تطبيع أميركا والسودان.. تصاعد الآمال وتواضع المؤشرات
وبدا أن ما "قدمه السودان خلال المرحلة الماضية من معلومات استخباراتية وأمنية وأخرى سياسية" كانت كافية لدفع واشنطن لإصدار قرار رفع العقوبات الذي اعتبره متابعون بداية لمرحلة التطبيع بين البلدين.
وكانت الحكومة السودانية قد وضعت لنفسها خريطة طريق أعلنت من خلالها تصميمها على بذل مزيد من الجهود لإزالة كافة العقبات التي تقف في طريق التطبيع الكامل بين الدولتين.
وقال بيان وزارة الخارجية -بعيد قرار ترمب برفع السودانييين من قوائم منع السفر- إن الحكومة "تؤكد ثقتها في كفاءة الأجهزة السودانية المختصة وقدرتها على مراقبة حركة المسافرين بمطارات البلاد وتبادل المعلومات مع كافة الأجهزة المعنية بالدول الصديقة".
تطور طبيعي
واعتبرت الخارجية السودانية أن قرار ترمب الأخير يمثل تطورا إيجابيا مهما في العلاقات بين الجانبين.
وقالت إن القرار كان نتاجا طبيعيا لحوار طويل وصريح وجهود مشتركة قامت بها العديد من المؤسسات المختصة من الجانبين وتعاون وثيق في قضايا دولية وإقليمية محل اهتمام مشترك.
وقد لحق البرلمان بالمؤسسات التنفيذية في الترحيب بالقرار. وقال رئيس لجنة التشريع والعدل عثمان نمر إن القرار "يعد وفاء من أميركا تجاه السودان بعدما نفذ كافة المطالب والشروط التي وضعتها له".
وفي حديث للجزيرة نت، عبر نمر عن أمله في أن تنفذ أميركا كل وعودها برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان وإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وصولا إلى تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين.
ورأى أن القرار مؤشر إيجابي لرفع العقوبات بعد 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين أن يكون القرار مقدمة فعلية لرفع العقوبات الاقتصادية على السودان. وقال إن واشنطن بدأت مرحلة مكافأة الخرطوم على "التعاون الأمني الكبير".
وأشار إلى تقدير أميركا لاستضافة السودان مؤتمر رجال الأمن والاستخبارات في أفريقيا "السيسا" الذي يكلف ملايين الدولارات.
انتفاء الصلة
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة شرق النيل عبد اللطيف محمد سعيد لا يرى أي صلة بين إلغاء حظر سفر السودانيين إلى الولايات المتحدة وبين رفع العقوبات الأميركية عن بلادهم.
وقال إن "موضوع العقوبات تكتنفه حالة من الغموض والضبابية ويصعب التنبؤ بما يمكن أن يُتخذ بنهاية المطاف".
ويضيف للجزيرة نت أن الحكومة السودانية ربما لم تف بمتطلبات رفع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة.
وكذلك يرى رئيس المجموعة الاستشارية للدراسات الإنمائية الحاج حمد أن رفع العقوبات لا يزال محل شك "بسبب وجود بعض المآخذ على الخرطوم في فترة الاختبار التي منحت لها".
ويرفض حمد أي ربط بين إزالة حظر السفر وما هو قادم من قرارات، لأن "إدارة العلاقات الخارجية في أميركا تعتمد على توصيات كثير من المؤسسات ذات الوزن الثقيل".
ويشار إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على السودان عام 1988 "بسبب تخلفه عن سداد الديون".
وفي عام 1993 أدرجت الولايات المتحدة السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ردا على استضافته زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن عام 1991.
وقد طبع التوتر علاقات الجانبين طيلة العقود الثلاثة الماضية رغم أنها مرت بتحسن في بعض المحطات.
وفي 13 يناير/كانون الثاني الماضي أعلنت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما رفعا جزئيا لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، وبررت الخطوة بالتقدم الذي أحرزته الخرطوم، ولكنها أبقت السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.