صناديق الاقتراع بألمانيا.. حلبة صراع بين برلين وأنقرة

German Foreign Minister Sigmar Gabriel and his Turkish counterpart Mevlut Cavusoglu attend a news conference in Ankara, Turkey, June 5, 2017. REUTERS/Umit Bektas
وزير خارجية تركيا (يمين) بمعية نظيره الألماني في مؤتمر صحفي بأنقرة (رويترز-أرشيف)

خليل مبروك-إسطنبول

تتراكم ملفات الخلاف على طاولة الحوار التركي الألماني، لترفع منسوب التوتر الذي يحكم علاقات البلدين رغم ما يجمعهما من اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي وعسكري بصفهما عضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومن آخر الحلقات دعوة أنقرة للألمان ذوي الأصول التركية بعدم التصويت للحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة.

وقد تصاعدت حدة الخلاف بين البلدين بدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للألمان ذوي الأصول التركية لعدم التصويت لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل بالانتخابات الألمانية المرتقبة في سبتمبر/أيلول المقبل، ردا على موقف برلين المتصلب من استمرار المفاوضات الأوروبية التركية بشأن اتفاقية الاتحاد الجمركي.

وقال أردوغان في تصريح صحفي "أقول لجميع مواطنيّ بـ ألمانيا لا تدعموا المسيحيين الديمقراطيين ولا الحزب الاشتراكي الديمقراطي ولا حزب الخضر، إنهم جميعا أعداء لتركيا". وانتقدت ألمانيا بشكل سريع تصريحات أردوغان، ووصفها وزير خارجيتها زيغمار غابرييل بالتدخل الاستثنائي في سيادة بلاده.

الاستفتاء التركي
وعلق الباحث بمركز أنقرة للبحوث والدراسات الإستراتيجية جاهد توز على تصريحات غابرييل بالقول إن الألمان هم الذين تدخلوا في العملية الديمقراطية التركية أولا حين حاولت برلين التأثير على نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية بتركيا في أبريل/نيسان 2016.

‪توز: الألمان تدخلوا بشؤون تركيا قبل عام بالدعوة لرفض التعديل الدستوري‬ توز: الألمان تدخلوا بشؤون تركيا قبل عام بالدعوة لرفض التعديل الدستوري (الجزيرة)
‪توز: الألمان تدخلوا بشؤون تركيا قبل عام بالدعوة لرفض التعديل الدستوري‬ توز: الألمان تدخلوا بشؤون تركيا قبل عام بالدعوة لرفض التعديل الدستوري (الجزيرة)

وذكر توز -في حديثه للجزيرة نت- بالتصريحات الحادة لعدد من المسؤولين الألمان، والتي دعوا فيها الأتراك للتصويت بــ "لا" في استفتاء تعديل الدستور للانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

كما أشار إلى منع برلين ثلاثة مسؤولين من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، بينهم وزراء من لقاء الأتراك في ألمانيا، والبالغ عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون، لعرض موقف الحزب عليهم في موضوع تعديل الدستور.

وكانت صحيفة يني شفق التركية نشرت الأسبوع الماضي تقريرا قالت فيه إنه تم رصد الجنرال التركي عادل أكسوس في أحد المطاعم التركية بمدينة هانوفر الألمانية، ويتهم أكسوس بأنه الشخصية التنفيذية الأولى في محاولة الانقلاب الفاشل صيف العام الماضي.

تسليم أكسوس
وعقب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على تقرير الصحيفة التركية بالقول إن بلاده سلمت ألمانيا مذكرة تدعوها لتسليم أكسوس لأنقرة، ولبيان الحقيقة تجاه المعلومات التي أوردها التقرير الصحفي عن حصول أكسوس على إذن للإقامة في ألمانيا.

وقال توز إن إيواء ألمانيا للكثير من "المتورطين" في محاولة الانقلاب وتوتر العلاقات بين البلدين، لكن تراكم الأدلة والوثائق عن لجوء أكسوس لألمانيا يعد اختراقا للخطوط الحمراء التركية التي تصنف الرجل باعتباره الشخصية الثانية في جماعة الخدمة المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب بعد رئيسها فتح الله غولن.

ووجهت الصحف التركية انتقادات لاذعة لبرلين وللمستشارة ميركل، ووصفت ألمانيا بممارسة العنصرية والتحالف مع الاٍرهاب العالمي لاستهداف تركيا.

كما ركز الإعلام التركي على مواقف أوروبية معارضة لموقف برلين الرافض لاستمرار مباحثات الاتحاد الجمركي، ومن هذه المواقف تصريح وزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا والأميركتين ألن دنكن أثناء زيارته لتركيا قال فيه إن على المجتمع الدولي أن يفهم "صدمة وزلزلة" تجربة محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/تموز 2016 على تركيا وشعبها".

‪قاعود يستبعد تطور التوتر التركي الألماني ليصبح نزاعا قانونيا بالمحافل الدولية‬ قاعود يستبعد تطور التوتر التركي الألماني ليصبح نزاعا قانونيا بالمحافل الدولية (الجزيرة)
‪قاعود يستبعد تطور التوتر التركي الألماني ليصبح نزاعا قانونيا بالمحافل الدولية‬ قاعود يستبعد تطور التوتر التركي الألماني ليصبح نزاعا قانونيا بالمحافل الدولية (الجزيرة)

سقف التصعيد
ورغم كل ذلك، فإن توز استبعد تطور الأمر إلى مرحلة قطع العلاقات أو تجميدها نظرا لحجم التبادل التجاري الكبير بين أنقرة وبرلين، فألمانيا أكبر الشركاء التجاريين لتركيا بحجم تبادل تجاري يبلغ 35 مليار يورو (41 مليار دولار) سنويا، وقد أعلنت أنقرة قبل شهرين أنها تعمل على مضاعفته إلى سبعين مليارا (82 مليار دولار).

كما يستبعد الكاتب والباحث بالقانون والعلاقات الدولية أحمد قاعود أيضا تطور الخلاف بين البلدين إلى نزاع قانوني في المحافل الدولية، مرجحا أن يظل التوتر محكوما بسقف المناكفات السياسية. وأضاف قاعود أن التصعيد الدبلوماسي وإحياء ملفات الخلاف وتبادل الاتهامات والتحريض في الإعلام يمثل أهم أوراق الضغط المتبادل بين برلين وأنقرة.

وأشار الباحث بالشأن التركي للجزيرة نت إلى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 103\36 الصادر عام 1981 ينص على أنه لا يحق لأي دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لأي دولة أخرى. ويقول قاعود إن تركيا حازت ملفات ووثائق كثيرة تثبت التدخل الألماني بالاستفتاء الدستوري التركي، لكنها لم تقدمها لأي هيئة قضائية دولية لإدراكها أنها لن تصل من ورائها لأي نتيجة.

المصدر : الجزيرة