الخرطوم والقاهرة.. هل اقتربت المواجهة؟

انتشار قوات سودانية على الحدود مع إريتريا
انتشار قوات سودانية على الحدود مع إريتريا (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

هل اقتربت ساعة المواجهة بين السودان ومصر؟ سؤال أصبح يتردد وسط غالب المتابعين لتطورات الأزمة بين الخرطوم والقاهرة وانتقالها من إطارها السياسي والإعلامي إلى تحريك القوات العسكرية باتجاه الآخر.
 
وزاد اعتراف الحكومة السودانية "لأول مرة" بوجود تهديد محتمل على حدود البلاد الشرقية من كل من مصر وإريتريا، وإعلانها التحسب لذلك التهديد؛ من تداول السؤال ذاته حتى بين العسكريين في السودان.

وكان إبراهيم محمود مساعد الرئيس السوداني قد نقل للصحفيين أن اجتماعا لحزبه وقف على الترتيبات الأمنية التي تم اتخاذها في ولاية كسلا شرقي السودان بعد ورود معلومات عن احتمال تهديدات من الناحية الشرقية، خاصة بعد التحركات الأخيرة التي تمت من مصر وإريتريا في منطقة ساوا على الحدود مع ولاية كسلا.

ورغم تأكيد المسؤول السوداني أن حكومة بلاده لا ترغب في أن يكون بين السودان وجيرانه أي مشاكل مستقبلا، بل تريد تعاونا مع كل دول الجوار، فإن تحريك آلاف الجند من وسط البلاد إلى شرقها ينبئ بشيء ما.

‪محمود تحدث عن الترتيبات الأمنية التي تم اتخاذها في ولاية كسلا شرق السودان‬ (الجزيرة)
‪محمود تحدث عن الترتيبات الأمنية التي تم اتخاذها في ولاية كسلا شرق السودان‬ (الجزيرة)

خلاف ومخطط
ويبدو المخطط لمواجهة السودان ومصر -حسب عسكريين- أكبر من كونه خلافا بين حكومتي الرئيسين عبد الفتاح السيسي في القاهرة وعمر البشير في الخرطوم.

ومع مواجهة كل الأطراف المعنية لأزمات داخلية كبرى، يجعل التهديد الذي وصفه عسكريون بمتعدد الجبهات من حكومة السودان أكثر شراسة في مواجهته، خاصة "أن القاهرة متهمة لدى الخرطوم بتحريك كل تلك الجبهات".

فهل سيشكل تهديد السودان تهديدا أكبر للسد العالي؟ سؤال طرحه الفريق متقاعد محمد بشير سليمان الذي يعتقد أن المقصود الحقيقي من تهديد شرق السودان هو سد النهضة الإثيوبي، "وبالتالي فإن السد العالي لن يسلم من تهديد مماثل".

ويستبعد سليمان مشاركة إريتريا في الحرب على السودان، "لكنها قد تكون منصة انطلاق ومحطة إيواء أو إسناد للمصريين من جهة وللمعارضتين المسلحتين السودانية والإثيوبية ضد حكومتي بلديهما في آن واحد من جهة أخرى.

وبعيدا عن لغة الحرب، يعاني السودان ومصر وإرتيريا من عدم وحدة الجبهة الداخلية، "وهو المهدد الأكبر إذا ما استغله أي طرف ضد الطرف الآخر"، وفق متابعين.

كما أنه مع كثرة التوقعات حول قدرة الأطراف المعنية على الدخول في حرب غير محسوبة، يتساءل عسكريون عن إمكانية تجاهل مصر لأمر أمنها المائي الذي يتحكم به السودان وإثيوبيا بشكل كبير.

‪سليمان يستبعد مشاركة إريتريا‬ (الجزيرة)
‪سليمان يستبعد مشاركة إريتريا‬ (الجزيرة)

تقديرات وعواقب
لكن تقديرات الموقف وتعادل القوى يجعلان اللواء متقاعد المعز عتباني لا يتوقع مواجهة عسكرية نظرا لآثارها الكارثية على كل الأطراف، مشيرا إلى  أن "هناك فرقا كبيرا بين المتعقل والمتهور" حسب رأيه.

وعواقب المواجهة الكبيرة -كما يقول عتباني- ترجح "التحسب على التهور"، معتبرا أنها ليست في صالح أحد "لا نحن ولا مصر ولا إثيوبيا ولا إريتريا".

وفي مقابل ذلك كله يرى متابعون أن المشاكل الداخلية والخلافات القائمة في جميع الدول المتصارعة قد تدفعها إلى تحريك آلات إعلامية مضادة لبعضهم البعض "دون الدخول في مواجهة عسكرية تؤثر على أمن البحر الأحمر الذي يعتبر نقطة ضعفهم جميعا".

وتطورت الأزمة بين السودان ومصر بعد ساعات من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي ومنحه تأهيل والإشراف على آثار جزيرة سواكن السودانية، الأمر الذي رفضته القاهرة وحلفاؤها في الخليج العربي.

كما أن خلافات البلدين حول موقفهما من سد النهضة الإثيوبي، وتنازعهما حول مثلث حلايب وشلاتين، واتهام مصر بدعم ومساندة المتمردين في دارفور، إلى جانب خلافاتهما الأيدولوجية، كلها أسباب تجعل من المواجهة أكثر ترجيحا ما لم يحسبا نتائجها جيدا، كما يقول الفريق سليمان.

المصدر : الجزيرة