ما أهداف العملية العسكرية لحفتر جنوب شرقي ليبيا؟

قوات عملية الكرامة في الجنوب الليبي – صفحة مكتب الاعلام - القيادة العامة للقوات المسلحة
قوة تابعة لعملية الكرامة في الجنوب الليبي (من الصفحة الرسمية للقيادة العامة للجيش الليبي)

فؤاد دياب-الجزيرة نت

يعاني الجنوب الشرقي لليبيا منذ سنوات فراغا أمنيا واضطرابات بين الفينة والأخرى، لكن التوتر الأمني هذه المرة سببه إعلان قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر عملية عسكرية أسمتها "غضب الصحراء" تستهدف من وصفتها بالعصابات الإجرامية، في محاولة لبسط سيطرتها هناك.

ووفقا للناطق باسم قوات عملية الكرامة العميد أحمد المسماري فإن هدف العملية هو القضاء على العصابات الإجرامية التي تمتهن الحرابة والسرقة والابتزاز والخطف في جنوب شرق منطقة الجغبوب، في إشارة إلى حركة العدل والمساواة السودانية والمجموعات التشادية الموجودة بجنوب شرق البلاد.

وجاء إطلاق العملية العسكرية بعدما خسرت قوات الكرامة ستة جنود من أفراد الكتيبة 106 مشاة، وعثر على جثثهم جنوب شرق واحة الجغبوب، إثر اشتباكها مع مجموعات العدل والمساواة الأسبوع الماضي.
 
تسويق لحفتر
ويرى الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن إطلاق حفتر لهذه العملية يأتي في سياق محاولة التسويق لنفسه على أنه يحارب عصابات تهريب الوقود والهجرة غير النظامية، بعد ما صدر تقرير عن خبراء تابعين للأمم المتحدة يتحدث عن وجود مجموعات مرتزقة تعمل في تهريب السلاح والوقود والهجرة وتقاتل مع حفتر، وفق تعبيره.

عبد الكافي: حفتر يريد أن يظهر بمظهر المكافح للعصابات بعد أن كان يدعمها (لجزيرة)
عبد الكافي: حفتر يريد أن يظهر بمظهر المكافح للعصابات بعد أن كان يدعمها (لجزيرة)

وأرجع عبد الكافي في حديثه للجزيرة نت سبب ازدياد عمليات الحرابة والجريمة المنظمة في مناطق الجنوب الشرقي لليبيا إلى "تخلي حفتر عن حلفائه من العصابات التشادية والسودانية التي تمارس هذه الأعمال وقلص الدعم المالي الذي كان يدفعه لها مقابل قتالها في صفوف قواته".
 
وكانت مجموعة من خمسة خبراء قدمت تقارير إلى مجلس الأمن الدولي، منتصف الشهر الجاري، كشفت فيها أن مجموعات مسلحة من دارفور تعمل "مرتزقة" وتقاتل إلى جانب قوات حفتر، حيث يتلقى المقاتل من هذه المجموعات أجرا شهريا يتراوح بين 250 و500 دولار أميركي، إضافة إلى الأسلحة والذخيرة، وفق تقرير الخبراء.

توسعة نفوذ
وبرأي الناشط السياسي الليبي عماد الدين المنتصر، فإن تحرك حفتر يأتي لتوسعة نفوذه في الجنوب الشرقي، والاستفادة من الفوضى واختراق الحدود من قبل العصابات الأفريقية والمهربين، ومحاولة تغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة.

ويوضح المنتصر في حديثه للجزيرة نت، أن توسعة حفتر لنفوذه يفيده من جانبين، أولهما يضمن له دور التفاوض مع المجتمع الدولي وتلقي الدعم من بعض الدول الإقليمية، وثانيهما أنه في حالة إجراء الانتخابات يستطيع بوصفه حاكما عسكريا التحكم في العملية الانتخابية وضمان نتائجها كما يريد.
 
وفي السياق ذاته يرى الباحث في قضايا الجنوب الليبي سالم بوخزام أن تحركات حفتر تأتي في إطار تطلعاته السياسية للوصول إلى سدة الحكم، مستخدما أدواته العسكرية لتحقيق هذه الأهداف.

‪سالم بوخزام: الصراع العسكري في الجنوب الليبي سيظل قائما‬ (الجزيرة)
‪سالم بوخزام: الصراع العسكري في الجنوب الليبي سيظل قائما‬ (الجزيرة)

وحسب بوخزام في حديثه للجزيرة نت فإن "قوات حفتر لا تسيطر على الجنوب الليبي ذي المساحات الشاسعة سيطرة كاملة، ولذلك سيبقى الصراع العسكري والأمني قائما"، معتبرا أن الجغرافيا الشاسعة في اللغة العسكرية على الأرض تحقق مكاسب سياسية هامة لدى حفتر.

ويعتبر الجنوب الليبي من المناطق التي تنشط فيها عمليات التهريب، خاصة تهريب البشر، باعتبارها البوابة الرئيسية للوصول إلى أوروبا، وتجني عصابات التهريب من ذلك أموالا طائلة من تهريب الأسلحة والمهاجرين والوقود.
 
مكافحة الجريمة
بدوره، أكد النائب بمجلس النواب عن مدينة الكفرة سعيد امغيب أن عملية "غضب الصحراء" جاءت لملاحقة المجموعات المسلحة الدارفورية والتشادية التي تمارس الحرابة والخطف والتهريب في الجنوب الشرقي للبلاد، معتبرا "أن هذه المجموعات استغلت الفراغ الأمني منذ عام 2011 لتعيث في الأرض فسادا، مستغلة الثروات والموقع الإستراتيجي الذي تتمتع بها مدينة الكفرة تحديدا".
 
وشهدت مدينة الكفرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 مواجهات مسلحة بين كتيبة سبل السلام وعناصر من حركة العدل والمساواة السودانية، تكبدت فيها الأخيرة خسائر في العتاد والأرواح حيث قتل منها 15 شخصا، جراء قيامهم بعمليات الحرابة والسرقة والخطف، وفق مسؤولين بالمنطقة.

وسيبقى جنوب ليبيا، بحسب مراقبين ليبيين، يعاني من الفراغ الأمني واستمرار انتشار الجريمة المنظمة، لضعف الأجهزة الأمنية فيها، وعدم اهتمام السلطة التنفيذية بالجنوب، لانشغالها بالتجاذبات السياسية والانقسام السياسي.

المصدر : الجزيرة