الانتخابات العربية.. "مهزلة ومسرحية" ومرشح واحد

People walk past a huge banner for Egypt's army chief, Field Marshal Abdel Fattah al-Sisi in front of the High Court of Justice in downtown Cairo, March 13, 2014. Cairo's souvenir shops and street stands are filled with memorabilia celebrating al-Sisi. Egypt is pushing ahead with an army-backed plan for political transition, with presidential and parliamentary elections due to take place within months. Sisi is widely expected to announce his presidential bid and win easily. Poster reads, "We love and support you. You are our president and leader". REUTERS/Amr Abdallah Dalsh (EGYPT - Tags: POLITICS MILITARY ELECTIONS)
رئيس حزب الوفد المصري وصف الانتخابات بالديمقراطية قبل أن تبدأ واعتبر وجود مرشح واحد "ليس عيبا" (رويترز-أرشيف)
محمد النجار-الجزيرة نت

"الانتخابات ديمقراطية جدا، لكن (عبد الفتاح) السيسي حينجح… وليس عيبا أن يكون مرشحا وحيدا"، بهذه الكلمات لخص أمين عام حزب الوفد المصري السيد البدوي المشهد الانتخابي في بلاده، في حوار مع إحدى الصحف المصري قبل يومين.
 
وبالرغم من أن التصريح سبق اعتقال الفريق سامي عنان، فإنه ربما لخص مشهد "ديمقراطية مصر المثيرة للضحك"، وفق الوصف الذي اختارته صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها الأسبوع الماضي.
 
وكانت الشرطة العسكرية المصرية قد اعتقلت عنان من الشارع أثناء توجهه لمكتبه أمس الثلاثاء، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
 

وجاء الاعتقال بعد بيان لقيادة القوات المسلحة المصرية، أعلنت فيه إخضاع عنان للتحقيق بعد أن وجهت له ثلاث تهم تتعلق بإعلان الترشح للانتخابات قبل الحصول على الموافقات اللازمة كونه ما زال عسكريا، والتزوير في كشوف الناخبين، والتحريض على الجيش لإحداث وقيعة بينه وبين الشعب.

 

مسرحية وكومبارس
وفي تعليقاتهم على منصات التواصل، تنوع وصف العديد من المحللين والنشطاء لمشهد الانتخابات المصرية، لكن الأوصاف الأكثر تداولا كانت "المهزلة"، و"المسرحية". وإلحاقا بالوصف الأخير اعتبر نشطاء أن من يشارك في الانتخابات ترشيحا ومنافسة للسيسي إنما هو مجرد "كومبارس".

 
ويبدو أن مشهد انتخابات 2018 في مصر سيكون مشابها لمشهد انتخابات 2014 من حيث الشكل والإخراج، فالسيسي في الحالتين لم يجد منافسا حقيقيا له.
 

وفي هذا الإطار تقول الغارديان أيضا "كل الإشارات تتجه نحو تكرار ما جرى في انتخابات عام 2014، عندما فاز السيسي بنسبة 96%، فيما خسر منافسوه بطريقة سخيفة".

 
ودفع المشهد الذي آلت إليه الانتخابات الرئاسية في مصر بالعديد من المراقبين للتذكير بمشاهد أخرى عرفتها دول عربية.
 

واللافت أن نتيجة البحث على محرك غوغل عن عبارة "الانتخابات العربية" تورد نتائج من دول عربية عدة، مقرونة بما وصفت به الانتخابات المصرية الحالية، حيث تقترن كلمتي "المهزلة" و"المسرحية" بالنتائج غالبا.

 

صناديق الأسد وبراميله
فتظهر نتائج لوصف باريس للانتخابات البرلمانية التي شهدتها سوريا عام 2016 بأنها مهزلة، وخبر آخر عن قيام شبان سوريين بتقديم عرض مسرحي يتحدث عن "مهزلة الانتخابات الرئاسية" أيضا عام 2014، قارنوا فيه بين مشهدي الاقتراع في الصناديق وبراميل الموت التي تسقط فوق رؤوسهم.

 
وأعلنت السلطات السورية أنها أجرت انتخابات رئاسية وتشريعية في ظل الحرب الطاحنة التي تشهدها البلاد، بعد قمع النظام الثورة الشعبية عليه منذ عام 2011.
 

ولم تكن هناك مفاجآت تذكر في إعلان دمشق فوز الرئيس الحالي بشار الأسد بالانتخابات التي نافسه فيها شخصيات وصفت بـ"المغمورة"، فيما غابت مشاهدها عن العديد من مناطق البلاد التي تزامن إجراء الانتخابات فيها مع قصف قوات النظام السوري العنيف عليها، فضلا عن تهجير نحو ثلث السوريين خارج مدنهم وقراهم داخل البلاد وخارجها.

 

ويظهر في البحث تعليقات مماثلة على الانتخابات الرئاسية التي شهدتها الجزائر عام 2014 التي أعيد فيها انتخاب الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي يعاني من ظروف صحية صعبة، واتهامات بأن الانتخابات جرت دون منافسة حقيقية.

 
وظهر بوتفليقة على كرسي متحرك وهو يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر العام الماضي.
 

شباب حول البشير

ويبدو المشهد في السودان مثيرا لانتباه العديد من المراقبين، فالرئيس عمر البشير الذي فاز بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2015 دون منافسة تذكر، وبنسبة تزيد على 94%؛ أعلن أنه لا يرغب في ترشيح نفسه لولاية جديدة في الانتخابات التي ستجرى عام 2020، وعندها سيكمل الرئيس السوداني 31 عاما في السلطة.
 
لكن المشهد في الخرطوم لا يبتعد عن الطريقة العربية في "ثني" الرؤساء العرب عن محاولاتهم، فقد أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم "مبادرة شباب حول الرئيس" أنها بدأت حملة لدعم التجديد للبشير وإعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة عام 2020، وإزالة أي موانع دستورية أو قانونية لهذه الغاية.
 

ولم تغير الثورات العربية التي اندلعت عام 2011 من المشهد العربي في انتخابات الرؤساء، لولا أن تونس سجلت استثناءً خاصا حينما أزالت ميراث زين العابدين بن علي الذي بقي نحو 23 عاما في منصبه قبل أن تطيح به ثورة 2010.
 
وقد حكم حافظ الأسد في سوريا، وحسني مبارك في مصر، وعلي عبد الله صالح في اليمن، وغيرهم من الرؤساء عقودا، رغم أن الانتخابات كانت تجرى في بلدانهم بشكل دوري، ولكن دون منافسة تذكر.
 
ولا تقل نسبة فوز الرؤساء العرب في انتخاباتهم عن 95% في أغلب الحالات، ولم تتغير خانة الأرقام العشرية عن الرقم (9) إلا في الانتخابات التي شهدتها تونس عام 2014 وفاز فيها الرئيس الباجي قائد السبسي بنسبة  بلغت أقل من 56%، وقبله في مصر عام 2012 حينما فاز محمد مرسي بنسبة زادت قليلا عن 51%، لكن عقارب الساعة عادت للوراء في مصر بعد عام واحد فقط.
المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي