يتعلق بالأزمة الإقليمية فإنه قد يستطيع الموازنة بين الطرفين الأميركي والإيراني، مع تفوق لطهران بشكل واضح سياسيا واقتصاديا وأمنيا، على حد تعبيره.

ويشير الطائي إلى أن عبد المهدي جاء نتيجة توافقات أميركية إيرانية وتم إسناده من كتلتي البناء والإصلاح، أي من محورين يؤيدهما قاسم سليماني وبريت ماكغورك، فهو اختير ولم يعترض عليه أحد منهما لتجنيب العراق صراعا سياسيا قد يدخل البلد في نفق مظلم.

المصدر : الجزيرة