الإضراب يوحد الفلسطينيين ضد قانون القومية وصفقة القرن

محمد محسن وتد-عاطف دغلس-هبة أصلان-فلسطين

عم إضراب شامل الاثنين مدن وقرى فلسطين المحتلة رفضا لقانون "القومية" الذي شرعه الكنيست الإسرائيلي لتصفية الوجود الفلسطيني، كما يهدف الإضراب للتنديد بصفقة القرن.
 
الإضراب العام شمل كافة مرافق الحياة التجارية والاقتصادية والحكم المحلي وجهاز التربية والتعليم والمدارس.
 
وينص قانون "القومية" الذي أقره الكنيست في 19 يوليو/تموز الماضي على أن إسرائيل هي "الوطن القومي للشعب اليهودي"، وأن "حق تقرير المصير في إسرائيل يقتصر على اليهود".
الإضراب العام فضح قانون القومية الذي أقرته إسرائيل يوم 19 يوليو/تموز الماضي (الجزيرة) الإضراب العام فضح قانون القومية الذي أقرته إسرائيل يوم 19 يوليو/تموز الماضي (الجزيرة)
الإضراب العام فضح قانون القومية الذي أقرته إسرائيل يوم 19 يوليو/تموز الماضي (الجزيرة) الإضراب العام فضح قانون القومية الذي أقرته إسرائيل يوم 19 يوليو/تموز الماضي (الجزيرة)

وانطلقت فعاليات الإضراب التي ركزت على قانون القومية بالمسيرة التقليدية من بلدة عرابة في شمال فلسطين بزيارة أضرحة الشهداء، مرورا بجميع المدن والقرى العربية في الجليل والمثلث التي سقط فيها الشهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2000.

وخلت أسواق مدينة نابلس ومركزها الرئيسي من المواطنين منذ ساعات الصباح، وهو حال بقية المدن الفلسطينية وقراها ومخيماتها من شمالها لجنوبها، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وشُلت حركة المواصلات العامة داخل المدن وخارجها، وتعطلت كل المؤسسات الرسمية التعليمية والخدماتية مما عكس الالتزام الكامل بالإضراب الشامل.

وعمَّ الإضراب مدن رام الله والخليل وسط وجنوب الضفة الغربية، وخلت الشوارع إلا من بعض المارة في الطرقات الرئيسية وسط حالة من الترقب، وأغلقت الجامعات والكليات أبوابها بوجه الطلبة.

وفي مدينة القدس المحتلة، تعطلت الحياة بشكل شبه إكمال، وخلت شوارع المدينة من المارة باستثناء مجموعات المستوطنين والسياح والفلسطينيين الذين وصلوا البلدة القديمة ليعبروا عن رفضهم للإضراب الذي يرون فيه فرصة ذهبية للاحتلال لتمرير مخططاته.

الإضراب العام شمل كافة مرافق الحياة في فلسطين المحتلة (الجزيرة)
الإضراب العام شمل كافة مرافق الحياة في فلسطين المحتلة (الجزيرة)

القدس والأقصى
وتقدم الفعاليات قيادات الجماهير العربية ورؤساء السلطات المحلية وأهالي الشهداء، وختمت في بلدة جت المثلث عند حدود الرابع من يونيو/حزيران، وتوجت بالمسيرة المركزية والمهرجان الفلسطيني القطري تخليدا لذكرى الشهداء وتأكيد على مواصلة النضال ورفضا لتصفية القضية الفلسطينية.

ونظمت الفعاليات السياسية والقوى الوطنية والإسلامية محاضرات توعية وأنشطة تثقيف بالبلدات العربية، لتحصين الأجيال الشابة من مشاريع التهويد ومحاولات تشويه الهوية، وصقل شخصيتهم الوطنية، عبر التعريف بالقضية الفلسطينية".

كما أطلق مشروع عام "اللغة العربية والهوية"، لينفذ بجميع المدارس بالداخل الفلسطيني، وذلك من خلال التحذير والتوعية من التشريعات العنصرية، وتنفيذ خطط وبرامج مهنية لتعزيز الهوية الوطنية والنهوض بالحياة الثقافية والتربوية والرفع من مكانة اللغة العربية وتقوية تعليمها.

وفي تصريح للجزيرة نت دعا وزير هيئة شؤون الجدار والاستيطان وليد عسَّاف لتحويل الإضراب لمسيرات ومظاهرات ضد الاحتلال وضد الاستيطان، والمواجهة الفعلية معه "رفضا لغطرسته وتهجيره المواطنين وهدم منازلهم في الخان الأحمر وغير مكان" وفق قوله.

المحلات التجارية في القدس المحتلة أغلقت أبوابها استجابة لقرار الإضراب (الجزيرة)
المحلات التجارية في القدس المحتلة أغلقت أبوابها استجابة لقرار الإضراب (الجزيرة)

ورغم أهمية هذا الإضراب فإنه وحسب الوزير عسَّاف لا بد من أن يُتبع بخطوات عملية تنتقل للفعل المباشر لإلغاء كل التقسيمات والمسميات التي فرضها أوسلو "بتقسيم المناطق الفلسطينية إلى إيه وبي وسي" والانسحاب من كل التزامات المرحلة الانتقالية، وهو ما ينسجم وقرارات المجلسين المركزي والوطني الفلسطينيين في انعقادهما قبل أشهر قليلة.

ودعا عسَّاف لتحويل الأيام القادمة "لهبة جماهيرية" ضد الاحتلال، مشيرا إلى أنهم شرعوا بتطبيق "خطة الانتشار" بمناطق ج (سي) والتي هي أراض "واقعة تحت الاحتلال وليس متنازعا عليها"، بهدف عمل مشاريع خدماتية من مدارس ومراكز صحية وشق طرق وإنشاء شبكات المياه والكهرباء دعما لتلك المناطق التي تشكل 62% من الضفة الغربية وتحوي 18 ألف منزل يقطنها آلاف الفلسطينيين.

القومية والهوية
وعلى الصعيد الدولي، كثفت لجنة المتابعة بالتعاون مع القائمة المشتركة والجمعيات الحقوقية والفعاليات الشعبية من نشاطها في المحافل الدولية، بطرح قانون "القومية" والتشريعات العنصرية للكنيست الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وذلك عبر اللقاءات والاجتماعات بمسؤولين بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والكونغرس الأميركي وجامعة الدول العربية.

وفي معرض لقاءاته بالحقوقيين الدوليين، قدم مدير المركز الحقوقي "عدالة" المحامي حسن جبارين، تحليلا لقانون "القومية" وإسقاطاته على المستوى القضائي والدستوري والعملي، مؤكدا أنه يمنح شرعية لكل أشكال العنصرية والتمييز ويفتح المجال أمام المزيد، مشيرا أنه لا يوجد دستور في العالم، يعرف الهوية الدستورية للدولة تعريفا إثنيا كما يفعل قانون "القومية".

فعاليات الإضراب شملت زيارة قبور عدد من الشهداء (الجزيرة)
فعاليات الإضراب شملت زيارة قبور عدد من الشهداء (الجزيرة)

وقارن جبارين في تصريح صحفي بين دستور دولة الفصل العنصري (الأبرتهايد) في جنوب أفريقيا وقانون القومية الإسرائيلي، مؤكدا أن التشابه بينهما أكثر من الفروق بكثير، وبما أن العالم وقف ضد الأبرتهايد في جنوب أفريقيا فمن الطبيعي أن يقف ضد الأبرتهايد الذي يشرعنه الكنيست الإسرائيلي.

كما استعرض وفد لجنة المتابعة برئاسة محمد بركة في حديثه للجزيرة نت مدلولات القانون، الذي ينفي كليا وجود أي كيانية قومية أو مدنية غير يهودية على كامل فلسطين التاريخية، وبذلك تنفي إسرائيل أي حل يشمل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتنفي أي تعريف لمواطنة غير يهودية وأية إمكانية لمواطنة متساوية في فلسطين.

بدوره، حث رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة، جمال زحالقة، في اجتماعه بأعضاء بالكونغرس الأميركي عن الحزب الديمقراطي، بالعمل ضد التشريعات الإسرائيلية العنصرية خاصة قانون "القومية"، الذي يشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي، وينتهك حقوق الإنسان، ويمنح الشرعية الدستورية للكولونيالية والعنصرية والأبرتهايد.

وأوضح زحالقة للجزيرة نت، أن التشريعات العنصرية وقانون "القومية" على وجه التحديد تضع المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر في خانة "أقلية في خطر". وعليه، فهي بحاجة لدعم دولي للتصدي للتشريعات الإسرائيلية المنافية للديمقراطية وللممارسات العنصرية، وطرح المبادئ الأساسية لقانون "دولة كل مواطنيها"، الذي شطبته رئاسة الكنيست لأنه يطالب بالمساواة الكاملة.

وشعبيا رأى فلسطينيون تحدثت إليهم الجزيرة نت أن الإضراب خطوة صحيحة فهو جزء من فعاليات يحق لكل من يقع تحت الاحتلال ممارستها للضغط عليه.

المصدر : الجزيرة