مخاوف من فوضى الحشود المسلحة في نينوى

يحرص الموالون على هذه الحشود على إثبات وجودهم في الشارع
أنصار وعناصر فصيل تركماني يرفعون راياته لاستعراض القوة (الجزيرة)
الموصل-الجزيرة نت

ما إن انتهت الحرب في الموصل حتى طفت على السطح معالم وضع جديد، فهناك جيش وشرطة اتحادية ومحلية وحشد شعبي وعشائري، يتوزع مقاتلوها بالشوارع ليملؤوا الفراغ الأمني الذي خلفه تنظيم الدولة الإسلامية وراءه.

وفي الحواجز "السيطرات" التي ينصبها الحشد الشعبي ثمة رايات وشعارات طائفية، ربما تستفز الأهالي ولكن لا أحد يجرؤ على الاعتراض، فالمدينة ما زالت تعيش ما يشبه حالة الطوارئ، والأصابع على الزناد تحسبا لأي خرق محتمل.

وأمام أحد الحواجز في حي الزهور شرقي المدينة، منتسبون للحشد يوزعون الحلوى ابتهاجا بـ "عيد الغدير" المقدس لدى الشيعة، والسكان يتفاعلون بصمت، وعبارات المجاملة تخفي وراءها قلقا عميقا من التوتر.

أحد الضباط يقول للجزيرة نت إن كثيرا من الحشود المسلحة لا حاجة لوجودها، وهي مفروضة بصفقات سياسية، كما أن بعضها يستفز السكان المحليين بممارساته "مما قد يرجع المدينة إلى المربع الأول".

ويضيف أن شكاوى كثيرة تصلهم من الأهالي للمطالبة بسحب هذه العناصر واستبدالها بمقاتلي الجيش بسبب كثرة "تجاوزاتهم".

‪تحرص معظم فصائل الحشد بالموصل على رفع رايات مذهبية‬ تحرص معظم فصائل الحشد بالموصل على رفع رايات مذهبية (الجزيرة)
‪تحرص معظم فصائل الحشد بالموصل على رفع رايات مذهبية‬ تحرص معظم فصائل الحشد بالموصل على رفع رايات مذهبية (الجزيرة)

عناوين مختلفة
ويقول سكان محليون إن بعض فصائل الحشد -لا سيما التي تنتمي لأقليات كالتركمان والمسيحيين والشبك والإيزيديين- تتعامل مع السكان بكثير من الحدة والشك وتستعرض أسلحتها كثيرا ربما في محاولة لإثبات الوجود، وفق تعبيرهم.

وتشير العناوين المرفوعة إلى انتماءات مذهبية وعشائرية ودينية، فعلاوة على "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" هناك "فرسان الجبور" و"حشد الشبك" و"حركة بابليون المسيحية" وغيرها، وبعضها متهم بممارسة انتهاكات على أساس طائفي أو قومي.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي عدة مقاطع عن قيام الحشد المسيحي بتهجير سكان عرب من منطقة سهل نينوى، كما يتهم "حشد تلعفر" التركماني بالارتباط بمنظمة بدر الشيعية.

وينفي الناطق باسم "حشد الشبك" أبو جعفر قيام تشكيلاتهم بأي انتهاكات، ويتهم المروجين لهذه "الشائعات" بأنهم من "ذيول" تنظيم الدولة، مؤكدا أن علاقتهم بالسكان طيبة وأنهم لا يستهدفون سوى التنظيم.

ويشعر الأهالي بالقلق من انتشار عمليات اغتيال وخطف وابتزاز يقوم بها منتسبون لهذه الحشود، ولعل من بقي من أثرياء المدينة كانوا أبرز الضحايا، كما تنتشر جرائم سرقة السيارات وشركات الصيرفة، وتُفرض إتاوات على أصحاب المحلات مقابل "حمايتهم".

‪عناصر من الحشد الشعبي‬ عناصر من الحشد الشعبي (الجزيرة)
‪عناصر من الحشد الشعبي‬ عناصر من الحشد الشعبي (الجزيرة)

حرس نينوى
ويتحدر معظم عناصر الفصائل من خارج المحافظة أو من ريف الموصل، باستثناء "حرس نينوى" الذي يمثل تجمعا لمقاتلي المدينة بقيادة محافظها السابق أثيل النجيفي، ورغم انضمام الحرس للحشد الشعبي فإن الفصائل الأخرى تنظر إليه بكثير من الريبة.

ويقول المتحدث باسم الحرس زهير حازم إنهم تسلموا مهمة الحفاظ على الأمن في نصف أحياء الموصل ومناطق أخرى خارجها، حيث حققوا نسبا مرتفعة من "الانضباط والتفاعل مع احتياجات الناس" مما يدل على ثقة الناس بهم لانتمائهم للمدينة، كما يقول.

ويضيف أن هناك تنسيقا مع الفصائل الأخرى من خلال قيادة عمليات نينوى وقيادة العمليات المشتركة، لكنه ينتقد بعض السياسات التي يراها امتدادا للوضع السابق، فهناك تجاهل للمعلومات الواردة عن "الإرهابيين" وفساد بالقوات الأمنية، وفق قوله.

ووفقا للصحفي مجاهد الطائي فهناك نحو ١٢ حشدا متعدد الولاءات بالموصل وأطرافها، معظمها غير قانوني ولا ينضوي تحت هيئة الحشد الشعبي، لكنهم حصلوا على شرعيتهم بسبب قتالهم لتنظيم الدولة.

وتنسب إلى هذه الجهات العديد من عمليات السرقة والخطف، كما أن افتقار العناصر للرواتب يحفزهم على أخذ الإتاوات والنهب.

ويرى الطائي أنه ليس هناك انسجام بين الحشود لأنها متعددة الولاءات، فانضباطها "مؤقت" ويتدهور باستمرار، محذرا من "كارثة" لأن الأمن معلق على عدة ملفات، كالانتخابات القادمة وخارطة التحالفات وعقود إعادة الإعمار.

المصدر : الجزيرة