الاستيطان الإسرائيلي يلتهم المناطق "ج"

مستوطنة الون موريه المقامة على اراضي قرية دير الحطب وبجانبها البؤرة الاستطيانية الجديدة -الجزيرة نت2.jpg
مستوطنة "ألون موريه" المقامة على أراضي قرية دير الحطب شرقي نابلس (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-الضفة الغربية

تسابق حكومة الاحتلال الإسرائيلي الزمن بشكل متسارع وملحوظ لتحتل المكان الذي تسعى للسيطرة عليه منذ عقود، إذ أظهرت دراسة إسرائيلية إحصائية زيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ليصل إلى نحو نصف مليون مع حلول عام 2018، رغم الانخفاض في معدل نمو المستوطنين مؤخرا.

وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن عدد المستوطنين بداية العام الحالي وصل إلى 435 مليونا موزعين على 150 مستوطنة، في حين انخفض معدل النمو السكاني إلى 3.4%، بواقع 15 ألف مستوطن سنويا، رغم بقائه الأعلى إسرائيليا، حيث بلغ معدل نمو الإسرائيليين داخل الخط الأخضر 2% فقط.

وفي سياق متصل، صادقت اللجنة الوزارية للتشريعات يوم الأحد الماضي على مشاريع قوانين قدمتها حكومة الاحتلال، تقضي بتطبيقها على المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف ملاءمة الكنيست مشاريع القوانين قبيل المصادقة عليها بالقراءتين الثانية والثالثة، وذلك ليتسنى تنفيذها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ صادقت اللجنة على 12 قانونا من بينها مشاريع القوانين المعتمدة التي تم نقلها للكنيست للتصويت عليها.

ويبدو أن حكومة الاحتلال تمضي وفق برنامج متطور وضعته عام 1979، طُرحت فيه ضرورة وجود مليون مستوطن في الضفة الغربية، وبناءً عليه يجري التوسع الاستيطاني منذ عام 1991، حيث تضاعفت أعداد المستوطنين من 105 آلاف إلى 435 ألفا في الضفة الغربية، إضافة إلى 215 ألفا داخل القدس المحتلة، أي ما مجموعه 750 ألفا في الضفة والقدس معا.

‪تفكجي يرى أن إسرائيل تستخدم السلام لفرض الأمر الواقع على الأرض‬ (الجزيرة نت)
‪تفكجي يرى أن إسرائيل تستخدم السلام لفرض الأمر الواقع على الأرض‬ (الجزيرة نت)

عجز السلطة
خبير الخرائط والاستيطان في بيت الشرق بالقدس المحتلة المهندس خليل تفكجي يرى بأن قضية الاستيطان بالنسبة لإسرائيل ذات رؤية واضحة، مؤكدا أن دولة الاحتلال تستخدم السلام لفرض الأمر الواقع على الأرض، وذلك لإجبار الفلسطينيين على البحث عن حلول خلاقة لقبول الأمر الواقع.

ولفت التفكجي إلى أن كل الأراضي قبل مجيء السلطة تمت مصادرتها، سواء كانت للمصلحة العامة أو لمنطقة عسكرية مغلقة أو للتدريب العسكري، ليتم استغلالها فيما بعد من قبل قوات الاحتلال في التوسع الاستيطاني.

وعن دور السلطة الفلسطينية، يقول التفكجي: "السلطة للأسف عاجزة، و(اتفاقية) أوسلو سلبت من قيادة السلطة القرار، فهي لا تحكم على أي شيء بالضفة الغربية"، وأضاف أن السلطة -وفقا أوسلو- لا علاقة بالمناطق "أ" و"ب"، كما أن مجمل المنطقة "ج" -التي تعادل 40% من مساحة الضفة- تسيطر إسرائيل على 60% منها.

وأشار إلى ضرورة إيجاد برنامج واضح للدفاع عن الأرض كالذي تملكه إسرائيل منذ زمن على الأقل، وذلك عبر جعل تلك المناطق ذات أغلبية قومية كما يفعل المستوطنون. وأكد على ضرورة عدم ترك البدو في مواجهة الترحيل وحدهم، بل لا بد من دعمهم ماديا ومعنويا بكل ما يعزز صمودهم، وذلك لمواجهة سعي إسرائيل الحثيث لتطهيرهم عرقيا.

وحذر التفكجي من استمرار التغاضي عن التمدد الاستيطاني، قائلا: "لقد وصلنا لمرحلة اللاعودة، فالسيطرة على الأراضي وعلى الطرق الالتفافية أكبر مما نتصور، وهذا قسّم الضفة بشكل فسيفسائي سهّل عملية السيطرة عليها، لذلك من الضروري وضع إستراتيجية واضحة مختلفة تماما عن الماضية، والتخلي عن العقلية الحالية للسلطة ببناء إستراتيجية تقود نحو التغيير".

بدوره يرى الأستاذ جمال العملة مدير مركز أبحاث الأراضي، أن الاستيطان متفشٍّ في الضفة الغربية وفي كل الأراضي الفلسطينية بشكل مستمر، لافتا إلى أن حقيقة الأمر تكمن في أن المشروع الصهيوني في فلسطين هو من الأساس مشروع استيطاني، يهدف للاستيلاء على الأرض وطرد أصحابها الحقيقيين منها.

وعزا العملة أسباب مضاعفة النشاط الاستيطاني وتوسيعه في الفترة الأخيرة إلى أن الظروف السياسية كانت مهيأة لذلك، وتحديدا الدعم الأميركي المطلق للموقف الإسرائيلي المتمثل في قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، مما سهل لحكومة الاحتلال فرض المزيد من الوقائع على الأرض.

وعن الهدف من توسيع البؤر الاستيطانية، أضاف العملة أن حكومة نتنياهو تخشى من الخطر الديمغرافي الذي يمثله الفلسطينيون، فتسعى لمواجهة ذلك بضم المناطق المصنفة "ج" ومناطق شرق القدس، محذرا من القبول بذلك لما سيمثله من كارثة على الفلسطينيين، كون إسرائيل تقتنص الفرص للتوسع أكثر فأكثر وفق رؤية واضحة وببرنامج متصاعد.

‪بؤرة
‪بؤرة "رومانو" الاستيطانية أقيمت فوق مدرسة فلسطينية بالخليل القديمة وطرد الفلسطينيون منها‬ (الجزيرة نت)

ذبح عملية السلام
واعتبر العملة أن استمرار السعي للبحث عن المفاوضات في ظل الوضع الحالي يمثل مزيدا من الذبح لعملية السلام، على اعتبار أن وهم حل الدولتين أعدم تماما بإعلان ترمب الأخير، وأن إنعاشه ومحاولة بث الروح فيه يحتاج قوة عالمية تجبر إسرائيل على تفكيك كافة مستوطنات الضفة -بما فيها شرق القدس- وهذا حاليا يعد مستحيلا.

وأشار العملة إلى ضرورة الحضور الشعبي في كل بقعة أرض ما زالت بأيدي الفلسطينيين، والعمل فيها واستصلاحها والبناء عليها، مؤكدا على أن الصراع هو صراع وجود على الأرض، لأن كل قطعة أرض تُترك يحتلها المستوطنون مباشرة.

وأوضح أن نجاح ذلك يتطلب تشجيعا واهتماما فلسطينيا رسميا وعربيا، وذلك عبر امتيازات لمن يسكنون في المناطق الأكثر خطورة، خاصة المناطق المصنفة "ج". 

المصدر : الجزيرة