تحديات أمام اندماج جاليات عربية بالمجتمع التركي

طفل سوري يشارك اقرانه الاتراك في احدى الفعاليات في اسطنبول
سوري يشارك أقرانه الأتراك بإحدى الفعاليات في إسطنبول (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

يتداول نشطاء وإعلاميون عرب في تركيا صورة لشاب سوري تبدو على وجهه آثار الضرب والتنكيل، ويقولون إنه تعرض له من قبل بائعين جائلين أتراك بسبب سوء فهم ناتج عن اختلاف اللغة بين الطرفين.

ووفقا للمصادر فإن الشاب توجه لمكان بيع الخضار، وطلب من البائعة التركية أن تعطيه "كزبرة" لكن البائعة فهمت منه أنه يريد الحصول على "فتاة بالمال" إذ تعني كلمة "قيز" بالتركية فتاة وكلمة "برا" تعني مالا، الأمر الذي أثار غضب البائعة فاستدعت باعة آخرين، وأخبرتهم بطلبه، فقاموا بضربه.

وتوضح المصادر أن تدخل مترجم تكفل بتوضيح اللبس الذي حصل مما أنقذ الشاب السوري وخلصه من الضرب، قبل أن يبادر الرجال إلى "تطييب خاطره" وتعويضه بمبلغ مالي عن الموقف الذي تعرض له.

وبغض النظر عن تفاصيل القصة، فإن سعة انتشارها وتداولها بوسائل الإعلام الجديد والمواقع المتخصصة في شؤون الجاليات العربية بتركيا تكشف النقاب عن دور اللغة كعامل أساسي لنجاح العرب في تركيا أو إخفاقهم في التواصل مع المجتمع المحلي فضلا عن الاندماج به.

التعليم والزواج
وشهدت الأعوام الاخيرة ارتفاعا كبيرا في تعداد أبناء الجاليات العربية في تركيا، مع تدفق القادمين من بلاد الأزمات مثل سوريا والعراق.

ورغم تطور الظروف المعيشية لكثير من اللاجئين، وتكوين الأسر والعائلات الجديدة، ورغم التعامل الإيجابي للمجتمع التركي مع الجميع، فإن هناك تفاوتا ملموسا في مستوى اندماج العرب في تركيا بالمجتمع.

الاندماج العربي بتركيا يتجلى في التفاعل الجماهيري بالقضايا السياسية 
الاندماج العربي بتركيا يتجلى في التفاعل الجماهيري بالقضايا السياسية 

ويبدو التفاعل العربي التركي كبيرا في المواقف الشعبية تجاه قضايا سياسية محددة، إضافة إلى الاستقطاب التركي الكبير للمستثمرين ورجال الأعمال العرب في مجالات التجارة والاقتصاد.

في المقابل، يحجم عدد من أرباب الأسر العربية عن تسجيل أطفالهم للتعلم بالمدارس التركية، رغم أن الالتحاق بها قليل الكلفة، ويفضلون إرسالهم عوضا عن ذلك إلى المدارس العربية الخاصة المنتشرة هناك رغم شكواهم من تكاليفها الباهظة، ووصفهم لكثير منها بأنها بمؤسسات تجارية تسعى للربح السريع.

ويقول بعض الآباء لـ الجزيرة نت إن إرسال أطفالهم للمدارس التركية سيستنزف الكثير من طاقاتهم ويصرفها على تعلم التركية كلغة للتعليم، بدلا من صرف الجهود على رفع المستوى العلمي أو منافسة أقرانهم وزملائهم بالصف من طلبة المدارس الأتراك.

كما تسجل حالات النسب والزواج بين العرب والأتراك مستويات متدنية، رغم أن الزواج يمثل أحد المداخل الأساسية للتجنيس، ويمكِّن من يصاهر الأتراك من الحصول على الجنسية التي تفتح أمامه كثيرا من التسهيلات في مجالات العمل والاستثمار والدراسة والعلاج والسفر وغيرها.

عوائق الاندماج
ويلخص ناشطون عرب في تركيا معوقات اندماج الجاليات العربية في المجتمع بثلاثة عوامل رئيسة هي اختلاف اللغة، والتنافس في سوق العمل، وتباين النظرة إلى كثير من الجوانب الثقافية.

ورغم التلاقي الكبير بين العرب والترك في كثير من العادات والتقاليد والسلوك الشرق أوسطي -فضلا عن الدين والمذهب- فإن كثيرا من العرب مثل العراقي مصطفى ناظم يعتقدون أن التصورات المسبقة لدى كل طرف عن ثقافة الآخر تعيق قدرته على التواصل معه.

ويشارك ناظم -الذي يدير شركة تجارية- أهل الحي الذي يسكنه في مدينة إسطنبول منذ أكثر من عشر سنوات كافة مناسباتهم، ويعد نفسه جزءا منهم، ويقول للجزيرة نت إنه يدعى باستمرار لأفراحهم ويحرص على حضور الجنائز والمناسبات الأخرى.

كما يعتقد أن تنامي نشاط أفراد من الجاليات العربية بصورة سريعة وكبيرة وسهولة تأسيسها للأعمال مكنها من تكوين مجتمعاتها الخاصة التي أغنتها عن التواصل مع المجتمع المحلي الأوسع، وحد من احتياجها للتفاعل معه، إلى جانب أنها خلقت تنافسا مع أتراك من التجار وذوي المشاريع الاقتصادية الصغيرة.

المصدر : الجزيرة