"لعبة العروش" وصراع الرئاسيات الجزائرية

ALGIERS, ALGERIA ? APRIL 8: An electoral poster of presidential candidate President Abdelaziz Bouteflika is seen outside a building on the countries election day April 8, 2004 in Algiers, Algeria. Bouteflika is considered the frontrunner in the race while former Prime Minister Ali Benflis is seen as his main challenger. (Photo by Pascal Le Segretain/Getty Images)
صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أحد مباني العاصمة الجزائرية أثناء رئاسيات 2004 (غيتي)

أشهر قليلة تفصل الجزائريين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، ومع اقتراب هذا الموعد تشهد الساحة حراكا سياسيا وعسكريا واقتصاديا صاخبا لا يمكن أن يقرأ خارج سياق "لعبة العروش" التي تسعى لتثبيت أقدامها في مشهد لم يكشف بعد كل أوراقه.

ضربت العاصفة الأولى سواحل "الجزائر المحروسة" عندما تم اكتشاف شحنة ضخمة من مادة الكوكايين قدرها 701 كلغ في ميناء وهران (غرب الجزائر)، ووجهت التهمة إلى تاجر يسمى كمال شيخي الشهير بـ"البوشي" (الجزار، لأنه يستورد اللحوم المجمدة من الخارج).

وعصفت القضية/الفضيحة بعدد من المسؤولين، بمن فيهم قضاة، وذلك بتهمة تقديم تسهيلات للمتهم الرئيسي، وأودعت شخصيات نافذة السجن على خلفية هذه القضية.

وبعدها مباشرة بدأت قيادة أركان الجيش بغطاء رئاسي عزل قادة كبار في الجيش والشرطة، واختلفت القراءات في تحديد الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الإقالات التي قدمت للرأي العام على أنها تأتي في مسار مكافحة الفساد داخل مؤسسات الدولة، غير أن الكثيرين رأوا فيها ملامح صراع على الرئاسيات المقبلة في 2019 من أجل الرهان على الحصان الناجح وقطع الطريق أمام الخصوم والمنافسين.

محاكمات عسكرية
وقبيل أيام أحيل عدد من الضباط ذوي الرتب الكبيرة -الذين تمت إقالتهم- إلى المحكمة العسكرية بسبب تهم تتعلق بالفساد، ومن ذلك "الثراء غير المشروع" و"استغلال الوظيفة"، قبل إيداعهم الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق.

وبحسب قناة "النهار" الجزائرية، يتعلق الأمر بالقائد السابق للدرك الوطني مناد نوبة، والقائد السابق للناحية العسكرية الأولى حبيب شنتوف، والقائد السابق للناحية العسكرية الثانية اللواء سعيد باي، والقائد السابق للناحية العسكرية الرابعة اللواء عبد الرزاق الشريف، إضافة إلى مدير المصالح المالية في وزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور، وكذلك عقيد عمل في جهاز الأمن بولاية وهران لم تفصح المصادر عن اسمه.

 مبنى البرلمان الجزائري أضحى ساحة صراع بين بعض النواب ورئيس البرلمان (رويترز)
 مبنى البرلمان الجزائري أضحى ساحة صراع بين بعض النواب ورئيس البرلمان (رويترز)

وقال ضابط متقاعد في حديث مع الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" إن "هناك حديثا عن تهم وجهت إلى القادة العسكريين لكنها ليست ثابتة لحد الساعة، حيث لا تزال القضية قيد التحقيق إلى غاية صدور الأحكام النهائية من طرف المحكمة العسكرية التي تتولى مهمة التحقيق معهم".

وموازاة مع هذه التغييرات التي مست المؤسسة العسكرية طفا على المشهد صراع آخر في أروقة البرلمان بطله وضحيته في آن واحد الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني"، إذ ثار نواب على رئيس البرلمان سعيد بوحجة بإيعاز من القيادة السياسية للحزب وطالبوه بالاستقالة، فلما رفض واستعصم أغلقوا مداخل البرلمان بالأقفال حتى يمنعوه من الدخول.

نيران صديقة
خصوم رئيس المجلس الشعبي الوطني قالوا إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نفسه هو من يريد منه أن يستقيل، في حين يقول بوحجة إن بوتفليقة يريد منه أن يبقى، وبين الإرادتين المتناقضتين باسم رئيس واحد تتكشف أبرز فصول مأساة سياسية تجهز على ما تبقى من مصداقية مؤسسات الدولة.

ووصف رئيس المجلس الشعبي الوطني احتجاج النواب بـ"عمل العصابات الخارجة عن القانون"، وقال للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس الذي يطالب بتنحيه إن "قرارات مكتبك السياسي لاغية وغير مشروعة لأن مجيئك على رأس الحزب تم بطريقة غير مشروعة"، وذلك في تصريحات أدلى بها لصحيفة "الشروق اليومي".

وحسب ما أشار إليه الكاتب الصحفي سعد بوعقبة في يومية "الخبر"، فإن "الأمر لا يتعلق بتنحية بوحجة بل بتكريس صورة في الرأي العام بأن الرئيس لا يتحكم في شيء في البلاد"، وهو ما يعني أن مؤيدين لترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة يساهمون في ضرب مؤسسات الدولة وإسقاطها بـ"نيران صديقة".

المصدر : الجزيرة