خبراء: تركيا اضطرت لشراء الصواريخ الروسية بعد مواقف الغرب

Russian S-400 anti-aircraft missile launching system is displayed at the exposition field in Kubinka Patriot Park outside Moscow on August 22, 2017 during the first day of the International Military-Technical Forum Army-2017. / AFP PHOTO / Alexander NEMENOV (Photo credit should read ALEXANDER NEMENOV/AFP/Getty Images)
صواريخ "أس-400" الروسية (غيتي)

خليل مبروك-إسطنبول

لم يتأخر رد أنقرة على إمداد الولايات المتحدة للمليشيات الكردية بسوريا بشحنة كبيرة من السلاح، فبادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء بإعلان التوقيع على عقد مع روسيا لشراء منظومة صواريخ "أس-400" الدفاعية.

ورغم أن التفاوض على الصفقة بدأ منذ أغسطس/آب 2016، يربط مراقبون توقيت الإعلان عنها بتسليم واشنطن 1400 شاحنة أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية -المكونة أساسا من وحدات حماية الشعب الكردية- التي تعدها أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصمه بالإرهاب.

وسبق لتركيا أن عبرت عن انزعاجها الشديد من الدعم الأميركي للقوات الكردية بذريعة مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، حتى خيّر أردوغان حلفاءه الغربيين بين تركيا وتلك المليشيات.

ويرى خبراء أتراك وأجانب أن صفقة الصواريخ تمثل تقاربا "إجباريا" بين أنقرة وموسكو من جهة، وتعكس طبيعة "الصراع على كسب الحلفاء" بين موسكو وواشنطن عبر معادلات المنطقة من جهة أخرى.

‪تومار: تركيا تشعر بخذلان الناتو والولايات المتحدة لها في كل المواقف‬ (الجزيرة)
‪تومار: تركيا تشعر بخذلان الناتو والولايات المتحدة لها في كل المواقف‬ (الجزيرة)

التقارب الإجباري
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة مرمرة جنكيز تومار إن تركيا تشعر منذ سنوات بخذلان حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة لها في كل المواقف التي كانت تحتاج فيها للدعم.

وأضاف تومار للجزيرة نت أن هذا الشعور تجلى في التهديدات التي واجهتها تركيا من النظام السوري ومن الانفصاليين الأكراد، وحتى من "جماعة الخدمة" التي يُتهم زعيمها فتح الله غولن المقيم بأميركا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016.

ووفقا للأكاديمي التركي، فإن جميع هذه الأحداث فرضت على أنقرة التوجه نحو موسكو بعدما "تخلى" عنها الحلفاء الغربيون.

وكحال كثير من المفكرين الأتراك، لا يضع تومار الثقة في "السلة الروسية"، قائلا إن الأتراك عايشوا الخطر الروسي منذ القرن السابع عشر واعتادوا تهديدات جارتهم الكبيرة واعتداءاتها خلال الحربين العالميتين، لكنهم لا يملكون بديلا.

وحسب وسائل الإعلام التركية، سددت أنقرة الدفعة الأولى من ثمن صفقة الصواريخ التي تبلغ قيمة الوحدة منها 800 مليون دولار، لتصبح تركيا ثاني دولة تحصل على تقنية "أس-400" بعد الصين.

وكان المستشار المسؤول عن التعاون العسكري في الرئاسة الروسية فلاديمير كوجين قد أعلن الثلاثاء أن بلاده ستبدأ بتنفيذ الصفقة قريبا، بينما عبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركي جون ميشيل عن قلق بلاده من الصفقة.

‪نعيم: موقع تركيا خدمها كثيرا في معركة التنافس الأميركي الروسي‬ (الجزيرة)
‪نعيم: موقع تركيا خدمها كثيرا في معركة التنافس الأميركي الروسي‬ (الجزيرة)

الشد والجذب
من جهته، قال الباحث في الشأن التركي معين نعيم إن المنطقة تعيش منذ فترة غير قصيرة على توازن من الشد والجذب في العلاقات مع أميركا وروسيا بناء على الوضع بجنوب تركيا.

وأوضح نعيم أنه كلما تعززت علاقات واشنطن بالانفصاليين الأكراد ازداد اقتراب أنقرة من موسكو، والعكس صحيح. مشيرا إلى أن هذا التوازن تجلى في سحب دول الناتو لبطاريات الباتريوت تاركة أراضيها مكشوفة للهجمات.

ولفت الباحث إلى أن الدول الغربية حرصت على عدم إتمام صفقة الصواريخ الروسية عبر إغراء أنقرة بصفقات بديلة، ما دفع الأخيرة لتخفيض وتيرة مساعيها لإتمام الصفقة قبل أن تصلها "الرسالة الأميركية الأكثر وضوحا" في شاحنات السلاح التي سلمت للأكراد رغم تحذيرات أنقرة.

واعتبر نعيم للجزيرة نت أن موقع تركيا الجيوسياسي خدمها كثيرا في معركة التنافس الأميركي الروسي بالمنطقة، إذ يتنافس الطرفان على استمالتها كحليف مهم وقوة إقليمية.

وأشار إلى أن الروس تعاملوا بذكاء مع الموقف بقبولهم حل أزمة الطائرة الحربية التي أسقطتها تركيا عام 2015 بلا مقابل حقيقي، مؤكدا أن صفقة الصواريخ قربت تركيا من روسيا رغم أنها بقيت تتموضع في الحلف الغربي.

المصدر : الجزيرة