قانون الإعدام الإسرائيلي.. ترخيص لقتل الفلسطينيين

غزة، ديسمبر 2017، الشهيد مبتور القدمين إبراهيم أبو ثريا قبل وبعد استشهاده.
استشهاد أبو ثريا أمام الكاميرات دفع الاحتلال لتشكيل لجنة تحقيق تحسبا لرفع دعاوى دولية عليه (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

في حين بدا قانون إعدام الفلسطينيين الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية مثار للجدل بالمشهد السياسي الإسرائيلي، أتى قرار النيابة العسكرية لجيش الاحتلال التحقيق بملابسات استشهاد المقعد إبراهيم أبو ثريا (29 عاما) على حدود قطاع غزة بنيران الاحتلال ليكشف عن سياسة الإعدامات الميدانية التي يسعى الاحتلال للتستر عليها.
 
لم تكن حالة أبو ثريا استثنائية، بل حادثة أخرى وثقتها كاميرات الصحافة التي دفعت الاحتلال للتحقيق مع نفسه بغرض استبعاد أي إجراء من شأنه تحريك دعاوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية لارتكابها جرائم حرب وإعدامات ميدانية ضد الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
 
أبو ثريا الذي استشهد خلال مشاركته في مسيرات احتجاجية ضد القرار الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل الشهر الماضي انضم إلى 98 فلسطينيا استشهدوا خلال عام 2017 برصاص الاحتلال بزعم محاولة تنفيذ عمليات طعن أو دعس والمشاركة بالمواجهات والمقاومة ضد المستوطنين وجيش الاحتلال.
 
وبالتزامن مع تشريع قانون الإعدام، اختارت وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة "ماحش"، إغلاق ملف التحقيق وعدم اتخاذ أي إجراء قضائي بحق عناصر الشرطة المتورطين بمقتل الفلسطيني يعقوب أبو القيعان من قرية أم الحيران بالنقب، الذي استشهد قبل عام بزعم تنفيذه عملية دعس لدوافع "إرهابية" خلال اقتحام القوات الإسرائيلية القرية وهدم 15 منزلا.
 
واتخذت هذه التوصيات رغم تفنيد تحقيقات جهاز الأمن العام "الشاباك" هذه الرواية والتأكيد أن الحديث يدور عن حادث دعس عادي.
قانون الإعدام بحسب محللين يندرج ضمن سلسلة القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين (رويترز)
قانون الإعدام بحسب محللين يندرج ضمن سلسلة القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين (رويترز)

المقاومة والإرهاب
ويقول مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان المحامي عمر خمايسي إن المصادقة على مشروع قانون الإعدام تضاف لسلسلة من التشريعات العنصرية التي تستهدف نضال الفلسطينيين لردعهم عن مواصلة مقاومة المحتل، فسبق ذلك تفعيل أنظمة الطوارئ والتشريعات الإدارية لهدم منازل الذين ينفذون عمليات ضد الإسرائيليين.

وأوضح خمايسي في حديثه للجزيرة نت أن هذه التشريعات والإجراءات التي تحظى بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما كانت لتردع الشعب الفلسطيني عن مقاومة الاحتلال ومواصلة النضال للحرية والاستقلال.

ولفت إلى أن المؤسسة الإسرائيلية عمدت مع اندلاع الهبة الشعبية بالقدس المحتلة في أكتوبر/تشرين الأول 2015، على تشريع قانون "مكافحة الإرهاب"، بغرض شيطنة المقاومة قبالة المجتمع الدولي في محاولة للالتفاف على المواثيق الدولية وصبغ نضال الشعب الفلسطيني بـ"الإرهاب".

ويعتقد أن سياسة سهولة الضغط على الزناد صوب الفلسطينيين هي التي أدت لعدم تقديم أي شرطي وجندي أو مسؤول للمحاكمة في أكثر من 55 حالة قتل لمواطنين من فلسطينيي 48 برصاص أفراد الشرطة منذ العام 2000، وهي السياسة ذاتها التي وفرت الحماية والحصانة الكاملة لعناصر الأمن الذين قتلوا 13 شابا خلال اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000.

الصحف الإسرائيلية خصصت صفحاتها لتشريع قانون الإعدام (الجزيرة)
الصحف الإسرائيلية خصصت صفحاتها لتشريع قانون الإعدام (الجزيرة)

الضحية والجلاد
وبحسب أستاذ القانون الدولي النائب بالكنيست يوسف جبارين فإن تشريع قانون الإعدام يندرج ضمن سلسلة القوانين العنصرية والإجراءات الفاشية للحكومة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد جبارين في حديثه للجزيرة أن القانون يناقض مبادئ أساسية بالقانون الدولي وينتهك معاهدات دولية ويثبت أن بوصلة الحكومة الإسرائيلية تتجه نحو الحرب وترخيص قانوني لقتل الفلسطينيين وشرعنة الاحتلال والاستيطان، وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

ولفت جبارين الذي يرأس لجنة العلاقات الدولية بالقائمة المشتركة إلى أن تشريع القانون ينسجم مع تشريعات احتلالية واستعمارية ويأتي من دوافع احتلالية انتقامية ضد الفلسطينيين، وجاء ليحاكم ويحاسب الضحية وتبرئة الاحتلال الذي يقوم بعمليات إعدام ميدانية دون حسيب أو رقيب.

وأكد أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ليست بحاجة لمثل هذا التشريع، علما أن هناك صلاحيات للنيابة العسكرية بإصدار حكم الإعدام إذا أراد وزير الأمن الإسرائيلي ذلك.

واستعرض جبارين المواثيق الدولية التي ينتهكها قانون إعدام الفلسطينيين، وأبرزها اتفاقيات مؤتمري لاهاي، وميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف والبروتوكول الصادرة عنها، التي كفلت للشعب الرازح تحت الاحتلال أو الاستعمار الحق بالمقاومة والدفاع عن النفس، وكذلك بحق المقاومة المسلحة كوسيلة من وسائل تقرير المصير، كما أن المقاوم يعد أسير حرب إذا ما وقع في قبضة العدو.

المصدر : الجزيرة