تركيا وإيران.. "الكردستاني" يدفعهما لتعاون تكتيكي

ANKARA, TURKEY - AUGUST 16: President of Turkey Recep Tayyip Erdogan (R) shakes hands with General Staff of the Armed Forces of Iran, Mohammad Bagheri (L) ahead of their meeting at Presidential Complex in Ankara, Turkey on August 16, 2017.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستقبلا رئيس الأركان الإيراني محمد باقري في أنقرة (الأناضول)

خليل مبروك-إسطنبول 

الدعم الأميركي السخي للمقاتلين الأكراد جمع بين تركيا وإيران على مائدة واحدة، إذ سافر رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري على جناح السرعة إلى أنقرة، معلنا ميلاد تعاون بين البلدين لم يرق لمستوى لتحالف.

وحظيت زيارة باقري باهتمام كبير، حيث استقبل من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحظي بتغطية من وسائل الإعلام التركية التي وصفت العلاقات بين البلدين بخصوص الملف الكردي بــ "تعاون تكتيكي".

وقال الرئيس التركي عقب لقائه باقري إن تركيا قد تشن في أي لحظة عملية عسكرية مشتركة مع إيران ضد المليشيات الكردية على جانبي الحدود، مشيرا إلى أنه بحث هذا الخيار مع باقري.

كابوس الكردستاني
تعتبر تركيا إقامة أي كيان كردي على حدودها خطا أحمر، وترى أنه يمنح الزخم للمشروع الانفصالي الذي يقوده حزب العمال الكردستاني الذي خاض ضدها منذ تأسيسه عام 1984 قتالا ضاريا أوقع نحو 45 ألف قتيل من الجانبين.

ونعمت ولايات الجنوب التركي بفترة من الهدوء وفرته عملية السلام التي انطلقت بين حزب العمال والحكومة التركية منذ اعتلاء حزب العدالة والتنمية سدتها في العام 2002، لكنها انهارت في يوليو/تموز عام 2015 لتتحول الحرب في الشمال السوري لكابوس يؤرق صانع القرار التركي.

عملت أنقرة على تقويض نفوذ المليشيات الكردية في الرقة ومنبج وغيرهما، قبل أن تلقي بثقلها العسكري لمواجهتها في "درع الفرات" التي انتهت أواخر مارس/آذار الماضي بإخراج تلك المليشيات من عدد كبير من معاقلها خاصة في مدينتي جرابلس والباب.

لكن النجاح العسكري التركي لم يكن كافيا لإقناع الولايات المتحدة بالعدول عن دعم "وحدات حماية الشعب" الكردية، لمواجهة تمدد تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي قاد -وفق مراقبين- إلى تقارب تركي إيراني بديل لمواجهة عدو مشترك هو حزب العمال الكردستاني.

استفتاء
ويسود اعتقاد واسع في صفوف الأتراك أن التحرك الإيراني الجديد نحو تركيا هو انعكاس طبيعي لإعلان عدد من القوى السياسية التركية يوم 25 سبتمبر\أيلول المقبل موعدا لإجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان شمال العراق رغم معارضة بغداد الحليف الوثيق لطهران

‪‬ أوكتاي يلماز: الاستفتاء في إقليم كردستان العراق أحد دوافع زيارة رئيس الأركان الإيراني لتركيا(الجزيرة)
‪‬ أوكتاي يلماز: الاستفتاء في إقليم كردستان العراق أحد دوافع زيارة رئيس الأركان الإيراني لتركيا(الجزيرة)

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أوكتاي يلماز أن موضوع الاستفتاء هو أحد دوافع زيارة -وصفت بالتاريخية لأنها الأولى من نوعها على هذا المستوى منذ أربعين سنة- رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري لأنقرة.

وقال يلماز للجزيرة نت إن إيران استخدمت حزب العمال مرارا للإضرار بتركيا، وأضاف أن كثيرا من المفكرين الإيرانيين كانوا يرفضون وصف الحزب من قبل تركيا بالخطر والإرهابي قبل أن يطل مشروع الانفصال برأسه على الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.

وأضاف يلماز "لدى طهران مشروع جيوسياسي، يقوم على مد النفوذ عبر سوريا والعراق ولبنان إلى البحر المتوسط، وامتلاك أوراق قوة أخرى في المنطقة"، وتابع "هذا المشروع يصطدم قطعا بمشروع إسرائيلي أميركي لتفتيت المنطقة وتقسيمها باستخدام حزب العمال كقوة على الأرض، وهذا سبب آخر لتوجه إيران للعمل مع تركيا على مواجهة الحزب".

تعاون محدود
ويعتبر يلماز أن التعاون التركي الإيراني منطقي للغاية في مواجهة الكردستاني، الذي ينشط إقليميا عبر أذرع ومسميات مختلفة في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، مشيرا إلى أن للجارين الكبيرين والقويين مصلحة مشتركة في مواجهة "الكردستاني" وإن اختلفت الحسابات والمصالح السياسية.

ويتوقع يلماز أن يؤثر التعاون بين أنقرة وطهران في بعض الحسابات لدى الجانبين دون أن يصل إلى التحالف، الذي لا يمكن بناؤه أو تقويضه بين يوم وليلة على حد تعبيره.

ويستبعد المحلل السياسي قيام البلدين بحملة عسكرية مشتركة قريبا، لأنهما بحاجة إلى التحاور والتنسيق والتعاون خاصة في ملفات سوريا والعراق، لافتا إلى أن مجرد الإعلان عن هذا التعاون هو تقدم في العلاقة بينهما.

وكانت صحيفة صباح التركية ذكرت في تقرير لها أن إيران ستنهي في موعد لا يتجاوز الخامس من سبتمبر\أيلول المقبل وضع اللمسات الأخيرة على خطة عسكرية لمواجهة الانفصاليين الأكراد في تسعة مواقع خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الجاري.

المصدر : الجزيرة