ليبيا.. مشاريع متوقفة بحاجة إلى المليارات

مشروع إنشاء 2000 وحدة سكنية بالمنطقة الشرقية متوقف عن العمل ونسبة الإنجاز فيه 30% والشركة المنفذة هيونداي أمكو الكورية – صفحة جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية.
مشروع إنشاء ألفي وحدة سكنية بالمنطقة الشرقية لم تتجاوز نسبة تنفيذه 30%

فؤاد دياب-الجزيرة نت

منذ اندلاع ثورة 17 فبراير قبل ست سنوات توقفت المشاريع التنموية والاستثمارية التي تعاقدت عليها الدولة الليبية مع الشركات الأجنبية، وغادرت هذه الشركات ليبيا خوفا من الفوضى الأمنية.

وقد تسبب تعطل تنفيذ العقود في حدوث أضرار على الدولة والشريك الأجنبي على حد سواء، في حين يعتقد مسؤولون أن هناك حاجة لأموال طائلة واستقرار أمني لعودة الشركات المتعاقدة إلى ليبيا.

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة بطرابلس عبد الرحمن السويحلي قد اجتمع في وقت سابق مع وفد من المجلس التركي لرجال الأعمال بشأن عودة الشركات التركية لاستئناف أعمالها المتوقفة منذ عام 2011.

وكلف السويحلي رئيس لجنة المشروعات والتنمية الاقتصادية في المجلس الأعلى كمال الجطلاوي بمتابعة ملف عودة الشركات التركية، والصعوبات والتحديات التي تواجه عودتهم إلى ليبيا.

خسائر
والتقت الجزيرة نت كمال الجطلاوي الذي قال إن ليبيا تكبدت خسائر اجتماعية واقتصادية جراء توقف المشاريع وعدم استكمالها. وأوضح أن الخسائر الاجتماعية تمثلت في عدم استفادة المواطن من مشاريع الإسكان، خصوصا أن البلاد تعاني نقصا في الوحدات السكنية.

وأضاف الجطلاوي أن الآثار الاقتصادية تجلت في مطالبة بعض الشركات بمستحقاتها المالية، لأن الدولة الليبية لم تستدعها لاستكمال مشروعاتها، مما دفع بعض المتعاقدين إلى رفع قضايا أمام المحاكم للمطالبة بحقوقهم المالية.

‪الجطلاوي: سيتم الاعتماد على الشركات المحلية لتنفيذ المشاريع الجديدة (‬  الجطلاوي: سيتم الاعتماد على الشركات المحلية لتنفيذ المشاريع الجديدة (الجزيرة)
‪الجطلاوي: سيتم الاعتماد على الشركات المحلية لتنفيذ المشاريع الجديدة (‬  الجطلاوي: سيتم الاعتماد على الشركات المحلية لتنفيذ المشاريع الجديدة (الجزيرة)

وكشف الجطلاوي أن إجمالي مشروعات التنمية بلغ 23 ألف مشروع بقيمة إجمالية بلغت ما يقارب 86 مليار دينار ليبي (نحو 63 مليار دولار)، وأوضح أن نسب إنجاز هذه المشاريع متفاوتة.

وعن رؤية مجلس رجال الأعمال الليبي التركي لحل المشكلة واستئناف المشاريع، قال رئيس المجلس عبد الهادي البكاي إن استئناف المشاريع يتطلب قرارا سياسيا لفتح الملفات العالقة التي ترجع لسنوات ما بعد ثورة فبراير.

وأشار البكاي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحل الأنجع للخروج من هذه المشكلة هو جمع الفرقاء على طاولة واحدة من خلال تنظيم ورش عمل واجتماعات لتسليط الضوء على هذه المشكلة، ووضع الحلول بطريقة مهنية ترضي الجميع، فضلا عن إمكانية الاستفادة من تحكيم بعض الدول.

وكان رئيس المجلس التركي لرجال الأعمال قد أعرب عن رغبة الشركات التركية بالعودة إلى ليبيا واستئناف المشاريع المتعاقد عليها حال توفر الظروف السياسية والأمنية الملائمة لذلك.

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي علي شنبيش أن الحل يستوجب "توفير الأمن وإعادة تقييم العقود المبرمة وتعويض الشركات التي تعرضت ممتلكاتها للنهب، وتوفير النقد الأجنبي للشركات لضمان إيفائها بالتزاماتها".

غياب التمويل
ويشير الجطلاوي إلى أنه لا يمكن الاعتماد على الشركات المحلية في استكمال المشاريع المتوقفة بسبب العقود المبرمة بين الدولة الليبية والشريك الأجنبي، وأن فسخ العقود يترتب عليه إجراءات مالية لا تستطيع الدولة تحملها.

ويضيف "أما المشاريع الجديدة فسيتم الاعتماد على الشركات المحلية من أجل تنمية القطاع الخاص".

ويوضح رئيس لجنة المشروعات أن المشكلة الأساسية في عدم دعوة الشركات لاستكمال مشروعاتها هو غياب تمويل مالي لهذه الشركات.

واتفق رئيس مجلس رجال الأعمال الليبي التركي مع ما ذهب إليه الجطلاوي، إذ قال إن الشرط الأساسي الذي تطالب به الشركات المتعاقدة مع ليبيا هو ضمان التمويل المالي فقط، أما الشق الأمني فيمكننا التغلب عليه.

‪البكاي: استئناف المشاريع يتطلب قرارا سياسيا‬ (الجزيرة)
‪البكاي: استئناف المشاريع يتطلب قرارا سياسيا‬ (الجزيرة)

كما بين الجطلاوي أن الخزانة العامة للدولة تعاني عجزا في الميزانية العامة، حيث يقدر العجز في كلا المصرفيين المركزيين بطرابلس والبيضاء بنحو 65 مليار دينار ليبي (نحو 47 مليار دولار) نتيجة انخفاض أسعار النفط عالميا، واعتماد الاقتصاد الليبي على عائدات هذه السلعة فقط.

وكشف الجطلاوي أن المجلس الرئاسي أصدر مؤخرا قرارا باعتماد اللائحة التنفيذية لمشروع الصكوك لعام 2014 الصادر عن المؤتمر الوطني العام، والذي سيعمل على تمكين المصارف التجارية من الاستثمار في مشروعات التنمية.

وأوضح أن هذه الخطوة ستحرك عجلة التنمية من خارج ميزانية الدولة دونما حاجة إلى إيرادات النفط.

وأشار إلى أن أول هدف للجنة هو شراء الوحدات السكنية التي تحت الإنجاز من قبل المصارف التجارية التي ستستكمل مع المقاولين أنفسهم، ومن ثم تبيع للمواطنين.

وبحسب مراقبين، فإن المشاريع التنموية والاستثمارية والعجلة الاقتصادية في ليبيا ستبقى متوقفة تنتظر تحقيق الاستقرار السياسي والمالي وإنهاء التجاذبات السياسية والفوضى الأمنية حتى تعود الشركات الأجنبية لاستكمالها.

المصدر : الجزيرة