إسرائيل ترقب بصمت مصير "حليفها" بن سلمان

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu attends the weekly cabinet meeting at his office in Jerusalem, August 12, 2018. Jim Hollander /Pool via Reuters
نتنياهو يراهن على الحلف الأميركي الإسرائيلي مع ولي العهد السعودي ضد إيران (رويترز)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

في الوقت الذي التزمت فيه إسرائيل الرسمية الصمت حيال اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، تماهت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الحدث العالمي وعمدت إلى نشر تطورات القضية.

وركز محللون ومراكز أبحاث على تداعيات القضية على الحلف الأميركي-الإسرائيلي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تضيق عليه دائرة الاتهام بضلوعه في جريمة القنصلية.

ولطالما راهنت إسرائيل على بن سلمان ليكون حليفا والعمود الأساسي في المحور السني المعتدل، حسب تسميات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، تعيش تل أبيب حالة من الإرباك الخفي مع تعزيز الشبهات حول حليفها ولي العهد السعودي.

ويرافق الإرباك الخفي نوع من خيبة الأمل لدى تل أبيب وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من ولي العهد الذي تحولت السعودية أثناء فترته إلى أداة لدى البيت الأبيض لتنفيذ سياساته ومخططاته الإقليمية وعلى رأسها "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية.

باحثون:
توج العديد من الدول الغربية وإسرائيل بدوافع المصالح الإقليمية المختلفة ولي العهد بن سلمان زعيما وحليفا إستراتيجيا رغم علامات الإنذار الطويل والتحذير من نهجه

مصالح إسرائيل
وكتب "معهد أبحاث الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب تقدير موقف بشأن تداعيات قضية خاشقجي على إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط، مبينا أن حادثة القنصلية في إسطنبول تضع العلاقات بين السعودية وأميركا أمام تحديات لم تعهد منذ هجمات سبتمبر 2011.

وشدد معهد الأبحاث على أن التطورات الأخيرة تعزز الاضطرابات الداخلية التي كانت موجودة لبعض الوقت في السعودية، على ضوء السلوك والنهج التصادمي لولي العهد بن سلمان، ومن المرجح أن تؤدي قضية خاشقجي إلى فترة من مزيد عدم الاستقرار في المملكة، التي من المهم التحضير لها إسرائيليا.

ولا يستبعد المزيد من الصدمات المحتملة للعلاقات الأميركية مع السعودية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح إسرائيل وقدرتها على رؤية المملكة شريكا عمليا في تعزيز الأهداف المشتركة، حسب تقدير الموقف الذي أعده الباحثان إلداد شافيت ويوئيل جوزنسكي. 

ووفقا للباحثين، فقد توج العديد من الدول الغربية وإسرائيل، بدوافع المصالح الإقليمية المختلفة، ولي العهد بن سلمان كزعيم وحليف إستراتيجي رغم علامات الإنذار الطويلة والتحذير من نهجه.

الخطر الإيراني
وتحت عنوان "محمد بن سلمان والعلاقة الإسرائيلية.. حان وقت التفكير مجددا"، كتبت الصحفية شيمريت مئير مقالات في "يديعوت أحرونوت" و"المصدر" تطرقت من خلالها إلى الإستراتيجية الإقليمية الخاصة بالإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، والملخصة بتعزيز التحالف مع مصر، والتقرب من محور الدول المعادية لإيران، وأهمها السعودية.

وتعتقد أنه كان يفترض أن يحدث المحور الإسرائيلي–السعودي تغييرا في النظام الدولي في منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بالجبهة المقاومة لإيران وبالتطبيع، اقتصاديا على الأقل، مع الدول.

وقدرت أن بن سلمان ترك انطباعا رائعا لدى الإسرائيليين واليهود الذين التقوا معه، لكن كان جزء منه مبررا وجزء آخر متعلقا بالرومانسية المبالغ بها التي تبديها إسرائيل لزعيم عربي يوافق على الالتقاء معها.

وقالت إن بن سلمان خالف التقاليد الإقليمية التي يتم فيها الاتفاق مع إسرائيل سرا، وبالمقابل تشهر بالتصريح علنا لوسائل الإعلام السعودية ومواقع التواصل.

وبينت أن التصريح العلني لنتنياهو، الذي أطلقه في الكنيست بشأن التقارب مع الدول العربية، سيؤجل حتى يفلح بن سلمان في تثبيت عرشه.

وخلصت القول إن ولي العهد السعودي لن يفرض بعد -كما يبدو- صفقة القرن الأميركية على الفلسطينيين، كما أن قلة الموهبة السعودية التي تتجسد في تنفيذ العملية المتهاونة لإخفاء خاشقجي تعني أن إسرائيل في الواقع ستبقى وحدها في المعركة ضد الإيرانيين، رغم وجود المحور الإقليمي ضد إيران.

الانقسام الأميركي
وفي مقالة بصحيفة هآرتس، قال السفير الأميركي الأسبق في تل أبيب دان شابيرو إنه إذا ثبت ضلوع بن سلمان في قضية خاشقجي فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة بالنسبة لإسرائيل التي تسعى لإبقاء السعودية في رأس المحور المعادي لإيران، مشيرا إلى أن بن سلمان بسياساته قوض على وجه التحديد أي محاولة لبناء حلف دولي ضد إيران.

ونصح إسرائيل، التي لها مصلحة في بقاء محمد بن سلمان وليا للعهد وكحليف لأميركا، توخي الحذر في التعامل مع قضية خاشقجي، لافتا إلى أن اغتيال خاشقجي يشير إلى أنه لا يمكن الاعتماد على أي حلف بالشرق الأوسط تسعى إلى تعزيزه إسرائيل برعاية أميركية لمواجهة إيران.

المصدر : الجزيرة