أحزاب سنية عراقية تخشى "غزوا انتخابيا" لمحافظاتها

احدى جلسات البرلمان العراقي الاخيرة
إحدى جلسات البرلمان العراقي الأخيرة (الجزيرة)
الجزيرة نت-بغداد

قبل أشهر من بدء الانتخابات البرلمانية في العراق، يطغى الخلاف على المشهد السياسي في البلاد. فبينما استبعدت القوى السنية إجراء انتخابات تشريعية نزيهة وشفافة في مدنها المحررة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وتوقعت صعود أطراف محسوبة على التحالف الوطني (الشيعي)، أكدت الحكومة التزامها بتوجيهاتها التي أقرتها لضمان مشاركة أبناء تلك المدن في الانتخابات المزمعة في مايو/أيار المقبل.

وبعد تصويت مجلس النواب العراقي بإجماع الحاضرين على إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها الدستوري المحدد من قبل الحكومة في 12 مايو/أيار المقبل، تبدي الكتل السنية تخوفها مما وصفته بـ"الغزو الانتخابي" المقبل من قبل قوى الحشد الشعبي (الشيعية) التي باتت تسيطر على مساحات واسعة من المدن بعد مشاركتها إلى جانب القوات الأمنية الاتحادية في عمليات استعادة هذه المدن من تنظيم الدولة.

ويؤكد هذا التخوف تصريحات مصدر مطلع في تحالف القوى العراقية (السني)، توقع بأن تكون مدينة الموصل (شمال بغداد) من أبرز المدن التي ستشهد مصادرة أصوات جمهورها لصالح خمس قوائم انتخابية شيعية.

وتعيش أغلب المدن السنية (نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين) ظروفا صعبة، بعد اضطرار ما يزيد على أربعة ملايين نازح إلى الهجرة الداخلية التي تعد الأعنف للمكون الذي عاش التهميش والإقصاء بعد عام 2003.

ويرى المصدر أن إصرار تلك القوائم على الوجود في المناطق السنية يعد دليلا على النية "مبيتة" لاستغلال مسألة "التحرير" من أجل مصادرة مقاعد مدينة الموصل ثانية المحافظات الكبرى بالعراق وذات الغالبية السنية، معتبرا ما يجري "غزوا في عقر المحافظات المنكوبة واستغلالا للمظلومية الذي بات يستخدم بصورة بشعة"، وفق قوله.

‪رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي‬ (يمين) (وكالات)
‪رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي‬ (يمين) (وكالات)

تحالفات ومقاعد
ويعتمد كل من تحالفي "النصر" الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي و"الفتح" الذي يضم أغلب الفصائل المسلحة الشيعية، فضلا عن تحالفي "موصليون" و"ثائرون" التابعين للتيار الصدري، وتحالف "دولة القانون" الذي يقوده نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية؛ على أصوات الأقليات والسنة الموالين لهم، للحصول على أكبر عدد من مقاعد محافظة نينوى (31 مقعدا) في البرلمان المقبل.

وسبق أن فشلت أغلب الكتل السياسية التي تمثل المكون السني بالبرلمان في إرجاء الانتخابات لمدة لا تقل عن عام واحد، من أجل إفساح المجال أمام أهالي المدن المستردة من تنظيم الدولة من المشاركة في الانتخابات بحرية ودون ضغوط تمارس عليهم من قبل بعض الأجنحة المسلحة التابعة لبعض الأطراف السياسية الموجودة فيها.

وهذا ما أشار إليه القيادي في تحالف القوى العراقية النائب ظافر العاني، حيث اعترف بأن هناك "قلقا جديا" من ترويع الناخبين في المناطق المستردة بعد تنامي سطوة المجاميع المسلحة فيها، نافيا في الوقت ذاته إمكانية أن ينفذ العبادي التزاماته التي تعهد بها في هذا الجانب.

وألمح إلى أن القوى السنية ستعمد إلى الطعن بشرعية الانتخابات إذا لمست خللا في تطبيق هذه الشروط التي تعد "ملزمة" للحكومة بعد التصويت عليها في البرلمان.

وسبق للبرلمان أن صوت الاثنين الماضي على مجموعة من التوجيهات لإلزام الحكومة بإجراء الانتخابات التشريعية ضمن توقيتاتها الدستورية، وفي مقدمتها إعادة الاستقرار والأمن إلى المناطق المستردة من سيطرة تنظيم الدولة، وإعادة جميع النازحين، وحصر السلاح في يد الدولة.

‪العاني: هناك
‪العاني: هناك "قلق جدي" من ترويع الناخبين في المناطق المستردة من تنظيم الدولة‬ (الجزيرة)

مخاوف سنية
وبالرغم من المخاوف السنية، فإن حكومة العبادي تصر على التزامها بتعهداتها بحماية العملية الانتخابية لتكون نزيهة وشفافة وبعيدة عن التلاعب وفي أجواء أمنية وسليمة، وفق تأكيد المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة سعدي الحديثي الذي يرى أنه بالرغم من الظروف الأمنية المعقدة والوضع الاقتصادي المربك، فإن الكثير من الشروط نفذت من قبل الحكومة ومنها عودة أكثر من مليوني نازح إلى مدنهم.

وأشار إلى أن العمل يجري لتوفير كافة المستلزمات الضرورية لإجراء الانتخابات من جهود فنية ودعم لوجستي، من أجل تأمين مشاركة واسعة للنازحين الموجودين في مراكز الإغاثة والإيواء المنتشرة في البلاد.

وحول انفلات السلاح في تلك المدن، شدد: "لن نسمح بأي سلاح خارج المنظومة الأمنية، كما أن عمليتي إدارة التنافس الانتخابي والاقتراع ستكونان تحت إشراف وزارتي الداخلية والدفاع، لا غير".

‪الموسوي: رئيس الحكومة عازم على الاستمرار في قيادة العراق بطريقة وطنية‬ (الجزيرة)
‪الموسوي: رئيس الحكومة عازم على الاستمرار في قيادة العراق بطريقة وطنية‬ (الجزيرة)

استغلال الانتصارات
ولا يمكن إغفال أن العبادي حريص على استغلال كافة الانتصارات التي حققها لصالحه، ومنها التعهدات التي التزم بها أمام الجمهور السني الذي يسعى إلى أن يحظى بدعمه في المرحلة المقبلة، وفق ما ذهب إليه المحلل السياسي جاسم الموسوي الذي يرى "أن رئيس الحكومة عازم على الاستمرار في قيادة العراق بطريقة وطنية".

واعتبر أن القضاء على تنظيم الدولة أعطى العبادي دافعا من أجل إنجاح تجربة الانتخابات في عهده، وأشار الموسوي إلى "أنه سيسعى إلى تنفيذ ما هو ممكن وليس ما هو مطلوب، خاصة أن هناك قناعة لدى المراقبين للشأن العراقي بأن الناخبين سيذهبون إلى الهوية الوطنية دون غيرها من المسميات".

وكان العبادي قد أكد اليوم الثلاثاء خلال مؤتمره الأسبوعي، على ضرورة "تمكين النازحين من المشاركة في الانتخابات لأنه أمر أساسي للحكومة"، مضيفا أن "من واجب الحكومة أن تضمن نتائج الانتخابات، وأن توفر مناخا ملائما لإجرائها وتحقيق نزاهتها".

المصدر : الجزيرة