"الريحان الدامي".. عاملات فلسطينيات بمستوطنات الأغوار

العاملات في المستوطنات الزراعية الاسرائلية يتعرضن للإهانة والضرب أحيانا
العاملات في المستوطنات الزراعية الإسرائيلية يتعرضن للإهانة والضرب أحيانا (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

مع ساعات الفجر الأولى تغادر السيدة الفلسطينية آمنة محمد منزلها في قرية الزبيدات شمال أريحا للعمل في مستوطنة "أرجمان" المقامة على أراض زراعية بالأغوار الشمالية الفلسطينية.
 
وتعمل آمنة، ومعها نحو مئة امرأة من قريتها، في قطف الريحان والزعتر والبصل لأكثر من ثمان ساعات يوميا بلا عقد عمل ولا تأمين صحي، وتقول إنهن يتعرضن للإهانة وأحيانا للضرب من قبل المشغلين.
 
تقول آمنة للجزيرة نت، وهي أم لسبعة أبناء بينهم طالبان جامعيان، إنها مجبرة على العمل لإعالة عائلتها ولفقدان فرص الشغل في قريتها خاصة وفي منطقة الأغوار عامة.
 
وآمنة واحدة من نساء عديدات وثق فيلم "الريحان الدامي"، الذي عرض في رام الله لمخرجته إيليا غربية، معاناة عملهن في المستوطنات الزراعية الإسرائيلية بالأغوار كجزء من عمل بحثي لمرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية عن عمل النساء غير المنظم في الضفة الغربية.

وتقول إحدى العاملات التي رفضت إظهار وجهها في الفيلم، إنها كانت تعمل في مزرعة عائلتها الخاصة قبل أن يصادر الاحتلال أرضها وتضطر للعمل في المستوطنات الإسرائيلية.
 
وتعمل هؤلاء النسوة عبر وسطاء عرب، وتقول إحداهن إنهن يتعرض للإهانة والشتم والضرب والتهديد بالطرد من العمل في حال أي تقصير، كما تعاني معظمهن من مشاكل صحية ناتجة عن ظروف العمل الصعبة.
 
وتتقاضى العاملة ما معدله 80 شيكلا يوميا (الدولار يعادل 3.5 شيكلات) وبما يوازي 500 دولار شهريا.
 
ولا يوجد قانون يحكم عملهن، إذ تعتبر السلطة الفلسطينية العمل في المستوطنات مخالفا للقانون، كما لا يعترف بهن قانون العمل الإسرائيلي، في وقت يتعاقد مديرو المزارع من المستوطنين مع مشغلين عرب ولا يعترفون بحقوق من يوظفهم هؤلاء من أبناء وبنات قرى الأغوار.
 
وتخشى العاملات الإفصاح للمراقبين المحليين والمنظمات الحقوقية عن ظروف عملهن بسبب خوفهن من فقدان مصدر رزقهن.
 
ويحاول الفيلم طرح الحاجة لبديل يدعم إنشاء مشاريع نسوية تطالب بها العاملات داخل التجمعات السكانية في الأغوار وقريبا من عائلاتهن وأطفالهن.
 

‪آمنة محمد أم لسبعة أبناء مضطرة للعمل في المستوطنة لإعالتهم بعد مصادرة‬ الاحتلال معظم اراضي قريتها(الجزيرة)
‪آمنة محمد أم لسبعة أبناء مضطرة للعمل في المستوطنة لإعالتهم بعد مصادرة‬ الاحتلال معظم اراضي قريتها(الجزيرة)

تحوّل الفلاح إلى عامل
وبسبب سياسة مصادرة الأراضي ومصادر المياه والتضييق على السكان وإفقارهم، تحوّل أصحاب الأراضي الفلسطينيين في الأغوار إلى عمال في أراضيهم المصادرة.
 
وينتقد الفيلم تصريحات السلطة والدول المانحة عن التنمية في مناطق الأغوار، ويصفها بـ"الحبر على ورق". ويشير إلى أن صندوق الكرامة، الذي أنشأته السلطة عام 2010 لخلق فرص عمل بديلة للعاملات في الأغوار، "لم يوفر وظيفة".
 
وحسب معطيات مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية فإن إسرائيل تحظر على الفلسطينيين استخدام 85.2% من مناطق الأغوار والبحر الميت. وتحتل مستوطناتها مساحة 83% من أراضي الأغوار، وتصنف نسبة عالية منها محميات طبيعية أو مناطق تدريب عسكرية أو أراضي دولة.
 
وفي حين يقدر عدد العاملين في المستوطنات الزراعية بالأغوار بنحو 15 ألف فلسطيني، لا تتوفر لدى السلطة والمؤسسات الفلسطينية معطيات عن نسبة النساء منهم، رغم تحول عملهن إلى ظاهرة واسعة، حسب المرصد.
 
ويقول الباحث في المرصد إياد الرياحي للجزيرة نت إن العاملات لا يحصلن على عقود وتعمل نسبة كبيرة منهن في أراضي عائلاتهن المصادرة من الاحتلال.
 
ويشير إلى انتشار عال للبطالة في صفوف الذكور بالأغوار، في حين تتوفر فرص العمل للنساء في المستوطنات الزراعية لسهولة السيطرة عليهن ولانخفاض أجورهن.

المصدر : الجزيرة