تداعيات تقليص الدعم الأميركي للأونروا على الفلسطينيين

غزة، يناير 2017، جانب من مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين، أحد ثمانية مخيمات بالقطاع
جانب من مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين، أحد ثمانية مخيمات في قطاع غزة (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

تضرب اللاجئة الفلسطينية أم فؤاد عاشور كفا بكف وهي تستمع لإذاعة محلية تصدّرَ خبرُ تجميد الإدارة الأميركية مبلغ 125 مليون دولار -كان مخصصاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)- نشرة أخبارها، نقلاً عن القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي.

وسيطر الغضب على ملامح وجه اللاجئة الخمسينية خشية أن تطال عائلتَها تداعيات القرار الأميركي. وبدلاً من انتظارها زيادة في المساعدات الإغاثية المقدمة من وكالة الغوث، يمكن أن تتقلص بطاقتها التموينية المضاعفة لتكتمل حلقات الفقر المدقع المنقض على عائلتها منذ سنوات.

عطية رستم وزوجته عائشة.. خشية من انقطاع مساعدات الأونروا (الجزيرة)
عطية رستم وزوجته عائشة.. خشية من انقطاع مساعدات الأونروا (الجزيرة)

الأونروا فقط
وما يزيد من قلق أم فؤاد خلال حديثها للجزيرة نت، اعتماد عائلتها المكونة من 15 فرداً من الأبناء والأحفاد، على الخدمات المقدمة من وكالة الأونروا بشكل رئيسي، من دون أي مصدر رعاية أو مساعدة أخرى على صعيد الإغاثة والصحة والتعليم وحتى التشغيل، وإن كان متقطعاً.

وتتساءل اللاجئة وهي تجلس قبالة موقد نار بالحطب محتضنة حفيديها الرضيعين "من أين سنأتي بحليب لهذين الرضيعين؟ وكيف سأوفر لأبنائي طعامهم بينما زوجي عاطل عن العمل؟ وأين حقوق الإنسان بينما دولة كأميركا تساومنا في قوت أبنائنا".

وبذات حالتي القلق والغضب المسيطرتين على أم فؤاد، يتابع اللاجئون الفلسطينيون بحساسية كبيرة أي تقليص للمنح المقدمة لوكالة الأونروا من الدول الداعمة لإدراكهم لتداعياته على أوضاعهم المعيشية البائسة، خصوصاً في ظل ما يعتبرونه تقليصاً متصاعداً لخدمات الوكالة عاماً بعد آخر.

فاللاجئان عطية رستم وزوجته عائشة لم يستبعدا أن يشكل القرار الأميركي -إن طبق حالياً- مبرراً للأونروا لاتخاذ قرارات تمس الحاجات الأساسية للاجئين واحتياجاتهم الكثيرة، مما يستدعي تمويلاً عربياً عاجلاً، بدلاً من إهدار أموال الدول العربية بلا فائدة، بحسب وصفهما.

وبينما يرفض اللاجئان في حديثهما للجزيرة نت القبول "بالمعادلة الأميركية القائمة على المساومة بين الحقوق الوطنية والاحتياجات الإنسانية"، يعتبران أن ما تدفعه الولايات المتحدة وغيرها من الدول للاجئين الفلسطينيين جزء من تكفيرهم عن خطيئتهم الكبرى بإقامة دول الاحتلال وقبولهم باستمرار اللجوء الفلسطيني لسبعة عقود.

وما يزيد من خطورة تداعيات أي قرار أميركي بتقليص أو تجميد تمويل الأونروا، هو كون واشنطن الممول الأكبر للوكالة الأممية بنسبة تصل إلى 41% من إجمالي مصاريفها السنوية، حيث تدفع 364 مليون دولار سنوياً من إجمالي 874 مليونا هي تكاليف عمل الأونروا في مناطق عملها الخمس بغزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان.

‪زكريا الأغا حذر من انهيار تام لخدمات الأونروا‬ (الجزيرة)
‪زكريا الأغا حذر من انهيار تام لخدمات الأونروا‬ (الجزيرة)

تحذير
وهذا ما يدفع مدير دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية زكريا الأغا إلى التحذير من انهيار تام لخدمات الأونروا لن يتحمله اللاجئون، بما يعني حدوث فوضى كبيرة وزيادة اشتعال المنطقة، باعتبار أن استمرار خدمات اللاجئين عامل أساسي لاستقرار المنطقة، حسب قوله.

بيد أن الأغا يؤكد للجزيرة نت أن الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، حيث سيتوجهون إلى الأمم المتحدة والجمعية العامة المنشئة لوكالة الأونروا للمطالبة بتخصيص ميزانية أممية لتغطية كل احتياجات اللاجئين إلى حين حل قضيتهم بموجب القرار 194.

وبالتوازي مع وصف المسؤول الفلسطيني إجراءات الإدارة الأميركية بتهديد الشعب الفلسطيني وابتزاز حقوقه، طالب الدول العربية بتحمل مسؤولياتها واتخاذ موقف موحد لدعم الفلسطينيين وإفشال المؤامرة والضغوط الحالية.

ولم تُبلغ وكالة الأونروا رسمياً من الإدارة الأميركية بتجميد مبلغ 125 مليون دولار بحسب الناطق باسمها عدنان أبو حسنة، لكنها تتحدث عن عجز مستمر في ميزانيتها كان آخره عام 2017 بعجز بلغ 49 مليون دولار.

وفي مقابل نفي أبو حسنة للجزيرة نت أن يكون هناك تراجع أو تقليص للمنح من أي دولة أخرى، أكد أن الأموال المقدمة من الدول الممولة لمشاريع الأونروا لا تعدو كونها منحا طوعية، ولا توجد اتفاقات سنوية أو غيرها تجبر أو تلزم هذه الدول على الدفع والتمويل.

وبينما يتحدث الناطق باسم الوكالة الأممية عن جهود واتصالات يجريها الأمين العام للأمم المتحدة لحث الدول على مواصلة دعمها، يبين أن أعداد اللاجئين تتزايد واحتياجاتهم تتسع مع وجود بعض مناطق الأزمات كسوريا، مما يجعل من حجم الزيادة في الميزانية لا تتناسب أو تلبي الاحتياجات الكبيرة، حسب تقديره.

المصدر : الجزيرة