"البؤر القذرة".. عنصرية ترمب المتجددة

LONDON, ENGLAND - JANUARY 12: A model of US President Donald Trump from the Madame Tussaud's waxwork attraction stands outside the new US embassy on January 12, 2018 in London, England. President Trump has tweeted that he will not go ahead with his planned visit to the new billion-dollar embassy, blaming previous President Barack Obama's 'bad' embassy deal as his reason for cancelling. Critics have speculated that Mr Trump could have been wary of protests and demonstrations if he chose to go ahead with his February visit. (Photo by Leon Neal/Getty Images)
تمثال شمعي للرئيس ترمب تم نصبه أمام المبنى الجديد للسفارة الأميركية في لندن والمتوقع افتتاحه قريبا (غيتي)
محمد النجار-الجزيرة نت

"البؤر القذرة".. كان هذا هو الوصف الصادم الذي استخدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدول لاتينية وأفريقية، على شاكلة أحداث وتصريحات سابقة تؤكد اتهامات لساكن البيت الأبيض بالعنصرية ونشر الكراهية.
 
فيوم الخميس الماضي وصف ترمب -في اجتماع مع مشرعين من الكونغرس– المهاجرين من هايتي والسلفادور ودول أفريقية بأنهم حضروا من "بؤر قذرة"، وهو ما أدى لموجة استنكار كبيرة، حيث طالبته 54 دولة أفريقية بالاعتذار، كما انتقدت الأمم المتحدة وقيادات أميركية بارزة هذا الوصف.
 
وحاول ترمب التنصل من تصريحه، وقال في تغريدة على حسابه بتويتر إنه لم يستخدم هذا المصطلح، لكن السيناتور الديمقراطي ريتشارد دوربن، الذي كان يجلس إلى جانب الرئيس أثناء الاجتماع، أكد أن ترمب استخدمه.
وقال "لم أتفاجأ بأن الرئيس بدأ بالتغريد هذا الصباح نافيا استخدامه تلك الكلمات، هذا غير صحيح، لقد تفوه بكلمات الكراهية هذه وقالها مرارا".
 
وهذه التصريحات العنصرية للرئيس الأميركي تشكل أحدث حلقة في سلسلة مواقف وتصريحات نالت من "الآخر" منذ وصوله للبيت الأبيض قبل نحو عام، لكنها ليست جديدة على ترمب، وبعضها سبق وصوله لقمة السلطة بالولايات المتحدة.
 

الإرهاب الإسلامي

وترمب هو صاحب المصطلحات التي ربطت الإسلام بالإرهاب فكان أول من استخدم مصطلح "الإرهاب الإسلامي" عند وصوله للبيت الأبيض، بعد أن أثار هذا التصريح جدلا كبيرا أثناء حملته الانتخابية، كما يستخدم باستمرار مصطلحات مثل "الإسلام الراديكالي"، و"الإسلام المتشدد"، وغيرها.
وكان الرئيس الأميركي قد افتتح عهده بقرار منع الهجرة عن جنسيات دول جميعها مسلمة، وهو القرار الذي لاحقته بسببه التهم بالعنصرية، وبدت الصور القادمة من المطارات الأميركية للتعامل مع المهاجرين ولا سيما المسلمين صادمة لكثيرين، حتى إن معلقين اعتبروا أنها تعبر عن "أميركا لا يعرفونها".
 
أحد أبرز مواقف ترمب "العنصرية" تجاه المسلمين ظهر قبل نهاية العام الماضي، عندما أعاد نشر ثلاثة فيديوهات مسيئة للمسلمين، كانت نشرتها جايدا فرانسن، نائبة زعيم حركة "بريطانيا أولا" العنصرية، المعروفة باتجاهاتها المعادية للإسلام واحتجاجاتها المناهضة للمساجد، ونشر تعليقات استفزازية للمسلمين في الشوارع والإنترنت.
 
وانتقد متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي نشر ترمب هذه الفيديوهات، وقال إن ماي تعتبر أن "الرئيس ترمب أخطأ بهذا الفعل".
 
ورفض ترمب انتقادات ماي، وطالبها للتفرغ لما سماه "مواجهة الإسلام الراديكالي"، الذي قال إن بلاده تفعل الشيء الجيد لمواجهته، على حد وصفه.
 
وكان ترمب قال في حوار أثناء حملته الانتخابية مع محطة سي إن إن الأميركية "أعتقد أن الإسلام يكرهنا"، وأتبع هذا التصريح لاحقا بقوله "لدينا مشاكل مع المسلمين، ولدينا مشاكل مع المسلمين الذين يدخلون بلادنا".

مغتصبون ومروجو مخدرات
علاقة ترمب بالمكسيكيين كان عنوانها التحريض عليهم منذ بدأ حملته للوصول للبيت الأبيض.

 
فقد سبق لترمب أن وصف المكسيكيين بأوصاف اعتبرت عنصرية، في أوج حملته للدعوة لبناء جدار فاصل مع المكسيك تموله هي، وتعددت أوصافه للمكسيكيين الذين يهاجرون لأميركا، وأبرزها وصفه لهم بأنهم "مغتصبون ومروجو مخدرات".

ولعل واحدا من أبرز المواقف في هذا السياق هو ما تلا اندلاع أعمال عنف تسبب بها المئات من أعضاء اليمين المتطرف و"النازيون الجدد" في تشارلوتسفيل في أغسطس/آب الماضي.

 
حيث التزم ترمب الصمت في بداية الأحداث، قبل أن يتحدث لاحقا عن "عنف من كل الجوانب" دون أن يذكر المتطرفين والنازيين الجدد بالاسم. 
 
وبعد انتقادات حادة، خرج ترمب بتصريحات من نوعية "العنصرية أمر سيئ وهؤلاء الذين يمارسون العنف باسمها مجرمون".
 

شهادة ميلاد أوباما
وقبل وصوله للبيت الأبيض، اتخذ ترمب مواقف عدة وصفت بالعنصرية، وأشهرها موقفه من مكان ولادة سلفه باراك أوباما.

 
وترمب من أشهر من شككوا بأن أوباما ولد في الولايات المتحدة وكان يردد دوما أنه ولد في كينيا، حيث طالب في مقابلة مع محطة إيه بي سي الأميركية عام 2011 أوباما بأن يكشف عن شهادة ميلاده.
 
كما غرد على حسابه على تويتر في أغسطس/آب 2012 أثناء الحملة الانتخابية بين أوباما وميت رومني قائلا "مصدر شديد الثقة اتصل بمكتبي وقال إن شهادة ميلاد أوباما مزيفة"، وظل على موقفه هذا إلى أن غيّر موقفه هذا في حملته للوصول للبيت الأبيض عام 2016.
 
ومواقف ترمب "العنصرية" التي تثير الجدل بين الفينة والأخرى باتت جزءا من النقد الذي يواجهه الرئيس باستمرار، واللافت أن بعض المحللين يضعونها في قائمة الأدلة على التشكيك بالصحة العقلية للرئيس.
حيث قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها نشرته أمس الجمعة، إن التعرف على صحة ترمب العقلية "لا يحتاج إلى درجة في الطب، أو تشخيص نفسي ليبين لهم ما يعيب ترمب، فالأمر واضح لكل من يستمع إليه وهو يتكلم ويقرأ تغريداته ويرى آثار سلوكه على الرئاسة والأمة ومؤسساتها وعلى أمن النظام العالمي".
 
ولا يبدو أن مواقف ترمب العنصرية ستتوقف، ما دامت تنبع حسب محللين من ثقافة متجذرة لديه، تنحاز لآراء ومواقف تزدري الآخر، الأمر الذي دفع رئيس تجمع الأميركيين السود في الكونغرس، سيدريك ريتشموند، لأن يطالب ترمب بتغيير الشعار الذي يتبناه "اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى"، إلى "اجعلوا أميركا بيضاء مرة أخرى".
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية