حصاد الثورات المضادة والنزاعات الأهلية بأربع دول عربية

يسرى العسري

تبدو مآلات الثورات المضادة والنزاعات الأهلية التي تعيش الشعوب العربية مصائبها اليوم، مأساوية للغاية إذا ما تأملنا الإحصاءات الرسمية في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا.

وفي تقرير نشرته مؤسسة الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بلغت تكلفة البنية التحتية المدمرة في كل من سوريا والعراق واليمن 258 مليار دولار، فيما ينفق العالم العربي 180 مليار دولار سنويا على التسلح العسكري.

الإنسان.. الخاسر الأكبر
بعد مرور ست سنوات على انطلاق شرارة الثورة السورية التي تحولت إلى حرب طاحنة، أضحت للرئيس بشار الأسد اليد العليا في ساحة القتال بدعم روسي وإيراني، ولا يزال الصراع أبعد ما يكون عن النهاية بعدما انقسم البلد إلى مجموعة من الجيوب يحكمها أمراء حرب وقيادات معارضة.

وسط هذه الفوضى يبرز مشهد مأساوي وضحية وحيدة هي الإنسان. فقد بلغ عدد القتلى جراء الصراع في سورية 470 ألفا حتى فبراير/شباط 2016، وفق منظمة "المركز السوري لبحوث السياسات".

في حين دفعت الأزمة الإنسانية في سوريا إلى نزوح أكثر من 6.1 ملايين مدني و4.8 ملايين طالب لجوء، وفقا لـ"مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". في حين يقدر عدد الجرحى بنحو 1.9 مليون.

العراق.. تشرد ودمار
وفي العراق، تركت الأعمال القتالية أثرا بالغا على الوضع الإنساني للشعب، الذي تنفس الصعداء بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سيطرة قواته "بشكل كامل" على الحدود السورية العراقية، مؤكدا "انتهاء الحرب" ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتُظهر آخر الإحصاءات الرسمية سقوط نحو 430 ألف قتيل عراقي منذ عام 2003، في حين بلغ عدد الجرحى 620 ألفا، وسجّلت سنوات ما بعد الاحتلال الأميركي وجود 3.4 ملايين مهجّر خارج العراق موزعين على 64 دولة عربية وأجنبية، إضافة إلى 4.1 ملايين نازح داخل البلد.

طاحونة القتل
أما في اليمن فقد تسببت الحرب في تدهور الأوضاع في أفقر بلد عربي، حيث بات 21 مليون يمني (حوالي 80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

كما تفيد الإحصاءات الأممية بأن نحو 15 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية، فضلا عن مقتل 58 ألفا وجرح 80 ألفا آخرين.

كما أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن عدد النازحين والمهجرين قسريا داخل اليمن ارتفع إلى ثلاثة ملايين و154 ألفا و527 شخصا.

مأساة ليبيا
وفي ليبيا فإن تفاقم الأزمة الإنسانية سببه استمرار صراع واسع تشارك فيه دول وحكومات ومليشيات بحسب تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش".

فقد أحصت وكالة الأمم المتحدة للهجرة في 5 يونيو/حزيران 2017 وجود أكثر من 256 ألف نازح وأكثر من 351 ألف مهاجر. أما عدد القتلى فبلغ 58 ألفا في حين ارتفعت أعداد الجرحى إلى 80 ألفا.

خمس سنوات مرت منذ انطلاق الثورات المضادة، حصدت كما هائلا من القتلى والجرحى والمشردين، دون أن تفقد الشعوب الأمل الذي انطلقت من أجله ثورات الربيع العربي.

المصدر : الجزيرة