لماذا ألغى رئيس وزراء الجزائر قرارات سلفه؟

أحمد أويحي رئيس الوزراء الجزائري
أويحيى سارع بعد تنصيبه لإلغاء قرارات هامة اتخذها سلفه (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

لم يتفاجأ المراقبون في الجزائر من قيام رئيس الوزراء الجديد أحمد أويحيى بإلغاء قرارات اتخذها سلفه عبد المجيد تبون الذي لم يعمر في منصبه أكثر من ثمانين يوما، وربط هؤلاء سرعة إلغاء القرارات برغبة السلطة في طي صفحة حكومة تبون واسترضاء رجال المال والأعمال الذين صارت كلمتهم مسموعة.

غير أن هناك من يعتقد أن كلا من أحمد أويحيى وقبله عبد المجيد تبون مارسا صلاحيتهما الدستورية في إصدار القرارات أو إلغائها دون أي حسابات أو خلفيات سياسية.

وكان رئيس الوزراء الجديد قد ألغى مرسوما أصدره سلفه بشأن تشكيل مفتشية عامة تتولى مراقبة إنفاق المال العام تابعة لرئاسة الوزراء، مثلما ألغى مرسوما ثانيا يخضع منح رخص استيراد عدد من المواد لسلطة رئيس الوزراء، كما ألغى اجتماعا كان مقررا نهاية سبتمبر/أيلول الحالي بين الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي رجال الأعمال.

ويرى الوزير السابق ورئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي أن رئيس الوزراء يملك كل الصلاحيات الدستورية لاتخاذ القرارات أو إلغائها.

وقال ساحلي للجزيرة نت إن رئيس الوزراء ألغى قرار تشكيل المفتشية العامة لمراقبة الإنفاق العام لأن إنشاء المفتشية هو إضافة للبيروقراطية الموجودة أصلا "كما أن إلغاءها لا يعد تسامحا مع الفساد وهدر المال العام".

أما بخصوص رخص الاستيراد فيعتقد ساحلي أن ضبطها أمر مقبول للتحكم في فاتورة الواردات "لكن ربطها بصلاحيات رئيس الوزراء يعطيها أكثر من حجمها"، مضيفا أن إلغاء هذا القرار وإعادة صلاحية منح رخص الاستيراد للجنة مشتركة بين عدة وزارات "إجراء كاف جدا".

تبون غادر رئاسة الوزراء بعد دخوله في صراع مع رجال الأعمال (الجزيرة)
تبون غادر رئاسة الوزراء بعد دخوله في صراع مع رجال الأعمال (الجزيرة)

من جهته، قال رئيس تحرير موقع "سبق برس" الإخباري محمد رابح إن التغيير الحكومي الذي أعلن عنه قبل أكثر من أسبوعين جاء نتيجة خلاف علني بين الحكومة وأهم رجال الأعمال في الجزائر، لذلك فمن الطبيعي أن لا تقتصر نتائج حسم الصراع لصالح معسكر المال على إبعاد عبد المجيد تبون من رئاسة الوزراء وإنما يمتد ذلك لإلغاء قرارات تحفظ عليها رجل الأعمال المقرب من السلطة ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد.

واعتبر رابح -في حديث للجزيرة نت- أن إلغاء القرارين هو نتيجة لاقتناع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتقارير وصلته عن قيام رئيس الوزراء السابق بجمع صلاحيات كبيرة بين يديه واتباع سياسة ترويجية تظهره عدوا للفساد في سلطة متهمة بالفساد.

وأشار إلى أن مثل هذا السبب كاف لتنحيته من منصبه "لأن الرئيس بوتفليقة على مدار سنوات حكمه أقال وزراء ومسؤولين كبارا في الدولة أرادوا أن يزاحموه في الظهور الإعلامي وفي اتخاذ القرار السياسي".

وقال إن إلغاء القرارين يشكل أولوية من أجل طي سريع لفترة عبد المجيد تبون خصوصا وأن البلد تستعد لإجراء انتخابات رئاسية في 2019.

مبنى رئاسة الوزراء في الجزائر (الجزيرة)
مبنى رئاسة الوزراء في الجزائر (الجزيرة)

من جهته، قال الباحث الجامعي محمد باشوش إن آثار عبد المجيد تبون ستمحى "لأنه عيّن على أساس سيناريو استمرار بوتفليقة في الحكم لولاية الخامسة وجيء به لرفع شعبية الرئيس".

ويرى باشوش -في حديث للجزيرة نت- أن هذا السيناريو قد تم التخلي عنه لفائدة سيناريو بديل وهو خليفة الرئيس، وما يجري الآن هو الإعداد لشخصية تخلف الرئيس الحالي والبداية بتجنيد رجال المال "لأنهم حجر الزاوية في تمرير وتسويق الخليفة".

وأخلى الباحث أويحيى من أي مسؤولية عن إلغاء هذه القرارات "لأن الرجل مجرد منفذ جيد لقرارات يتخذها من بيده زمام السلطة".

أما الحقوقي والناشط السياسي عمار خبابة فيعتقد أن إلغاء قرارات لم يمض عليها سوى بضعة أسابيع إنما هو دليل على أن الحكومة تسير بالارتجال.

وقال خبابة للجزيرة نت إن هذا الإلغاء يكشف أيضا "أن لا وجود لشيء اسمه برنامج الرئيس بوتفليقة بل مجرد كلام هلامي يفسره كل مسؤول حكومي حسب هواه".

وأكد أن هذا الارتجال هو صورة مصغرة عما يجري في أعلى هرم السلطة منذ مرض الرئيس بوتفليقة، ويؤكد أن أصحاب المال صارت لهم كلمة نافذة في صناعة القرار السياسي.

المصدر : الجزيرة